تقرير اقتصادي : المحفظة الوطنية... شفافية محدودة تثير غبار الشائعات

نشر في 05-09-2013 | 00:03
آخر تحديث 05-09-2013 | 00:03
No Image Caption
• أسئلة مختلفة عن أدائها ومكوناتها ودورها ونسب المخاطر والسيولة فيها
• تصريحا وزير المالية عززا حالة اللبس والتردد في البورصة
ليس المطلوب من المحفظة الوطنية أن تمنع نزول البورصة أو أن تنفخ في أسعار الأصول أو أن تجري عملية تجميل لأسهم قبيحة غارقة في الديون، أو أن تُسأَل عن التجاوزات المالية والقانونية أو حتى الأخلاقية، بل تتصرف بقدر من الشفافية.

في نهاية الأسبوع الماضي وبداية الجاري، أصدر وزير المالية الشيخ سالم العبدالعزيز تصريحين بشأن البورصة وتعاملاتها، أكد في أولهما أن «التدخل في البورصة ليس من نهج وزارة المالية»، ليعود في الثاني التصحيحي ليقول إن «تصريحه السابق لم يفهمه الكثيرون بشكل دقيق، فوزارة المالية لا علاقة لها بالمحفظة الوطنية التي أنشأتها وتديرها الهيئة العامة للاستثمار، إذ إن المحفظة الوطنية لاتزال وستستمر في العمل وفق الضوابط والأهداف التي تأسست من أجلها، وبالتالي فإن المالية ليست الجهة المختصة بهذا الشأن».

وبغض النظر عن كون الهيئة العامة للاستثمار تتبع وزير المالية، فإن التصريحين (الأول والتوضيحي) عزّزا حالة اللبس والتردد بين المتعاملين في البورصة، فضلاً عن فتحهما الباب للحديث عن المحفظة الوطنية ودورها المفترض، خصوصاً أنها تحولت لدى العديد من المتداولين إلى جهة يُنسَج عليها الكثير من الشائعات دون أن تصدر معلومات توضيحية عن طبيعة عملها.

 

تساؤلات 

 

والمحفظة الوطنية الاستثمارية تأسست عام 2009 لتجنيب بورصة الكويت آثار الأزمة المالية العالمية ولتحقيق عوائد جيدة وفقاً لسياسات استثمارية صرفة، ومع هذا لم تعلن المحفظة، التي تديرها شركات استثمارية خلال هذه الفترة، اي بيان عن ارباحها او خسائرها او مكوناتها، وهل تلعب دور صناع السوق على اسهم معينة ام انها تستثمر بشكل طويل الأجل؟ وما هي اهداف الاستثمار ونسب المخاطرة وتنوعها؟ وما نسبة النقد والودائع والأسهم في مكونات هذه المحفظة، فضلاً عن مدى توافق ادائها مع اداء السوق، وهل تحقق نتائج افضل من ادائه أم أسوأ؟

هذه اسئلة لا تجد للأسف من يجيب عنها، خصوصا أن رأسمال المحفظة الإجمالي بلغ 1.5 مليار دينار، في حين أن ما تم سداده فعليا من الجهات الحكومية المساهمة في هذه المحفظة بحدود 750 مليون دينار، مما يفتح مزيدا من ألاسئلة حول الآلية التي تم تحديد رأس المال الإجمالي بها، ولماذا لم يتم سداده كاملا، وهل هناك مستويات للمؤشر يمكن زيادة ضخ الأموال لاقتناص الفرص فيها أم لا؟ 

 

الشفافية 

 

بالطبع، ليس المطلوب من المحفظة الوطنية أن تمنع نزول البورصة او ان تنفخ في اسعار الأصول او ان تجري عملية تجميل لأسهم قبيحة غارقة في الديون، أو أن تسأل عن التجاوزات المالية والقانونية بل وحتى الأخلاقية، بل ان تتصرف بقدر من الشفافية التي تجيب او تدحض العديد من الشائعات في السوق، خصوصا ان القائمين عليها في الشركات المديرة او هيئة الاستثمار دائما يتحدثون عن انهم ملتزمون بالقواعد العامة الخاصة بتأسيس المحفظة دون خوض في التفاصيل، مع أن المتداولين بحاجة اكثر إلى المزيد من هذه التفاصيل.

تقوم معظم الصناديق التابعة لشركات استثمارية، وتمتلك في شريحة كبيرة منها هيئة الاستثمار، بإعلان ادائها شهريا، بل يعلن بعضها عن اكبر 5 اسهم يمتلكها الصندوق، فإن انتهجت المحفظة الوطنية نفس السلوك فربما عززت ثقافة الاستثمار الفني القائم على ارقام وبيانات لا على مجرد مضاربات سريعة وخاطفة، اذ ان مجرد اعلان المحفظة انها تستثمر في سهم معين سيتبعه استثمارات من العديد من صغار المتداولين الذين يثقون بأي سهم تستثمر فيه الدولة.

قبل نحو 4 اشهر تجاوزت السيولة النقدية في البورصة الــ100 مليون دينار وحققت المؤشرات وقتها خصوصا السعري قفزات لافتة، ونفت الهيئة وقتذاك دخولها في هذه التعاملات، كونها لا تضارب في السوق، وأن استراتيجيتها طويلة المدى، مع العلم أنها اعلنت منذ بداية العام انها ترى المرحلة المقبلة مرحلة ممتازة للاستثمار في السوق المحلي.

طبعا لا ضرر في استثمار الدولة في البورصة، إنما الخوف ان يكون الاستثمار موجهاً لأسهم لا قيمة استثمارية لها، وهو الأمر الذي يتنافى مع ابسط قواعد الاستثمار السيادي، خصوصا ان المعلومات شحيحة في هذا الإطار، وبالتالي فإن فرص الشائعات عن المحفظة وتحركاتها تكون عالية حسب مصالح بعض المضاربين.

أزمة السوق 

 

أثبتت تعاملات الأيام الماضية في البورصة ان ازمة السوق الكويتي لا تنحصر فقط في مجرد اجواء الحرب المتوقعة على سورية، ففي بداية الأسبوع ومع ضبابية بعض المواقف الدولية تجاه الحرب عادت عدة اسواق، ومنها خليجية، لتحقق درجات متنوعة من المكاسب، الا سوق الكويت الذي استمر في تحقيق الخسائر القاسية التي تواصلت حتى اغلاق امس لليوم التاسع على التوالي، إلى درجة محت فيها المؤشرات ما بين 50 الى 70% من مكاسب العام الحالي.

وعطفاً على النقطة السابقة، يجب ان يميز اداء المحفظة الوطنية بين الأسهم التي يمكن الاستثمار في كل ما تمنحه من عائد على السهم فيها، من غيرها التي تعاني مشكلات جوهرية كالديون أو مخاطر الإفلاس او ضعف الأصول وغيرها من السموم التي دمرت شركات عديدة في البورصة، لذلك فإن نشر بيانات عن الأداء والمكونات سيخضعها للنقد والتقييم، وبالتالي تحسين الأداء واستغلال الفرص الاستثمارية اكثر.

 

التداول المؤسسي 

 

وجود محفظة وطنية للتداول في الأسهم يجب ان يكون عاملا داعما للتداول المؤسسي وتكريس سلوكيات استثمارية رصينة، قبل ان يكون بهدف تحقيق الربح، لذلك فإن الإفصاح عن العمليات يجب ان يساعد أكثر على تحقيق هذه الأهداف على المديين المتوسط والطويل.

 

back to top