صورة المرأة في شعر إبراهيم ناجي مهيمنة وغالبة وقادرة... الأنثى كل شيء والشاعر لا شيء

نشر في 22-09-2013 | 00:01
آخر تحديث 22-09-2013 | 00:01
No Image Caption
كشفت دراسة أدبية صدرت حديثاً بعنوان {صورة المرأة في شعر إبراهيم ناجي} للدكتورة عبير أبو زيد جوانب خفية في حياة ناجي، خصوصاً علاقته بالمرأة، إذ رصدت الباحثة مدى تلاشي مكانة الشاعر أمامها، وأنه ينتمي إلى عشيرة الشعراء المعذبين، ويعدّ نموذجاً للشاعر المعذب بعشقه المحروم.
توضح الدكتورة عبير أبو زيد في دراستها الأخيرة أن الشاعر إبراهيم ناجي كان متفرداً في حزنه وعذاباته وحرمانه، كان يرى نفسه لا شيء والمرأة كل شيء، يقاسي الحرمان والعذاب لكنه ليس عبداً أو ينتمي إلى المازوشيين الذين استمروا في عبوديتهم لامرأة سامتهم العذاب وجرعتهم الظمأ المرضي والتحرق الموجع، مشيرة إلى أن نص ناجي هو نص البوح على استحياء، لأن سلطة الثقافة روضت قلمه وعلمته فن المراوغة اللغوية.

 نمّط الباحثون المرأة عند ناجي في إطار عذري تغلب فيه الروحية على سواها، فقد كان ناجي علامة بارزة في العصر الحديث ضمن روحية النظرة إلى المرأة. لم يبرز مفاتن جسدها في نصه بل عبر عن حالته العاطفية وتجربته الشعورية فحسب.

انكسار الحلم

تقدّم الباحثة خلفية عن تكوين الشاعر الأسري، واقعه السياسي، وظرفه الاجتماعي حتى ينكشف النقاب عن أفكاره التي أملت عليه خصوصية الرؤية، ونقول إن ناجي ولد من رحم الرومانسية ويعتبر إنتاجه الشعري شهادة هذا الميلاد، بما يحويه من خصائص فنية تنبع من التيار الرومانسي، وتتجلى في أشعار أقرانه الرومانسيين أمثال الشابي وعلي محمود طه والهمشري.

كان ناجي محباً وعطوفاً، رقيق القلب مشرق الروح، عذب الحديث، أنيس المجلس، فليس غريباً أن يهب معظم أشعاره للحب ويستجدي حناناً ويتخيل حباً.

حبيبته هي السيدة عنايات محمود الطوير، إحدى قريباته شب على حبها منذ الصغر وأمل في الالتصاق بها مدى الحياة، وحين حرمه القدر وانكسرت فكرة الزواج منها، عاش عاشقاً منتظراً محروماً طيلة عمره. تسكن حبيبته برجاً من النور ويشير إليها في قصائده بالرمز {ع. م}، وكان يسميها زهرة المستحيل. بعدما اتفقا على الزواج، أبت أن تنتظره، وبعد تخصصها في الطب تزوجت غيره، وظل هو على حبها العفيف الذي لازمه طوال حياته، وكلما مرت به سانحة حبّ أو إعجاب بامرأة، كان يتمثل فيها فتاة حبه الأول. كانت عنايات تعرف مقدار حبه لها، لكنها لا تملك أن تمنحه أكثر من العطف، ولم تبادله حباً بحب بل أحبت شاعريته وشعره.

معبد الليل

أفرد ناجي لليل وارتباطه بالمشاعر ديوانا كاملا في عنوان {في معبد الليل}، رصدت الباحثة فيه صورتين لليل: إحداهما صورة الليل الكوني الذي لازم نص ناجي بحميمية، مبعثها تصدع الذات الشعرية وتمزقها. في نصه حالة شجنية دائمة، فالليل الزمن الأفضل لبث شكوى الفقد والحرمان والتوسل للظمأ بلقاء الأنوثة، من خلال صورة ذهنية من الخيال في حلم ليلي. هكذا الشكوى لدى ناجي ليلية، والأنين ليلي، والوصل بالمحبوبة ليلي، بالتالي هو يعادي النهار.

الصورة الثانية هي {الليل النفسي} يختزل فيها فكرة الفقد والظمأ التي يعيشها لافتتان ذهنه بالأنثى.

توحد روحي

تلاحظ الباحثة أن ناجي اعتبر الحب هو السيد والغالب، لكنه رأى محبوبته في حال عشقه من خلال عجزه عن نيل مشاعرها، فلا يتحقق التوحد الروحي في رؤيته إلا في سياق حلم ليلي.

كذلك عالج ناجي فكرة مجازية السكن في الجسد التي تعزز ارتباط الشاعر بالمرأة في النص، وتعدّ معالجة التوحد الروحي والمادي في ما سبق مقدمة لمعالجة الحلول، فالشاعر يفتح جسده في النص لتسكنه المرأة ويبين كيف صارت نفسه ملكاً لهذه التي تسكن جسده.

back to top