روبرت ردفورد: عليك أن تصارع النجاح لا أن تعانقه

نشر في 20-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 20-04-2013 | 00:01
مخرج The Company You Keep من بطولة شيا لابوف
لا شك في أن تحوّل شاب مثل شيا لابوف إلى ممثل ذائع الصيت، رغم مزاياه كافة، يحمل كثيراً من الضغوط القوية في الجو الإعلامي السائد اليوم. وقد تكون الضغوط أحيانًا قوية إلى درجة يعتبرها أحد نجوم هوليوود المخضرمين لا تُحتمل.

يقول مخرج فيلم The Company You Keep روبرت ردفورد، يشارك في الفيلم إلى جانب شيا لابوف: {لا أحسد جيل شيا. فلو مررت بما تعرض له خلال بداياتي في عالم السينما، لفضلت على الأرجح أن أبقى رسامًا}.

أضفى لابوف، الذي انضم إلى ردفورد في هذه المقابلة، على الحوار لمحة تاريخية: {ما عادت مواقع تصوير الأفلام محمية كما كانت في السبعينيات. ولكن كي ينجح الإنسان في تقديم فن مبدع، يجب أن يحظى بالحماية}.

شغلت المقارنة بين الماضي والحاضر ذهن هذين الرجلين أخيرًا. لذلك سيطرت على فيلمهما الجديد من إنتاج شركة Sony Pictures Classics. يشكّل Company لغزًا أخلاقيًّا وأدبيًّا في آن. يتتبع الفيلم قصة حياة نيك (ردفورد)، ناشط متشدد في ستينيات القرن الماضي يبدو أنه اقترف جريمة قتل خلال محاولة احتجاج سياسية اتخذت فجأة منحى خاطئًا.

يعيش نيك طوال عقود حياته متخفيًّا، فيتزوج ويُرزق بأولاد. إلا أنه يُرغم على الهرب عندما يكتشف صحافي (لابوف) هويته ويلاحقه. فيبحث نيك عن زملائه المتشددين السابقين، طالبًا منهم المساعدة ليبرئ اسمه. ومع تطور الأحداث، يكشف الفيلم أسرارًا من ماضي نيك، ويطرح أسئلة عن مبررات العنف، حدود المثالية، وكم يبدو الجيل الأكبر من السياسيين غريبًا بالنسبة إلى الأصغر سنًا.

يقول ردفورد من دون أي خجل (خصوصًا في هذه المرحلة من مسيرته المهنية) عن تناوله السياسة في أعماله: {أشعر بانجذاب إلى أمر لا نراه دومًا في الحياة الأميركية: المنطقة الرمادية. كانت الأفلام في الماضي تركّز كثيرًا على هذه المسألة. إلا أننا أُرغمنا على التخلي عنها في أفلامنا وفي حياتنا}.

يوضح لابوف أن رحلته في الفيلم إلى عالم الراديكالية ومبادئها كانت أشبه بأمنية شخصية تحققت. يخبر عن والده، رجل تقديم جريء شارك في حرب فيتنام: {لا تراودنا أنا وأصدقائي المخاوف ذاتها التي تملكت جيل أبي. علق هو وبوب وسط دوامة قوية. أما الدوامة السياسية التي يواجهها جيلي اليوم فتقتصر على حركة احتلوا وول ستريت».

وضع عصيب

عانى الفيلم الكثير من المشاكل المادية، فتوقف إنتاجه مرات عدة في أربع سنوات قبل أن ينتهي العمل عليه كإنتاج مستقل منخفض الميزانية في فانكوفر في كندا السنة الماضية. يستند السيناريو، الذي وضعه ليم دوبس (The Limey)، إلى رواية لنيل غوردون. يوضح ردفورد، مستخدمًا كلمات أقوى بكثير مما ذكرناه هنا: {مررنا بوضع عصيب. فرض علينا الممول الكثير من القيود ورفض طلباتنا. لذلك لم نستطع المضي قدمًا بعملنا. وعندما كنا نبدأ العمل، كنا نكتشف أن الميزانية قليلة جدًّا ولا تكفي. علاوة على ذلك، يحاول الممثلون اليوم العمل على ثلاثة مشاريع دفعة واحدة. نتيجة لذلك، لا تتمكن من جمعهم كلهم معًا إلا لفترات قصيرة}. لكن ردفورد المخضرم يشير إلى أن هذا لا يقتصر على فيلمه: {كان إعداد الأفلام أسهل في سبعينيات القرن الماضي}.

رغم الصعاب، يواصل ردفورد صناعة الأفلام متناولاً أحيانًا مواضيع لا تستهوي مرتادي دور السينما اليوم (مع أنه بدّل مساره قليلاً في عالم الشاشة الفضية مع الدور الذي يؤديه في فيلم Captain America الجديد). فرغم أن الفيلم الأخير الذي أخرجه (يتناول محاكمة شريكة جون ويلكس بوث، ماري سورات) نال الكثير من المديح من النقاد، أخفق على شباك التذاكر.

