غاري شابمن في «لغات الحب الخمس»

نشر في 19-01-2013
آخر تحديث 19-01-2013 | 00:01
يمهّد طريق التعامل مع الآخرين بأبسط الأساليب
لا يزال الطلب يزداد على كتاب «لغات الحب الخمس» للكاتب الأميركي غاري شابمن، وقد ناهز عدد طبعته الأخيرة التي صدرت عن منشورات New York Times الـ 250 ألف نسخة. وقد أضيف إلى هذه الطبعة ملحق يعتبر دليلاً دراسيًا للمهتمين بهذا الموضوع.

م يبتكر الكاتب الأميركي غاري شابمن (Gary Chapman) في كتابه «لغات الحب الخمس» أساليب حديثة لا يعرفها الناس فيعلّمهم كيفية التعامل مع بعضهم البعض، ولكن جلّ ما في الأمر أنه تعرّف من خلال خبرته في الحياة إلى طرائق بسيطة يمكن لكل امرئ استعمالها ليصل في علاقته مع الآخرين إلى نقطة تسود فيها مشاعر المحبة بين الطرفين. وعند ذلك تصبح الحياة متعة، ويخيّم الحب، ويتمّ التفاهم والاحترام بين الزوجين أولاً، ثم بين أفراد العائلة، ومنها إلى مختلف العلاقات بين أفراد المجتمع.

ما هي القواعد، أو بالأحرى الأساليب التي أراد غاري شابمن أن نطبقها للارتقاء بحياتنا إلى مستوى أفضل؟ يقول المؤلف: إن العلاقة المثلى بين الناس هي تلك التي ترتكز على أمور خمسة اختبرتها في حياتي الخاصة، وطبقتها في عائلتي ومع الناس فتغيرت حياتي كليًا، وصرت أستمتع بعلاقاتي بالآخرين، كما تأثروا هم أيضًا بطريقة تصرّفي. عند ذلك رغبت في وضع خبرتي الطويلة تحت أنظار الجميع علّهم يستفيدون منها فيتغير أيضًا مجرى حياتهم نحو الأفضل. وتندرج هذه الطرائق الخمس تحت العناوين الآتية:

-1 تعابير إيجابية جازمة.

-2 هدايا.

-3 أعمال خدمة.

-4 وقت نوعيّ.

-5 اللمس الجسدي.

1- التعابير الإيجابية

تكوّن الكلمات التي نسمعها منذ الصغر إطارًا تنتظم فيه شخصيتنا وتنمو، فإذا كان الصغير يتربى في محيط يستعمل التعابير الحياتية الإيجابية التي تدلّ على المحبة والحنان والاحترام والمشاركة فإنه يكبر فرِحًا متفائلاً ولديه إحساس جميل بالتقرب من الآخرين. أما إذا ترعرع هذا الصغير في بيئة تسود فيها الكلمات الجارحة والمهينة فلا شكّ أنّ شخصيته ستعاني في المستقبل من الكآبة والأنانية والنفور والقساوة.

إذًا، فالكلام الإيجابي الذي يتعاطاه الأهل مع صغارهم، وبخاصة عندما يستأهل الصغير كلامًا إيجابيًا لطيفًا، يسهم في تكوين شخصيته ويساعدها على الانفتاح على الآخر. وكلما كبر هذا الصغير تتحوّل هذه الكلمات إلى التقدير والتشجيع وتدعو إلى المحبة والاجتهاد والخدمة والشكر وباقي الصفات الحسنة.

وهكذا في سائر علاقاتنا مع الغير، فبدلاً من قولنا: «لن تستطيع أبدًا إنجاز هذا الأمر» يمكن القول: «لقد بدأت بداية حسنة وعليك أن تتابع بجدية». وبدلاً من القول: «إن منظرك بشع في هذه الثياب» يحسن أن تقول: «لا بأس ولكن لديك ثياب تناسبك أكثر». وبدلاً من القول: «لا تفكّر بهذا الموضوع أبدًا فأنت لست مؤهلاً له» يمكن القول: «إنّني أقدّر لك هذا الطموح الكبير».

2- الهدايا

تروي سيدة كبيرة في السنّ أنّ صديقة لها أهدتها يوم ولادة طفلتها كرسيًا هزازًا لتجلس عليه عندما تهدهدها، فيساعدها على إغفائها في وقت تكون هي في وضع مريح. وقد فرحت كثيرًا لأنّ صديقتها فكرت حينذاك في سبيل راحتها، وهي لا تزال تحتفظ بالكرسي منذ 50 عامًا.

إنّ الهديّة تسرّ القلب عندما تأتي من الغير لأنها تدلّ على محبتهم لنا واهتمامهم بنا، وبخاصة إذا تمّ اختيار الهدية بما يناسب حاجتنا إليها. فالصغير يقفز فرحًا عندما يتلقى هدية، والأم تدمع عيناها، والأب يبتهج مسرورًا، والصديق يتأثر بشدّة، والمدير يرضى حتى ولو كان غاضبًا.

