ليال راجحة: «حبة لولو» حُلمٌ تحقّق إنما أخافني

نشر في 07-10-2013 | 00:01
آخر تحديث 07-10-2013 | 00:01
مزيج من فرح وحزن، دمعة وابتسامة، إرادة بقاء ونضال من نوع آخر، يجمع الدراما بقالب فكاهي ويطلق من خلف المأساة أملاً جديداً.
{حبّة لولو} للمخرجة اللبنانية ليال راجحة الآتية من مجال الكليب، فيلم لبناني يستحق التقدير لمضمونه وقصته وحبكته الذكية. إنه رسالة إنسانية اجتماعية متعددة الاتجاهات، ولكل شخصية من شخصياته قصة مأساة وقرار بالمواجهة، فماذا تقول راجحة في حديثها إلى {الجريدة}؟
كيف تصفين فيلم {حبة لولو}؟

فيلم بسيط يعبّر عن  جزء من شخصيتي، أردت من خلاله الإضاءة على مواضيع اجتماعية، وتسليط الضوء عليها بلغة بسيطة غير معقدة، لذلك لا يحمل أي فلسفة أو عظات.

ما الرابط بين {حبة لولو} وأبطال الفيلم؟

من المتعارف عليه أن {اللولو} جوهرة صغيرة جميلة ومبهرة تتشكّل في صدفة بحرية تحيط بها الأوساخ، فتلفّ نفسها بها بهدف حماية ذاتها. هكذا هنّ بطلات الفيلم الثلاث: تقلا شمعون بدور {فاتن}، زينة مكي بدور}ليال}، ولورين قديح بدور {حلى}، اللواتي تحيط بهنّ وساخة اجتماعية كبيرة، لكنهن يحاولن من خلالها استخراج ما هو إيجابي بنظرهنّ للتغلب عليها.

الفيلم مقتبس عن قصة حقيقية، فماذا عن شخصياته؟

حقيقية، لكنني جمعتها في قصة واحدة مترابطة الأحداث، ليبدو الفيلم متكاملاً بدلاً من تقديم ثلاث قصص مستقلة.

غالبية الأفلام اللبنانية الراهنة تجارية، فلماذا اخترت تقديم رسائل إنسانية واجتماعية؟

لم أفكر يومًا بتغيير الواقع من خلال فيلمي، إنما الاضاءة على قضايا معينة، ولم أسعَ إلى فيلم تجاري صرف، ولم أهدف إلى تقديم فيلم يرضيني وحدي وأحفظه في مكتبتي الخاصة، من دون أن يحصد جماهيرية معينة ويصل إلى الجمهور. لذلك جذب هذا الفيلم غير التجاري الجمهور واحتل المركز الأول في شباك التذاكر منذ انطلاقه.

تحدثت عن الدعارة والاغتصاب وحقوق المرأة والطفل، وعن الفساد الأخلاقي لرجال السياسة وبيع الأملاك لذوي النفوذ... فما سبب اختيارك هذه القضايا الدسمة؟

لأنها تستفزني وتزعجني، ويمكن لأي إنسان رؤية نفسه في إحدى شخصيات الفيلم، سواء في مواقفها أو رأيها أو ردود فعلها.

هل من خطة لترويج الفيلم في الصالات العربية؟

طبعًا، وأتوقع أن تكون ردود الفعل إيجابية، رغم أن القضايا المطروحة تشكل ربما {تابو} مثل قضية {الدعارة} التي قدمتها بشكل طريف وكوميدي لا يؤذي العين ولا يستفزّ المشاهد، وحوّلت شخصية {حلى} إلى إنسانة بسيطة العقل يتعاطف الجمهور معها من دون أن يبرر تصرفاتها، إنما على الأقلّ لا يحكم عليها بقساوة، خصوصًا بعدما يرى التحول الذي يطرأ على حياتها في سياق الفيلم.

