تحليل سياسي: المصالحة المشروطة تعمّق هوة الأزمة السياسية

نشر في 09-02-2013
آخر تحديث 09-02-2013 | 00:01
No Image Caption
• المعارضة تشترط إسقاط القضايا قبل أي حوار ومصالحة
• السلطة ترى في استمرار التصعيد تحدياً غير مقبول

بانتظار حسم «الدستورية» ملف الطعون الانتخابية، تبقى الساحة السياسية أسيرة تجاذب السلطة والمعارضة المفتوح على كل الاحتمالات.
لا تشير الأجواء السياسية إلى حلٍّ يلوح في الأفق يُخرج البلاد من أزمتها التي تزداد يوماً بعد يوم تعقيداً على مختلف الصعد، فجذور الأزمة ممتدة اليوم من الأسرة الحاكمة إلى عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، وصولاً إلى معسكر قوى المعارضة، انتهاءً بالشعب.

ولا تتفاوت خطورة الأزمة في أي من المكونات السابقة، فالجميع يعاني أزمة داخلية حادة أثرت بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الوضع العام، وهزّت الاستقرار إلى درجة أن جميع الحلول التي تطرح على الساحة لم تعد تتناسب مع تعقيدات الوضع، بما فيها الحوار والمصالحة.

ولا يختلف السياسيون أن أصل الأزمة التي تعيشها الكويت أساسها خلافات الأسرة الحاكمة، وتسابق الأبناء إلى صعود سلم سدة الحكم بالطرق المشروعة وغير المشروعة، ما نتج عنه تفكك الترابط بين أجنحة الأسرة، ومن ثم تفكك الجناح نفسه إلى مجموعات أصغر.

إلا أن هناك وجها آخر للأزمة لا يقل أهمية عن صراع الشيوخ، فالمعارضة ترى أن الحوار والمصالحة لا يمكن أن يكون عرضاً مقبولاً بمعزل عن إسقاط جميع التهم والقضايا على النواب السابقين والناشطين السياسيين، بالإضافة إلى حل المجلس وعودة النظام الانتخابي السابق، لذا تجد المعارضة الاستمرار في التصعيد خياراً وحيداً للضغط على السلطة في سبيل تحقيق مطالبهم، ومن ثم البدء في حوار مصالحة.

بيد أن السلطة ترى في استمرار التصعيد تحدياً غير مقبول، وأداة لا يمكن لها أن تكون مفتاحاً لأي حوار، كذلك فإن إسقاط القضايا ضد المعارضة لم يعد قراراً منفرداً تملكه السلطة، بل وإن طرحته كمجرد فكرة فهي تكون عرضة لخسارة الموالين لها، ومَن وقف معها بالأمس في دعم التعديلات على قانون الانتخابات.

وعلى صعيد متصل، فإن تصريحات رئيس مجلس الأمة علي الراشد بشأن أهمية الحوار والمصالحة للخروج من الأزمة ارتبطت بعدم وضع أي شروط مسبقة، وتلك التصريحات التي أطلقها الراشد هي بمنزلة رسائل إلى السلطة وليس المعارضة، وتحذيرات مبكرة لما قد تكون عليه العلاقة بين الموالين والسلطة إذا

ما قبلت بشروط المعارضة.

كذلك، فإن كثيراً من الأطراف النيابية تسعى إلى وأد أي حوار ومصالحة في الوقت الراهن وفي أي وقت آخر، لعلمهم أن هذا التوجه بمثابة القضاء على مستقبلهم السياسي، وبقاء الحال كما هو عليه يخدم مصالحهم بصورة أفضل.

يبقى أن الجميع يعول على قرار المحكمة الدستورية التي تنظر الطعون في مرسوم الصوت الواحد، فمن أمنيات بإبطال المرسوم وما ترتب عليه من انتخابات ومجلس، إلى أمنيات أخرى بإعطاء الشرعية القانونية الدستورية للمرسوم لاستمرار المجلس. وفي كل الأحوال فإن ما بعد الحكم – أيا كان - هناك مرحلة أخرى ستشهدها الكويت، مرحلة تتكرر فيها الأزمة بصورة أخرى وجديدة تعود جذورها إلى صراع الأسرة.

back to top