كتابات السيرة الذاتية للكبار وروايات الشباب في الصدارة

نشر في 27-12-2012 | 00:02
آخر تحديث 27-12-2012 | 00:02
طوى عام 2012 أوراقه ولملم أحداثه السياسية الملتهبة في مصر التي لم تخرج في جانبها الثقافي عن إطارها التقليدي من إصدارات وندوات ومؤتمرات وبيانات. لكن اللافت هذا العام اتساع مساحات الخوف لدى مبدعي مصر ومثقفيها من هيمنة تيار الإسلام السياسي بعد إصدار الدستور الجديد، الذين رأوا فيه تقييداً لحرية الإبداع وعدم تلبيته الطموحات نحو النهضة والازدهار الإبداعي.
اتسمت إصدارات 2012 في مصر بغلبة كتب السير الذاتية لكبار الأدباء فيما تواصلت إصدارات الشباب في مجال الرواية والشعر، فصدر للأديب بهاء طاهر كتابه «أيام الأمل والحيرة» الذي يتضمن رؤية بهاء للأحداث والتطورات التي شهدتها مصر بعد ثورة يناير والتي وصفها بأيام فارقة من تاريخ مصر. وتعبر هذه الكتابات عن رأي الأديب وتعايشه مع المتغيرات السياسية والاجتماعية، وتوقعاته للمستقبل، ويعد الكتاب جزءاً من مذكرات بهاء طاهر في أحد أشد أوقات التاريخ المصري خطورة، بحد وصفه.

كذلك صدرت للأديبة ميرال الطحاوي روايتها «امرأة الأرق» عن «الهيئة العامة للكتاب»، وتعد «سيرة إنسانية» على حد وصفها، إذ قالت: «الرواية محاولة مني للتغلب على حدود النوع الروائي، هي سرد مباشر ومعترِف وبلا أقنعة، سرد يكشف الكثير عني كإنسانة وكاتبة، سيرة أرق الكاتب لأن يكتب وماذا تعني له الكتابة، فالعمل وصفة إنسانية للأرق... سيرة روح مؤرقة بالحبر راغبة أن تبوح ولا تعرف هل البوح يكفي».

في السياق ذاته جاءت رواية «رماد مريم»، فصول من سيرة الأديب الجزائري واسيني الأعرج الذاتية، صدرت عن سلسلة «إبداع عربي» في «الهيئة المصرية العامة للكتاب» وحازت نجاحاً واسعاً، برز في الإقبال الكبير على شراء الكتاب، حتى إن الهيئة طبعت نسخة ثانية منه. وتضم «رماد مريم» 19 فصلاً، قال عنها الأعرج: «ليست رواية بل هي فصول من سيرة روائية، أي جزء من السيرة الإبداعية التي تجاوزت اليوم أكثر من 30 عاماً وأضع تلك التجارب والأعمال أمام القارئ العربي». ويشمل الكتاب البدايات الأولى وتجارب كتابته، من الرواية الأولى «نثار الأجساد المحروقة» الصادرة عام 1977، وحتى الرواية الأخيرة «أصابع لوليتا» التي تناول فيها الأعرج قضايا حياتية كثيرة.

من الإصدارات اللافتة أيضاً خلال هذا العام «الأعمال الشعرية الكاملة» للشاعر الفرنسي أرثر رامبو، ترجمة الشاعر رفعت سلام وتقديمه. تضمن الكتاب للمرة الأولى ترجمة ديواني رامبو «الألبوم الملعون» و{البذاءات». وتمثل قصائد القسمين وجهاً غير مألوف من شعرية رامبو، يمتزج فيه العبث باللعب اللفظي وبالسخرية اللاذعة، ويختتم القسم الشعري بترجمة العملين الشهيرين «فصل في الجحيم» و{إشراقات». كذلك تضمن الكتاب نصوصاً شعرية تبدأ بالكتابات المدرسية المستمدة من كراسات رامبو، والتي كتبها كنوع من «الواجب المدرسي» في مادة «البلاغة»، ثم تأتي كتاباته الأولى: «نثريات إنجيلية»، «سردية»، «قلب تحت جبة كاهن»، و{صحارى الحب»، التي تتسم بسردية شعرية يعتبرها البعض بدايةً لقصيدة النثر لديه، واستكشافاً للإمكانات الشعرية الكامنة في السرد النثري.