صوّر مخرجون كثر أفلامًا عن الحرب اللبنانية ونتائجها، فلماذا الإصرار على الإضاءة عليها؟

نحن جيل الحرب وشخصيتنا مكونة من مآسيها، وتصرفاتنا الاجتماعية جزء من نتائجها، ولا يمكن غض النظر عن ذلك، لكن ليس بالضروري أن نرى الحرب أو نستذكرها بالصور، فوجهت رسالة، في هذا الإطار، على لسان شخصية {فاتن} التي قالت: {بعد ما نسينا الحرب وقرفها}.

ألا يمكن استغلال السينما للإصلاح الاجتماعي؟

طبعًا، كل ما يصبّ في إطار الميديا هو وسيلة يمكن استغلالها لإيصال رسالة تحرك المجتمع. لنكن واقعيين، من يكرّس نفسه لهذه القضايا الاجتماعية لم يستطع تفعليها في الشارع، بالتالي لا يمكن التحدث عن مدينة لبنانية فاضلة لأن القوانين وإن وُجدت لا تطبّق دائمًا.

على أي أساس اخترت الممثلين؟

في مرحلة الكتابة لم أفكر بممثلين معينين، وثمة أسباب، طبعًا، لاختياري الشخصيات الخمس الأساسية، فقد اخترت لورين قديح بعد دورها في فيلمMy Last Valentine In Beirut  للمخرج سليم الترك، كونها أقنعتني بشخصيتها الصعبة والوقحة، فآمنت بقدراتها التمثيلية ورأيتها الأنسب للدور.

بالنسبة إلى الممثلة القديرة تقلا شمعون، فقد سبق أن رأيناها في دور أم مثالية، لذلك قررت كسر هذه الصورة بدور يفاجئ الجمهور، وهي برأيي الممثلة الأفضل لأدائه.

أما اختياري لبطلة الفيلم ليال، فبناء على قرار شخصي بتقديم وجه سينمائي جديد،  وكان خيارًا صائبًا لأنها حصدت ردود فعل إيجابية. أما الممثل إيلي متري فرآه الناس بأدوار كوميدية، لذلك قدمته بشخصية درامية مختلفة. وبالنسبة إلى الممثل نزيه يوسف، فتاريخه الفني كبير وأدواره رائعة سواء في التلفزيون أو المسرح.

هل سيحدث الفيلم انقلابًا فنيًا في مسيرتك؟

هو ليس انقلابًا بمقدار ما هو إعادة نظر في خياراتي واحتساب الخطوات المقبلة، خصوصًا بعد ردود الفعل الإيجابية التي تلقيتها من الصحافة والناس، وهي أكثر من الانتقادات التي نشرها بعض المواقع الإلكترونية.

مزجت الدمعة والابتسامة والمأساة بالكوميديا الساخرة، ما السبب؟

فسحة الأمل في الحياة  ضرورية ليتمكن الإنسان من الاستمرار رغم المآسي والأحزان التي يعانيها، وعبّرت عن ذلك عبر شخصيات حولت البشاعة إلى فرح وضحك لتخطي واقعها المرير.

توجه مخرجو الكليب إلى السينما، فهل من علاقة بين إخراج الكليب والسينما؟

هما مختلفان، لأن الفيلم السينمائي أصعب على صعيدي التحضير والتصوير، ويحتاج إلى وقت أطول وصبر أكبر. فيما يقتصر تصوير الكليب على بضعة أيام، وهو عمل رائع لأننا، بدقائق، نقدم فكرة معينة إلى الجمهور ونلمس ردود فعل بسرعة. لذلك سأعمل في المرحلة المقبلة على تقديم الاثنين معًا.

هل ستزيد الثقة بك كمخرجة كليب بعد نجاح الفيلم؟

ما من شك في ذلك، لأنه سيسلط الضوء عليّ أكثر. أتمنى أن يستمر النجاح وألا تؤثر أوضاع البلد غير المستقرة عليه.