وإذا أمعنّا النظر في حنايا منزلنا لوجدنا العديد من الهدايا التي تلقّيناها ولا تزال تذكرنا بالمناسبة والتاريخ والشخص الذي أهدانا إياها، وقد تحمل في طيّاتها قصة طريفة أو نادرة ظريفة أو علاقة عاطفية.

3- أعمال خدمة

الخدمة هي التعبير العمليّ عن محبتنا، وقد وضعها الكثيرون في ذروة أعمال الخير.

يحكى أن ألبير أنشتاين، وهو العالم الذي اكتشف نظرية النسبية العام 1905 وكان في عمر السادسة والثلاثين، أنه نسب نجاحه إلى عالِمين سبقاه هما ماكسويل ونيوتن، وقد حان، بحسب قوله، أن توضع صورتهما بقرب صورة شويتزر وغاندي. وعندما سئل عن سبب تقديره لزميليه على هذا النحو أجاب: «لقد آن اليوم لرموز العلم أن يكونوا إلى جانب رموز الخدمة». لقد اعتبر آينشتاين أنّ الخدمة هي أعظم شأنًا من العلم.

في كل رسالة نقوم بها شيء من خدمة الآخرين، وبدون الخدمة لا يعمر بيت، ولا تتوثّق صداقة، ولا يتطوّر مجتمع. فلا تتركوا أي فرصة تفوت إن كان بإمكانكم تقديم خدمة مهما كانت يسيرة.

4- وقت نوعيّ

تزوّج مايكل من جينا قبل 6 أشهر بعد حبّ جارف طغى على كل اهتماماتهما، ولم يترك لهما حيزًا من الوقت للتفكير بأمورهما الأخرى. وتبين للزوجة بعد ذلك أنّ عمل زوجها يتطلّب مجهودًا إضافيًا كبيرًا وسفرًا متواصلاً إلى الخارج.

لم يكن لدى مايكل الوقت الكافي كي يخصصه لزوجته على الرغم من محبته الفائقة لها، ولم تستطع جينا التي اعتقدت أنها ستتمتع بوقت نوعي رائع مع زوجها طوال حياتها أن تتحمل هذا الوضع الذي اعتبرته شاذًا وغير عادل، فدبّ الخلاف بين الاثنين وانتهى إلى قطيعة ثم إلى طلاق.

إنّ الوقت النوعي الذي نخصصه للآخر يفعل فعل السحر في تنمية العلاقة. فعندما يشعر هذا الآخر بأنك تقدّم له أغلى ما في حياتك، وهو جزء من عمرك، سيغمر الفرح قلبه ويقدّر لك هذا التصرّف.

5- اللمس الجسدي

يبدأ شعور الطفل بالحب وهو لا يزال يرضع من خلال لمسات الحنان التي تحوط به. وقد دلّت الإحصاءات في دور العناية بالأطفال والأيتام أنّ أولئك الذين نرعاهم بلمساتنا الرقيقة ينمون بدون أية عقد، أما الذين يهملون ولا يتمتعون بذلك الاتصال العطوف فإنّ ردّات فعلهم غالبًا ما تكون سلبية.

ويسري هذا الأمر على الكبار أيضًا، ففي إحدى المناسبات صرّحت إمرأة مسنّة قائلة: «إنه لمن المؤسف ألاّ يتقرّب أحد من شخص مسنّ يحتاج إلى لمسة حنان بينما لا يتردّد في لمس كلب مدلّل!».

إنّ الاتصال الصادق بواسطة اللمس مع طفل رضيع، أو العناق مع حبيب، أو غمرة قريب، أو التربيت بحرارة على يد صديق تقرّب المسافات وتهدم السدود.

كتابان آخران

انطلاقًا من هذا الكتاب المفيد للكبار، وضع المؤلف كتابًا خاصًّا بالصغار، وآخر خاصًّا بالشبّان تحت العنوان نفسه. ومن النادر في هذه الأيام أن تلتقي بأميركي وتكلمه عن غاري شابمن إلاّ ويبادرك فورًا بتعداد «لغات الحب الخمس»، ولكن من النادر أيضًا أن تلتقي مسؤولاً أميركيًا يطبّق هذه اللغات في تعامله مع الآخرين.

من أقوال غاري شابمن

لا أحد لديه قدرة أقوى من الحبّ لتغيير العالم نحو الأفضل.

***

أن أُحبّ وأن أكون محبوبًا هذا ما يُعطي للحياة هدفًا جميلاً، وهذا ما يجعلني أفرح وأرى كلّ ما حولي يشعّ بالضوء.

***

المحبّة ليست حلمًا مستحيلاً

***

للحبّ أوجهٌ عدّة للتعبير، فهو يشبه الماسة المتعددة الأسطح.

***

محبّة الآخر تبدأ بخطوات عملية بسيطة يكمن فيها الاهتمام والصدق.

***

تأكّد أنّ الحبّ خيار، فاختر أن تحبّ الآخرين.

***

الحبّ مفتاح لجميع الأبواب.

back to top