باز لورمان يكشف المزيد عن The Great Gatsby

نشر في 14-05-2013 | 00:01
آخر تحديث 14-05-2013 | 00:01
يُجمع الكثيرون على أن رواية {غاتسبي العظيم} (The Great Gatsby) للكاتب ف. سكوت فيتزجيرالد تحفة أدبية. لكن تحتاج أغلبية الروايات إلى تعديلات كثيرة عند تحويلها إلى فيلم سينمائي.
انتقد محرر «غاتسبي العظيم» ماكسويل بيركنز مسودة الرواية التي نُشرت في عام 1925 وأبلغ الكاتب ف. سكوت فيتزجيرالد بأن الشخصية التي يرد اسمها في العنوان «غامضة بعض الشيء».

لكنّ الشخصيات المبهمة لا تنجح في عالم السينما. لذا حين قرر المخرج باز لورمان نقل شخصية {غاتسبي} إلى الشاشة، قام مع فريقه المبدع ببحث أنثروبولوجي عميق بهدف استكشاف ما هو مجهول عن رواية فيتزجيرالد المؤثرة التي تتمحور حول المليونير جاي غاتسبي وحبه من طرف واحد للناشطة الاجتماعية المتزوجة ديزي بوشانان.

يفيض الفيلم بجميع اللمسات المتوقعة من مخرج فيلم Moulin Rouge (الإنتاج الدقيق، والأزياء اللافتة، والموسيقى المعاصرة في حقبة زمنية مختلفة، والتمثيل المسرحي) تزامناً مع تجسيد أهم المشاهد والسطور الواردة في رواية فيتزجيرالد الكلاسيكية.

لكن أدرك لورمان خطر غياب الناحية العاطفية من شخصية «غاتسبي» في جميع تفاصيل الرواية. لذا بحث مع كاتب السيناريو كريغ بيرس وطاقم ممثلين على رأسهم ليوناردو ديكابريو (بدور غاتسبي) وكاري موليغان (ديزي) وتوبي ماغواير (الراوي نيك كاراواي) عن أدلة في أي مكان ممكن، ثم توصلوا إلى استنتاجاتهم السردية الخاصة.

مسودّة

غاص لورمان في حياة فيتزجيرالد ورسائله ومؤلفاته الأخرى، واتكل في نهاية المطاف على مسودة بعنوان Trimalchio (مسودة أولية لرواية «غاتسبي») والسيرة الذاتية لزوجته زيلدا التي يصفها الروائي بأول ثائرة أميركية. وأحد السطور التي تتفوه بها ديزي مقتطع من رسالة وجهها الروائي إلى حبه الأول جينيفارا كينغ.

حين تركت مصادر المواد التي تمت الاستعانة بها بعض الأسئلة العالقة، قرر لورمان أن يتبع حدسه الخاص. على سبيل المثال، تشير الرواية إلى أن غاتسبي، وهو جندي سابق، كتب رسالة مؤثرة جداً إلى ديزي في يوم زفافها. لم يكشف الكتاب مطلقاً عن مضمونها، لكن كان تأثيرها على ديزي عميقاً.

استنتج لورمان وفريقه أن الرسالة تتضمن اعتراف غاتسبي بحبه الخالد في علاقةٍ محكومة بالفشل بسبب فقره فأطلق العنان لأفكاره وأرسلها إلى ديزي. وفق مخيّلة الفيلم حيث كانت السطور مكتوبة بقلم حبر تقليدي على ورق كلاسيكي (بخط يد يقلد خط فيتزجيرالد)، ذكرت الرسالة: «كان زيّي يخفي حقيقة فقري».

لا تظهر الرسالة كلها مطلقاً على الشاشة، لكن بما أن لورمان اضطر إلى ابتكارها بشكل مفصّل، يتضح تركيز المخرج على التفاصيل وبراعته في زيادة الإضافات المبتكرة.

قال لورمان الذي يبلغ 50 عاماً (بعد فيلم Moulin Rouge الذي ترشح لجائزة أوسكار، أصدر فيلم Australia الذي تعرض للنقد وشكّل خيبة أمل على شباك التذاكر): «لدي واجب واحد وهو أن أستعمل أفضل قدراتي لقيادة فريق السرد وإخبار القصة والكشف عنها. قررت الكشف عن «غاتسبي العظيم» ولكنني أردت إنتاج فيلم عن الموضوع أيضاً».