كيف تفسرين نسبة حضور المشاهير والإعلاميين حفلة افتتاح الفيلم؟

فوجئت بهذا الكمّ من الناس، وأعزو ذلك إلى دور زوجي الإعلامي فيني رومي وعلاقاته الاجتماعية، فأكثرية من حضر هم من أهل الصحافة والإعلام والفن الذين تربطنا بهم صداقة ومحبة، فيما جاء جزء آخر ليرى ما سنقدمه.

في ظل اللاستقرار في البلد، ألم تغامري بإنتاجك الفيلم على نفقتك الخاصة؟

اشتركت Shadoof Productions  معKolja Digital Works وGamma Engineering في الإنتاج، فضلاً عن أنه لا يمكن انتظار الاستقرار في البلد، لأن الهدوء يكون بناء على قرار بالتهدئة وليس استقرارًا نهائيًا. من جهة أخرى، آمنت بالشعب اللبناني بعدما رأيت نسبة المشاهدين المرتفعة عبر شباك التذاكر، فشعرت بأن التوقيت مناسب، وأن هذه المغامرة تستأهل الخوض.

كيف تنظرين إلى الحركة السينمائية خصوصًا أن ثمة فيلمين مقبلين Bebe و}غدي}؟

جميل أن نلمس الإيمان بالسينما اللبنانية والاستثمار فيها، بدلا من الاستثمار في الدراما والإعلانات فحسب. أظنّ أننا نشهد صناعة سينمائية يقابلها الجمهور اللبناني بحماسة كبيرة.

في ظل التطور التكنولوجي وتفاعل الصفحات الاجتماعية عبر الإنترنت، هل أصبح إرضاء الجمهور أسهل أم أصعب؟

بات من الأسهل والأسرع إيصال إعلان معين إلى العالم وحث الناس على مشاهدة العمل، إنما ذلك غير كافٍ لأنه إذا فشل جماهيريًا، فسترمى أموال الإعلانات والإنتاج في سلة المهملات. من جهة أخرى، ثمة طريقة مختلفة للإعلان تقوم على الأخبار، أي أن من يشاهد العمل يعبّر عن رأيه إيجابًا أو سلبًا أمام سواه.

وماذا بالنسبة إلى {حبة لولو}؟

كنت متأكدة من أنه سيحظى بنسبة مشاهدين مرتفعة ليلة الافتتاح، بعد الحملة الإعلانية التي سبقته، لكنني قلقت صراحة من ردود الفعل لاحقًا. أشكر الله على النجاح الجماهيري الذي حققه.

ما جديدك؟

نحن في مرحلة التفكير بمشروع فيلم جديد، وثمة مشاريع على صعيد الكليب أيضًا لكنني أفضل عدم التحدث عنها قبل إنجاز التحضيرات لها.

كيف تنظرين إلى مستوى الكليب في العالم العربي؟

ثمة مخرجون رائعون، وآخرون جدد لديهم محاولات فاشلة، ربما بسبب الإنتاج مثلما حصل معي في بداياتي، لأن خفض الموازنة المتوافرة لتنفيذ العمل يجبر المخرج على التسوية والتنازل عن بعض الأمور. إنما برأيي يجب تقديم صورة جميلة بغض النظر عن نسبة الإنتاج.

 الفيلم الناجح طموح كل المخرجين، فما هو طموحك المقبل؟

أشعر بخوف... لأن الفيلم كان حلمًا تحقق بنجاح ولم يتحوّل إلى كابوس. يهمني في المرحلة المقبلة الانفصال لفترة عن العالم، لأفكر بفيلم جديد يكون على مستوى {حبة لولو}.

هل يمكن أن يحاكي المجتمع العربي؟

طبعًا. سيشارك ممثل عربي في فيلمي المقبل لكنني لن أعلن عن هويته إلا في الوقت المناسب.

الإنتاج السينمائي العربي أضخم من الإنتاج المحلي، فهل نستطيع منافسته؟

يمكننا أن ننافس السينما العربية والعالمية لأن ممثلينا محترفون، إنما يجب أن نعرف كيفية استخراج طاقاتهم الفنية، وهذا ما اكتشفته في فيلمي {حبة لولو}.

back to top