مركبات الزنجبيل تحارب عوارض الربو
لطالما أقر الذواقة ومحبو الطعام حول العالم بأهمية الزنجبيل في إضفاء مذاق مميز لاذع بعض الشيء إلى الأطباق الحلوة والمالحة على حدّ سواء. وتُظهر دراسة أجراها أخيراً باحثون في جامعة كولومبيا مركبات مستخلصة من جذور الزنجبيل تتمتع بخصائص تساعد مرضى الربو على التنفس بسهولة أكبر.
يؤدي مرض الربو إلى تضيّق القصبات الهوائية التي تقود الهواء من الرئتين وإليهما. وتُعتبر محرضات بيتا(beta-agonists)، التي توسّع هذه القصبات، العلاج الأكثر شيوعاً لداء الربو. فتساعد هذه الأدوية العضلات الملساء في مجرى الهواء على الاسترخاء. وتناولت دراسة جديدة احتمال أن تساهم مركبات محددة من الزنجبيل في تحسين قدرة هذه الأدوية على توسيع القصبات وحمل العضلات على الاسترخاء.
تذكر الباحثة المشرفة على الدراسة، إليزابيث تاونساند، حاملة شهادة دكتوراه وتعمل راهناً في قسم علم التخدير في جامعة كولومبيا: «بات مرض الربو أكثر شيوعاً في السنوات الماضية. ولكن رغم توسّع فهمنا لأسباب المرض وطريقة تطوره، لم تتطوَّر خلال السنوات الأربعين الماضية علاجات جديدة كثيرة فاعلة تستهدف عوارض الربو. لذلك نبرهن في دراستنا أن مركبات مستخلصة من الزنجبيل تعزز عمل محرضات بيتا وتساعد العضلات الملساء على الاسترخاء».خلال الدراسة، أخذ الباحثون عضلات ملساء بشرية وجعلوا العينات تنقبض بتعريضها للأستيل كولين، مادة كيماوية تنقل النبأ العصبي وتؤدي إلى انقباض القصبات الهوائية. مزج الباحثون بعد ذلك الأيزوبروتيرينول (أحد أدوية محرضات بيتا) مع ثلاثة مركبات منفصلة مستخرجة من الزنجبيل: -6-غنغرول، -8-غنغرول، و-6-شوغاول. فعُرضت عينات العضلات لكل من هذه الخلطات، فضلاً عن الأيزوبروتيرينول وحده، وسجلوا عملية الاسترخاء في كل حالة ثم قارنوها.استخلص الباحثون أن العضلات التي عُرضت لمزيج من أحد مركبات الزنجبيل والأيزوبروتيرينول استرخت أكثر من تلك التي عولجت بالأيزوبروتيرينول وحده. ومن بين مركبات الزنجبيل الثلاثة، تبيّن أن -6-شوغاول الأكثر فاعلية في زيادة تأثير مرحضات بيتا في العضلات ودفعها إلى الاسترخاء. استرخاء العضلاتبعدما برهن الباحثون قدرة مركبات الزنجبيل على تحسين تأثير محرضات بيتا، انتقلوا إلى البحث عن الأسباب. أولاً, رغبوا في تحديد ما إذا كانت مركبات الزنجبيل فاعلة لأنها تؤثر في إنزيم يُدعى PDE4D) phosphodiesterase4D (). كشفت دراسات سابقة أن PDE4D المتوافر في الرئتين يعيق عدداً من العملية التي تساهم في استرخاء العضلات الملساء وتحدّ من الالتهاب. فاستخدم الباحثون تقنية تُدعى الاستقطاب الفلوري (fluorescent polarization)، ولاحظوا أن هذه المركبات الثلاثة كلها تعيق عمل هذا الإنزيم إلى حدّ كبير.تناولت الدراسة بعد ذلك خيوط أكتين-إف (F-actin filaments)، تركيبة من البروتين برهنت دراسات سابقة أنها تؤدي دوراً في انقباض العضلات الملساء. فاكتشف الباحثون أن 6-6-شوغاول يساهم بفاعلية في إذابة هذه الخيوط بسرعة.تشير الدكتورة تاونساند: «تُظهر البيانات أن مركبات الزنجبيل -6-غنغرول، -8-غنغرول، و-6-شوغاول تعزز عمل محرضات بيتا وتساهم في استرخاء العضلات الملساء، ما يشير إلى أن هذه المركبات قد تمنح مرضى الربو راحة أكبر عندما تُستعمل بالتزامن مع محرضات بيتا. كذلك يمكننا بفهم الآليات التي تؤثر بها مركبات الزنجبيل في مجرى التنفس أن ندرس احتمال استخدام هذه المركبات في معالجة عوارض الربو».تأمل الدكتورة تاونساند وزميلها الدكتور تشارلز إيمالا أن تتيح لهما دراسات أخرى في المستقبل الحصول على فهم أعمق للآليات الخلوية التي تساهم في استرخاء العضلات وتحديد ما إذا كان تنشق هذه المركبات المستخلصة من الزنجبيل يحمل أي فوائد علاجية لمرضى الربو وغيره من أمراض تسبب انقباض القصبات الهوائية.