صحيح أن أشهر حفلات غاتسبي تبدو مفرطة في خيال لورمان أكثر من الرواية، مع إطلاق ألعاب نارية ترافق موسيقى Rhapsody in Blue للمؤلف الموسيقي غيرشوين، لكن اعتبر المخرج أنه سعى إلى إبقاء القصة حميمة وغامرة.

صور لقطات عدة ضمن مشاهد طويلة وكأن فيلم The Great Gatsby كان عملاً مسرحياً مباشراً، فضلاً عن أنه صوّر الفيلم بتقنية ثلاثية الأبعاد. اعتبر لورمان أن التكنولوجيا المجسّمة ترفع مستوى العواطف في الفيلم وتحوّل الجماهير من متفرجين إلى مشاركين. قال المخرج عن التقنية الثلاثية الأبعاد: «إنها أداة فاعلة للتمسك بالنفحة الشاعرية».

كان المخرج يحتاج إلى التماسك لمنع المشروع من الانهيار. شعرت شركة «سوني بيكتشرز» بالقلق على ميزانيتها فانسحبت من المشروع (في النهاية ساهمت شركتا «وارنر بروس» و{فيلادج رودشو» في إنتاج الفيلم)، وقد تأخر الإنتاج مرات عدة وحصل ذلك أحياناً بسبب حال الطقس، ثم تأجل إصدار الفيلم من الخريف الماضي إلى شهر مايو الجاري.

بصمة فيتزجيرالد

بدأ لورمان يفكر باقتباس الرواية بعد الإصغاء إليها على شكل كتاب مسجل أثناء السفر في قطار متوجه نحو سيبيريا غداة إنهاء فيلم Moulin Rouge في عام 2001. لكنه احتاج إلى بعض الوقت لمعرفة الطريقة المثلى لترجمة العمل إلى لغة سينمائية تحافظ على بصمة فيتزجيرالد.

تتضح تلك الطريقة التي تعكس أحد أبرز اختلافات الفيلم عن الرواية فور بدء الفيلم. بعدما يُصدم نيك بكل ما شاهده، يأخذ فترة نقاهة في منتجع. يوصيه الطبيب بأن يكتب عما حدث في غرب وشرق إيغ، في منزلَي غاتسبي وديزي على التوالي في نيويورك، وسرعان ما تصبح ذكريات نيك إطاراً لأحداث الفيلم.

بعد تجاوز ذلك العائق، حوّل لورمان وفريقه تركيزهما على الشخصيات الثانوية في الفيلم: زوج ديزي، توم (جويل إدغيرتون)، وعشيقة توم، ميرتل ويسلون (إيسلا فيشر)، وزوج ميرتل، جورج (جيسون كلارك)، وصديقة ديزي ولاعبة الغولف البارعة جوردن بايكر (إليزابيث ديبيكي). أعلن ديكابريو أن المهمة الأساسية كانت تقضي بمحاولة «ابتكار تفسيرنا الخاص عن حقيقة تلك الشخصيات». أضاف الممثل: «السبب في نجاح كتاب «غاتسبي» هو استمرار النقاش حوله بين الناس».

هل يحب غاتسبي ديزي فعلاً أم أنها مجرد أداة أخرى ليتابع تسلّقه الاجتماعي؟ لماذا اختارت ديزي البقاء مع توم مع أنها تعرف أنه زير نساء؟ هل كان غاتسبي وديزي ليجتمعا في النهاية لولا رصاصة جورج ويلسون؟ يقدم الفيلم أجوبة عن جميع هذه الأسئلة.

قال لورمان إن اقتباس نص معروف سيثير غضب البعض طبعاً. وقد لا يكون سرد القصة شائباً فحسب، بل قد تكون خياراته الموسيقية غير التقليدية مثيرة للجدل أيضاً.

مثلما استعمل لورمان أغاني لإلتون جون وديفيد بوي وبونو من فرقة U2 في فيلم Moulin Rouge، دعّم المخرج فيلم The Great Gatsby بأغنيات لمجموعة من الموسيقيين المعاصرين مثل فلورانس ويلش وديانا ديل راي، فضلاً عن كاني ويست والثنائي المتزوج بيونسيه وجاي زي (يعمل الأخير كمنتج تنفيذي).

اعتبر لورمان أن الانتقادات تكون حتمية عند اقتباس أي نص شهير سواء كان لشكسبير أو فيتزجيرالد: «عند الاقتراب من أي عمل مماثل، لا مفر من التعرض للنقد اللاذع».

وافقت موليغان على أن المثاليين لن يعجبهم الفيلم على الأرجح: «هكذا أشعر أنا تجاه كتبي المفضلة. لكني أظن أن الناس سيشهدون على قصة حب ملحمية».

back to top