المفكر إمام عبد الفتاح إمام: الجهل والفقر تربة خصبة لنشر الأفكار المتطرفة

نشر في 15-07-2013 | 00:02
آخر تحديث 15-07-2013 | 00:02
يطالب المفكر د. إمام عبدالفتاح إمام، أستاذ الفلسفة والعلاقات الإنسانية في كلية الآداب في جامعة عين شمس المصرية، بتصحيح أوضاعنا وتصرفاتنا ومؤسساتنا في الداخل أولاً كي نؤثر في الخارج، ويرى أن كثيراً من مبادئ الإسلام يغض المسلمون الطرف عنها ولا يعملون بها، ما تسبب في تفشي الجهل وشجع على انتشار مظاهر التطرف في المجتمع. «الجريدة» التقت إمام في حوار حول الإسلام والتطرف.
ما هو مفهوم التطرف؟

يعني التطرف أن تفرض رأيك على الآخرين بالقوة. في الماضي، ساد شعار «اعتنق ما أعتنقه وإلا لعنك الله»، والآن تحول الشعار إلى «اعتنق ما أعتنقه وإلا قتلتك»، أو على الأقل تتهمه بالكفر وتستبيح دمه، على رغم أن حديثاً نبوياً له بعد اجتماعي وسياسي يقول «من كفر مسلماً فقد كفر». نحن هنا أمام دعوة رائعة من النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى الحوار والاختلاف في الرأي تحت مظلة الإسلام، لأن الفكر لن يتقدم إلا عن طريق الاختلاف، فالانغلاق يؤدي إلى التخلف. نجد مثلاً جماعة «الإخوان المسلمين» الآن تفعل ذلك بصفة عامة، لأن أعضاء هذه الجماعة لديهم وهم اسمه إعادة الخلافة الإسلامية، وهذا مستحيل لأن التاريخ الإنساني لا يعيد نفسه.

هل ينقسم التطرف إلى أنواع؟

أكثر أنواع التطرف شيوعاً وإثارة للجدل التطرف الديني، ثم التطرف السياسي.

تطرف الحاكم

إلى أي مدى يُعد استبداد الحاكم تطرفاً؟

بالطبع هو تطرف. يريد الحاكم المستبد فرض آرائه ويريد من الناس أن تعتنق كل ما يعتنقه، ومن يرفض أو يعترض يصير مارقاً أو كافراً. إنه نوع من أنواع التطرف الأحمق. أتعجب من حكامنا، فكل من يجلس على الكرسي لا يتعامل مع الشعب على أنه حاكم بل مالك لهذه الدولة وما فيها. مثلاً، نجد الحجاج بن يوسف الثقفي حينما خطب في الناس في مسجد الكوفة يقول: «والله لو أنني أمرت أحداً أن يخرج من باب من أبواب المسجد فخرج من الباب الذي يليه لضربت عنقه». يريد طاعة الدواب وليس طاعة العبيد وفرض رأيه السياسي على الناس كلهم، وهذا منتهى التطرف السياسي. عموماً، الحكم لا يستقيم أبداً ما دامت تداخلت معه أمور من قبيل الدولة الدينية، والمستبد العادل.

أيهما أشد خطراً التطرف الديني أم السياسي؟

الديني طبعاً، والجهل أشد خطراًً من النوعين، فهو منبع المظاهر كافة التي تضر المجتمعات، لذا نجد تكفير الكتاب والمفكرين، بل ومحاولة قتلهم من دون قراءة كتاباتهم، مثلما حدث مع نجيب محفوظ حينما حاول أحد الشباب قتله، ولما سئل ما الدافع إلى ذلك اتهم محفوظ بالكفر والإلحاد بسبب رواية «أولاد حارتنا» التي لم يقرأها، بل سمع رجال دين يقولون بذلك.

هل يندرج العنف اللفظي تحت أنواع التطرف، وكيف يتعامل الإسلام معه؟

يرى البعض أنه أحد أنواع التطرف. لكن في رأيي، العنف اللفظي خروج عن الآداب العامة وليس تطرفاً، وسببه أسلوب التربية. عالج الإسلام هذه المشكلة بالمجادلة والنقاش بالحُسنى، وهو ما حثنا عليه القرآن الكريم. لكننا لا نستخدم هذا الأسلوب المحترم والسلوك العظيم إطلاقاً. يقول تعالى: «وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»  (النحل: 125).

