حوار الطرشان: القروض (2- 2)

نشر في 05-01-2013
آخر تحديث 05-01-2013 | 00:01
 فيصل الرسمان استكمالاً لما قد سلف -أقول-

حتى إذا ما قامت الدولة بـ"خصخصة" مرافقها من دون أن تساعد الأفراد على النهوض عن طريق إسقاطها للقروض، فالهزيمة النكراء ستكون من نصيب الأفراد دون شك.

والخصخصة هذه حتمية الحدوث، لأن الكويت متجهة إليها اتجاهاً لن تلتوي رقبة راحلتها فيه، مبررة ذلك بأنها -أي الخصخصة- تساعد الدولة على الحد من نفقاتها، إضافة إلى أن الملكية الفردية أقدر بكثير من ملكية الدولة، لأن الأولى من وجهة نظر الدولة قادرة على تسيير المرفق الذي تديره بنجاح بعيداً عن البيروقراطية.

والدولة -والحديث لي- وفقاً لهذا المفهوم ستنزع ملكيتها وتنقلها إلى الخواص، الأمر الذي يجعلها تتحول إلى جهاز لا يملك ومن لا يملك لا يراقب ولا يوجه.

وفي ظل غياب الرقابة والتوجيه وانعدام الأساس التشريعي المتين الذي ينبغي أن تقوم عليه الدولة بمفهومها الجديد، فإن الفئة التي تمتلك الثروة ستبرز بشكل ملحوظ كمراكز قوى، لديها مصالح تريد تحقيقها، وبالتالي المحافظة عليها، الأمر الذي يجعلها غير متسامحة مع من يقوم بتهديد مصالحها حتى لو كانت غير مشروعة- والأغلب أنها غير مشروعة.

لذا ستجد مراكز القوى -والحال هذه- قد استحالت إلى جدار عازل يحول بين الأفراد وصناع القرار الذين سيكونون خاضعين في رسم سياستهم لرغبة تلك المراكز، وبناء عليه ستتسع رقعة التباعد بين صناع القرار والأفراد تباعداً لا يمكن رتقه مستقبلاً، لأن التباعد سيزيد من تدهور "الطبقة المتوسطة"، وإذا ما تدهورت الأخيرة، برز للعيان "الطبقة الغنية" التي سيقابلها من بعيد "الطبقة الفقيرة"، ليصبح الفرق بعد أن كان فرقاً في المستوى الاجتماعي، فرقاً طبقياً مقيتاً يرتقي فيه الغني وينحدر من جرائه الفقير.

ومن حيث ان الخصخصة تقوم أساساً على الشركات التي تحل محل الدولة، وبما أن هذه الشركات تسعى إلى الربح، فإن هذه الأخيرة لن يتسنى لها تحقيق الأرباح ما لم تقم بخفض النفقات، وخفض النفقات يعني الاستغناء عن العنصر البشري لاستبداله بعنصر آلي لا يطلب أجراً، وبذلك تزداد البطالة وتنتشر عدواها بين أفراد المجتمع.

فإذا كانت الدولة في مفهومها التقليدي لا ترحم أفرادها في كثير من الأحيان، فمن باب أولى الشركات لن تسمع أنين الأفراد ولن تلتفت إلى استجداءاتهم.

* النتيجة

إن الآثار المترتبة على الخصصخصة ستكون مؤلمة ولن أبالغ إن قلت كارثية، فإذا كان المواطن المثقل بالدين في ظل الدولة الريعية وفلسفة النمط الاستهلاكي غير قادر على تحمل أعباء الحياة من جراء القروض التي أصبحت مهددة لكيانه الأسري، فكيف ستكون له الاستطاعة على مواجهة أبسط متطلب من متطلبات الحياة، في ظل وجود "دولة الشركات" التي تفتقد دائماً الجانب الإنساني، وهذا سينعكس بالسلب على "القيم" التي يتصف بها الأغلب الأعم من الشعب الكويتي، فهذه القيم ستتلاشى تدريجياً، لأن الأسرة، وهي نواة المجتمع الذي ينبني عليها، ستتفكك حتماً، لأن الحصول على لقمة العيش سيكون عسيراً.

كما أن مشكلة الطلاق ستتحول إلى ظاهرة، ونسبة المواليد ستتدنى، والتركيبة السكانية ستختل، وهذا الأمر سيؤدي بنا مع مرور الزمن إلى فقدان الهوية.

فضلاً عن جرائم الاعتداء على الأموال وإدمان الكحول والمخدرات، وغيرها من العبث المجتمعي الذي سيمارس

-مثل- الرشوة، والزيف الاجتماعي، والخداع، والنصب والاحتيال.

* نهاية المطاف...

- إذا كان الرأي في عدم حل المديونيات الصعبة يعني انهيار النظام المصرفي.

- فإن الرأي في عدم إسقاط القروض يعني انهيار البناء المجتمعي...

والسلام.

back to top