إن كان البعض يلمسون في تعليقات ردفورد حنينًا إلى زمن مضى، يعتبر لابوف أن الإيمان بتلك الحقبة هو ما جعل نوعية العمل المتوافرة اليوم ممكنة. يقول: {بنى جيل بوب ما يتيح لجيلي أن يحلم}.

كذلك ساهم إعداد الفيلم بدوره في بناء جسر بين جيلَين. صحيح أن ردفورد (76 سنة) يكبر لابوف (26 سنة) بنحو ربع قرن وأن أوجه الاختلاف بينهما كثيرة، إلا أنهما مصنوعان من الطينة ذاتها. فكلاهما جادان في نظرتهما إلى الأفلام على اعتبار أنها عامل تغيير وفي احترامهما أحدهما للآخر. عندما وصلت لابوف إلى المقابلة بعد تأخير بسيط، اقترب من ردفورد، صافحه، وقال بصدق: «أعتذر». فأجابه ردفورد: «لا داعي لأن تعتذر إلي على التأخير».

ذكر لابوف لاحقًا أنه استمتع بالعمل مع ردفورد {لأنه عاملني بمحبة. لم نكتفِ بتصوير قصة، بل صورناها بمحبة}. اجتمع هذان الرجلان معًا بسبب مصالحهما المهنية المشتركة. يخبر ردفورد أنه أعجب بلابوف لأنه يتعلّم بسرعة، ولأنه لا يحتاج إلى الكثير من التوجيه الواضح. ولا شك في أن هذا ضروري في فيلم يضم الكثير من الممثلين وجدوله سريع.

للاستعداد لهذا الفيلم، رافق لابوف مراسل صحيفة لوس أنجليس تايمز روبرت فاتوريتشي، وقرأ دراسات خاصة بكلية الصحافة، مثل دراسة جانيت مالكوم {الصحافي والقاتل}.

بعد أن حقق لابوف نجاحات كثيرة وتصدر عناوين الصحف مرات عدة، قرر سلوك اتجاهات مختلفة. فمثل أخيرًا في عدد من الأفلام المستقلة العنيفة، منها Lawless لجون هيلكوت و The Necessary Death of Charlie Countryman لفريدريك بوند. كذلك يشارك في فيلم لارس فون تراير الأخير Nymphomaniac. ويخبر أيضًا أنه في المراحل الأولى من التحضير لفيلم جديد مع أوليفر ستون، مخرج فيلمه Wall Street: Money Never Sleeps.

إن كانت القوة من مميزات هذا الممثل، فقد تميز أيضًا سلوكه في الكواليس. وتجلى ذلك بوضوح خلال خلافه الأخير مع الممثل أليك بولدوين أثناء التمرينات على مسرحية برودواي Orphans. يعتبر لابوف هذا الخلاف من مخاطر المهنة: {تكثر المشاعر في موقع التمثيل، شأنه في ذلك شأن أي مكان آخر عالي الإنتاجية}. ويضيف، متحدثًا عن الممثل الذي شاركه التمثيل في فيلم Company: {ضعني مع ستانلي توتشي في غرفة واحدة ولن تكون النتيجة مرضية. فلا مفر من الاحتكاك بيننا}.

بعد أن ترك لابوف مسرحية Orphans، خرج التوتر بينه وبين بولدوين إلى العلن ومن ثم انتقل إلى تويتر. صحيح أن لابوف حقق في النهاية مراده، إلا أنه شعر أن التغطية المستمرة التي حظيت بها هذه المسألة كانت خطيرة. يقول الممثل، الذي تخاله أحيانًا يصارع ذاته بسبب ميله الطبيعي نحو الصراحة: {أعتقد أن هذا سيف ذو حدين. تحصل عادةً على كثير من المعلومات. ويصلك الخبر من أربعين مصدرًا، ولكن ما هي الحقيقة؟}.

يومئ ردفور برأسه مؤيدًا لابوف، ثم يوضح أنه عرف السبيل الأفضل إلى التعاطي مع الشهرة قبل عقود. يقول: {لا يمكنني أن أنصح شيا بشأن الطريقة التي جيب أن يعمل بها. إلا أنني أستطيع أن أطلعه على ما اختبرته. تعلمت في مرحلة باكرة من مسيرتي المهنية أن في هوليوود الكثير من الهرج والمرج، إلا أن بعضه سام. وتمكنت من الاستمرار لأنني ابتعدت عنه، متوجهًا إلى الجبال (في يوتاه، حيث يقيم جزءًا من السنة). كنت أؤدي عملي وأرحل، ألقي القنابل في أرض العدو وأهرب. للنجاح وجه حالك. عليك أن تصارع النجاح، لا أن تعانقه}.

back to top