من رامبو إلى كفافيس، فقد صدرت للأديب الشاب طارق إمام روايته «الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس»، فتح من خلالها باباً جديداً لطرح أسئلة كثيرة حول مفهوم «الهوية»، وسر اختيار كفافيس لمدينة الإسكندرية وطبيعة علاقته كمغترب بالمفهوم الثقافي في مصر، وطبيعة أفكاره واختلافه حتى في سياق القصيدة اليونانية التي كانت تكتب في وطنه الأم. كذلك صدرت رواية «الفيل الأزرق» للأديب الشاب أحمد مراد صاحب روايات «تراب الماس «وفرتيجوا»، وتحظى رواياته بقبول واسع لدى القراء.

أعمال مرشحة للبوكر

من بين الأعمال الثقافية التي رشحت للحصول على الجوائز رواية «رجوع الشيخ» للكاتب الشاب محمد عبد النبي، والتي استطاع من خلال سرد الأحداث فيها مزج التراث العربي فوصلت روايته إلى «البوكر».

تدور الأحداث حول كاتب يسعى إلى أن يكتب نصه الأكثر حميمية، والرواية متخمة بدلالات وإحالات عن صورة المثقف الفوضوي، والمثقف الملتزم بقضايا الوطن، فضلاً عن أن النص يطرح أسئلة وجودية واضحة تكشف عن قلق الإنسان وتساؤلاته حول الوجود والعدم. تليها رواية  «تويا» للكاتب والروائي أشرف العشماوي الصادرة عن «الدار المصرية اللبنانية»،

ثم رواية الكاتب الصحافي والإعلامي إبراهيم عيسى «مولانا» التي تفضح رجال الدين والسياسة.

في مجال النقد، صدر كتاب «دفاعًا عن التراث» للناقد الدكتور جابر عصفور متضمناً مجموعة مقالات توضح أن ما يحتاج إليه التراث الأدبي للدفاع عنه لا الحاجة النظرية، وإنما الممارسة العلمية بالتقديم الجديد له، وبما تسيغه الأذواق المعاصرة رغم اختلاف تجلياته من عصر إلى عصر، وأنه هكذا يبدأ فعل الدفاع عن التراث بالتعريف به والتقريب بينه والقارئ المعاصر، بطرح تفسيرات مواكبة لمعطيات الواقع تتجاوب وجوهره الإنساني في القيمة الإبداعية التي تنجح في تخطي الحوائل كافة، ويكتمل التعريف بما يقود إليه ويسبقه من التقديم العلمي الذي يشمل التحقيق والتوثيق والكشف عن كل ما يظل في حاجة إلى كشف.

مؤتمرات وبيانات

كانت للنقاشات السياسية الغلبة في تجمعات المثقفين والأدباء على النقاشات الأدبية، فأصدر «اتحاد الكتاب» أكثر من بيان ندد فيه بهيمنة تيار الإسلام السياسي وعدم دعوة المثقفين إلى كتابة الدستور. كذلك أصدر «ائتلاف المثقفين المستقلين» بياناً في هذا الشأن أيضاً. أما عن المؤتمرات الأدبية، فقد نظم المركز القومي للترجمة مؤتمراً موسعاً بعنوان «يوم المترجم»، سعى فيه إلى إلقاء الضوء على شخصية المترجم، وطبيعة عمله الذي يعد إبداعاً موازياً للعمل الأصلي، ودوره المحوري في التواصل بين الثقافات .

وزارة الثقافة احتفت بذكرى رحيل عميد الرواية العربية نجيب محفوظ بعد انتقادات واسعة للمؤسسة الثقافية الرسمية لتجاهلها الذكرى التي مرت من دون فعل ثقافي كان ينتظره الأدباء والمبدعون، خصوصاً بعد الهجوم الذي شنه بعض فصائل التيار السلفي على عميد الرواية العربية، متهماً إبداعاته بالحض على الرذيلة.

إلى جانب الفعاليات مر عام 2012 من دون معارك أدبية تغوص في جوهر العملية الإبداعية، فدارت معركة حول قيام السلطات الأمنية بحملة لإزالة أكشاك الكتب المخالفة في شارع النبي دانيال في مدينة الإسكندرية، وأثارت هذه الحملة عاصفة من التذمر والاستياء بين المثقفين والكتاب. كذلك تجددت معركة نشر الأعمال المجهولة للشاعر أمل دنقل.

back to top