يجب أن ننهي أزمة إيران النووية قبل يونيو 2013!

نشر في 03-01-2013
آخر تحديث 03-01-2013 | 00:01
أمام الغرب فرصة استثنائية لإنهاء المواجهة القائمة منذ عشر سنوات مع إيران، بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، ويجب ألا يبددها لأي سبب!
 الغارديان يفترض أن تدوم الأزمات الدولية بضعة أيام، أو يمكن أن تمتد لأسابيع مثل أزمة الصواريخ الكوبية، أو حتى لأشهر، مثل المرحلة التمهيدية التي سبقت الحرب في عام 1914. لكن الأزمة الإيرانية النووية نشأت منذ عقد من الزمن بعد الكشف عن مواقع نووية سرية في عام 2002. قد يعتبر البعض أن امتداد الأزمة عشر سنوات دون اندلاع الحرب هو نجاح بحد ذاته، لكن يخطئ من يفترض أننا نستطيع تحمّل الوضع نفسه لعشر سنوات إضافية.

يجب أن نستفيد الآن أكثر من أي وقت مضى من الظروف الدبلوماسية الإيجابية، وأن نسعى إلى عقد اتفاق مع إيران، شرط أن يبدد ذلك الاتفاق أبرز مخاوفنا الأمنية، وأن يسمح لإيران بالحفاظ على كرامتها.

فُتح باب الدبلوماسية النووية بين إيران والغرب منذ إعادة انتخاب باراك أوباما، لكنه قد يُغلَق مجدداً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في شهر يونيو. يبدو أن الشلل السياسي الذي يطبع واشنطن خلال المواسم الانتخابية كل أربع سنوات ينطبق على طهران أيضاً. لقد تفكك نظام إيران السياسي بشكل حاد خلال ولاية الرئيس محمود أحمدي نجاد الثانية، ومن المتوقع أن تشتد المنافسة بين الفئات المختلفة. نظراً إلى استحالة عقد المفاوضات قبل شهر يناير، لن يبقى لنا إلا فترة قصيرة (لا تتجاوز الخمسة أشهر) للتوصل إلى اتفاق.

يدرك الجميع طبيعة التسوية التي ينبغي التوصل إليها. يجب أن يعرض الغرب رفع بعض العقوبات، وأن يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم، رغم قرارات مجلس الأمن التي تطالب بعكس ذلك. في المقابل، يجب أن تحصر إيران نشاطات التخصيب بنسبة 5 في المئة، ما يعني الامتناع عن إنتاج اليورانيوم الخطير بنسبة 20 في المئة (إنها النسبة التي تمهد لتصنيع سلاح نووي). يجب أن توافق إيران أيضاً على تحويل مخزونها إلى وقود (يصعب استعمال هذه المادة في القنابل)، وأن تحد قدرتها على إنتاج كميات إضافية مستقبلاً، والأهم من ذلك أن توافق إيران على عمليات التفتيش التي تنفذها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

هذه الخطوة الأخيرة بالغة الأهمية. إذا سعت إيران فعلاً إلى تصنيع قنبلة، فلن تتعلق مشكلتها الأساسية بكيفية الحصول على المواد، بل باحتمال كشف أمرها. يجب أن نضمن استمرار هذا الوضع، ويجب أن نفضل توسيع برنامج إيران النووي إذا أصبح أكثر شفافية بدلا من حصر البرنامج والحفاظ على طابعه السري.

أخيراً، إذا أعلنت الوكالة شرعية نشاطات إيران (وهو أمر لا تستطيع فعله الآن بما أن الإيرانيين لا يتعاونون معها)، يمكن رفع جميع العقوبات. ربما تشعر إيران بالقلق من أن تواجه عقوبات إضافية إذا اعترفت بحقيقة نشاطاتها، لكن ثمة حل لهذه المشكلة: مقابل الشفافية التامة، يجب إعفاء إيران من أي عقوبة على أي تجاوزات سابقة. في نهاية المطاف، أجرت دول عدة (كوريا الجنوبية، تايوان، السويد، جنوب إفريقيا) أبحاثاً نووية غير مشروعة وتمت مسامحتها.

لكن كما يحصل في معظم المفاوضات، تكمن المشكلة في واقع أن كل فريق مقتنع بأنه يستطيع التفوق على الفريق الآخر. يفترض البعض أن إيران ستوافق في النهاية على تقديم تنازلات أكبر من تلك المذكورة سابقاً، لأنها ترزح تحت ثقل العقوبات الصارمة وغير المسبوقة... لكن قد يكون هذا الافتراض خاطئاً.

أولاً، يمكن أن تؤدي العقوبات الطويلة الأمد إلى تداعيات إنسانية ودبلوماسية كارثية، كما حصل في العراق خلال التسعينيات. في تلك الدول الغربية التي تقود سياسة فرض العقوبات، لا يسود جدل واسع حول عواقب هذه التدابير.

ثانياً، كلما طالت مدة الأزمة، يرتفع احتمال أن تطلق إسرائيل ضربات جوية خوفاً من أن تحرز إيران تقدماً خفياً يمهد لتطوير قنبلة نووية. لهذا السبب، قد تعمد إيران إلى طرد المفتشين، وإعادة إحياء برنامجها النووي في السر، ومضاعفة جهودها في هذا المجال (كما فعل العراق بعد أن قصفته إسرائيل في عام 1981).

أخيراً، قد يبدو إيجابياً أن تدفع العقوبات الإيرانيين إلى النزول إلى الشارع. لكن يمكن أن تساهم هذه الاحتجاجات، التي تُضعف النظام، في زيادة الدعم لخطة إنشاء نظام ردع نووي وتعزيز نفوذ المتشددين. كذلك، أثبتت الثورة الخضراء في عام 2009 أن التفاوض مع نظام يقمع مواطنيه سيكون موقفاً سياسياً غريباً حتماً. هذا ما يُضعف هدف العقوبات الأساسي: التفاوض من موقع قوة.

ثمة أسباب أخرى تدعو إلى التصرف بمرونة. سبق وأشارت إدارة أوباما إلى استعدادها لخوض محادثات مباشرة مع إيران، لكن من المعروف أن الرئيس يتمتع بأقصى درجات القوة السياسية في بداية ولايته الثانية والأخيرة. على صعيد آخر، يبدو أن انهيار نظام الأسد في سورية سيحرم إيران من أحد أهم حلفائها الحقيقيين. حين يحدث ذلك، يمكن أن نتوقع تشدد موقف طهران.

قد ترفض إيران بكل بساطة تقديم التنازلات اللازمة. في تلك الحالة لن يكون الوضع أسوأ مما هو عليه اليوم. لكن لا مفر من المحاولة على الأقل. بما أن جميع الدول النووية المُعترَف بها دولياً احتاجت إلى أقل من 10 سنوات لإنتاج قنابلها، تبدو مدة هذه الأزمة لافتة ومقلقة. لا يمكن انتظار ما ستفعله إيران واعتبار هذه الطريقة استراتيجية جيدة. ربما لعبت العقوبات دوراً في إجبار إيران على العودة إلى المحادثات النووية خلال السنة الماضية، لكنها لم تعد تستطيع تحقيق جميع الأهداف المنشودة.

* شاشانك جوشي | Shashank Joshi

back to top