انتخابات تفصيل

نشر في 24-03-2013
آخر تحديث 24-03-2013 | 00:01
 بدر سلطان العيسى    نتائج الانتخابات وطريقة إجرائها التي جاءت بمجلس أمة "الصوت الواحد" ذكرتني بالخياط محمد قسيم خان وقصة تفصيل ثلاثة "دشاديش" (لاس).

حدث هذا في عام 1950 عندما فتح محمد قسيم خان دكان خياطة في سوق المباركية أمام مكتب "أبو رويح"، ولم أكتشف أن خبرته كانت في الطبخ لا في خياطة "الدشاديش" إلا بعد أن قمت بقياس "الدشداشة" وإذا بها تصلح لأي غرض عدا لبسها!

وبعد محاولات عديدة وإجراءات إصلاح "الدشاديش" التي باءت جميعها بالفشل طلبت من قسيم خان تحويل "الدشاديش" إلى قمصان بياقة (قولة) وبأكمام طويلة وثلاثة "زراير"، وكانت هذه هي المحاولة الأخيرة لإصلاح ما ضاع من غرض تفصيل تلك "الدشاديش"، وحتى هذه المحاولة باءت بالفشل، فقد بدت القصمان عريضة الأكتاف ومترهلة في أطرافها ولا تصلح إلا لأكتاف مصارع أو أكتاف أحد الوزراء، وهي بكل تأكيد لا تصلح لشاب لا يتعدى وزنه 45 كيلوغراماً.

والنتيجة النهائية التي أجبرتني الظروف عليها هي الطلب من الأخ المرحوم محمد خلف المطيري بيعها في دكانه في "سوق واجف"، وحددت له القيمة التي "ترجيت" أن أحصل عليها من بيع القمصان، وهي 12 روبية لكل قميص تم تخفيضها إلى روبيتين لكل قميص، ومع هذا لم يتمكن الأخ محمد من أن يجد مشترياً لتلك القمصان، فقد كان تفصيل القمصان سيئاً، والياقات (القولة) بدت كأنها أذنا تيس، والقماش من النوع الذي لا يصلح لخياطة القمصان، ورضيت في نهاية الأمر استبدال القمصان بثلاثة درازن من كرات تنس الطاولة... ولما لم يكن عندي في ذلك الوقت من الروبيات ما يؤهلني لشراء الطاولة، احتفظت بالكرات، وهي ما زالت في حوزتي. تذكرت هذه الحكاية وأنا أقارن نتائج انتخابات 2012 التي جاءت بمجلس "الصوت الواحد" لعام 2012 مقارنة بانتخابات 2012 للمجلس المبطل، وفي تقديري أن القارئ سيصل إلى نفس التصور أو النتيجة التي توصلت إليها بعد مقارنة نتائج تصويت المجلسين.

اخترت ثلاث دوائر للمقارنة:

الدائرة الأولى:

- عدد الأصوات التي حصل عليها العشرة الأوائل لمجلس الصوت الواحد هي 13817 صوتاً.

- عدد الأصوات التي حصل عليها العشرة الأوئل في المجلس المبطل هي 98663 صوتاً.

ومعنى هذا الكلام أن نسبة الذين لم يصوتوا في انتخابات 2012 بلغت 66%، وبطريقة أكثر وضوحاً أن نسبة 34% فقط من الناخبين هم من صوّتوا في انتخابات مجلس "الصوت الواحد"، وهي نتائج غير ديمقراطية في أي بلد يحترم رأي الأغلبية، وهي نتائج تلزم المسؤول عن الانتخابات باعتبارها انتخابات ساقطة.

والغريب أيضاً أن نسبة ما حصل عليه من اعتلى المركز الأول في مجلس "الصوت الواحد" مقارنة بما حصل عليه من تصدر المركز الأول في المجلس المبطل لا تتعدى 40%، وليس هذا فقط، إذ حصل الأول في "المجلس المبطل" على 14094 صوتاً، وحصل المرشح نفسه النائب فيصل سعود الدويسان الذي جاء بالمرتبة الثالثة في انتخابات "الصوت الواحد"، على 4747 صوتاً، وبلغة الأرقام تساوي 33% مقارنة بما حصل عليه الدويسان في انتخابات "المجلس المبطل"، وبمعنى أكثر وضوحا أن هناك 67% لم يصوتوا للأخ فيصل سعود الدويسان في انتخابات مجلس "الصوت الواحد"!

الدائرة الثانية:

امتنع عن التصويت 69% قياساً بمن صوَّت في الدائرة في انتخابات "المجلس المبطل".

الدائرة الرائعة:

وقياساً على أصوات العشرة الأوائل مقارنة بأصوات العشرة الأوائل في مجلس "الصوت الواحد"، فهي في تقديري كارثية، وكان على المسؤولين الكف عن الادعاء بأن انتخابات "الصوت الواحد" انتخابات ديمقراطية تعبر عن رأي الأغلبية، وهي في نظري تنطبق عليها حكاية الخياط "قسيم خان... والقمصان الثلاثة".

بلغ مجمل الأصوات للعشرة الأوائل في مجلس "الصوت الواحد" 15968 صوتاً، وللعشرة الأوائل في "المجلس المبطل" 154635 صوتاً، ويعني قراءة هذه الأرقام أن نسبة من امتنع عن التصويت في الدائرة الرابعة تزيد على 90% من أصوات الناخبين في تلك الدائرة، وهي نسبة لم تحدث إلا في انتخابات زيمبابوي أمام منافس رئيس الدولة جوليوس نيريري الذي سجن كل الذين صوتوا لمنافسه أو امتنعوا عن التصويت، والذين لم يتعدوا تسعة أعشار في المئة من الناخبين!

back to top