يستند البعض إلى حديث «من رأى منكم منكراً...» باعتباره رخصة إسلامية لممارسة العنف ضد أي منكر، كيف ترى ذلك؟

فعلاً، تعتمد الجماعات الأصولية على هذا الحديث في ممارسة عنفها ضد الناس، وهذا يعتبر سوء فهم لهذا الحديث الذي يحدد ثلاثة مجالات لتغيير المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب. عموماً، تعدد المجالات في هذا الحديث مقصود، لأن الفرد لا يغير مجتمعاً، وإنما يستطيع التغيير في مجاله. في الحديث «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده» أي الذي تحت يده، بمعنى أنني والد ووجدت ابني يكذب أو يسرق أو يرتكب منكراً، هل أبلغ عنه الشرطة أم أقومه؟ كذلك المدرس، عليه أن يعمل على تقويم سلوك الطالب المنحرف. هنا يغير صاحب الموقف من سلوك الابن أو الطالب لأنه تحت يده مباشرة. لكن لنفترض أنني شاهدت من شرفة منزلي لصوصاًَ يسرقون محلاً أو سيارة، هنا التغيير باليد فيه خطورة على حياتي، إذاً يكون الحل من خلال التغيير باللسان عن طريق دعوة أولي الأمر عبر إبلاغ الشرطة. فإذا لم أستطع التغيير باليد أو اللسان تبقى النوايا الحسنة والإيمان بأن أدعو الله بصلاح الأحوال، وهذا الحديث لا يحمل أي دعوة للعنف مطلقاً.

إذاً لماذا بدأ في الحديث بما يحمل القوة وانتهى بما يحمل الضعف؟

مسألة القوة والضعف لا مجال لها هنا، ولم يكن ذلك القصد من الحديث الشريف، وإنما القصد ما تحت يدك الذي تستطيع تقويمه، والخطاب للجميع والخيارات متعددة حتى يمارس كل فرد دوره في مكانه لتستقيم حال الإنسان والمجتمع. في حديث آخر يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».

يقول البعض بتطرف جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ظهرت بكثافة بعد صعود التيارات الإسلامية.

لا أتفق مع هذا الرأي. وجود هذه الجماعات لا يعني التطرف الذي هو فرض الرأي بالقوة، لكن ما تفعله سوء فهم وسوء سلوك. لا تفهم هذه الجماعات دورها وتتدخل في شؤون الآخرين، ويقتصر نشاطها على النساء وملابسهن.

«إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ» (آل عمران:19) هل هذه الآية تعبر عن التطرف في الإسلام؟

الخطأ في ذلك نظرة التعصب التي نجدها لدى بعض المفسرين للآية، فهذه الآية وآيات كثيرة مثلها ناقشتها في دراساتي. كلمة الإسلام المذكورة في القرآن غير مرتبطة بالديانة المحمدية فحسب، فمثلاً ثمة آية تقول: «اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» (النحل: 123)، وإبراهيم كما هو معروف هو جد اليهود الأول وقد كان مسلماً. وتقول بلقيس ملكة سبأ: «رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ» (النمل:44)، فكلمة الإسلام تعني في القرآن كل من أسلم وجهه لله وليس اعتناق الديانة المحمدية، ولذا ثمة آية تقول: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ» (النساء: 48). فبمجرد قولك «لا إله إلا الله» فأنت مسلم، فليس كل آية يرد فيها لفظ الإسلام تعني الديانة المحمدية.

لماذا يتهم الغرب الإسلام والمسلمين بالتطرف دائماً؟

لا يوجد في الإسلام تطرف إطلاقاً، ولكن المسلمين يذهبون إلى التطرف دائماً في سلوكياتهم وتصرفاتهم وعقولهم وأفكارهم.

نظرة استشراقية

يسعى الخطاب الاستشراقي أحياناً إلى تنميط صورة الإسلام في الغرب كدين مبني على التطرف؟ كيف يمكن الرد على هذه الادعاءات؟

المسلمون الذين يعيشون في الغرب وتعلموا فيه مسلمون غربيون، ليس لديهم أي فكرة عن التطرف، وثمة أناس كثيرون في البلدان العربية المتعلمون منهم لا يلجأون إلى العنف والتطرف بل إلى المجادلة والمحاججة، أي قرع الحجة بالحجة. كذلك ثمة كتابات عقلانية تدافع عن الإسلام، لكن المنضوين تحت الجماعات الإسلامية المتشددة لا ينظرون إليها أو يعترفون بأصحابها. مثلاً، المفكر عبد الرحمن بدوي الذي اتهموه بالكفر له كتاب بعنوان «دفاعاً عن القرآن» ناقش فيه آراء المستشرقين ورد عليها بالبراهين. والرد على المخالفين أو المغرضين يجب أن يكون باللجوء إلى الحوار وتفنيد كتابات المستشرقين ضد الإسلام وتصحيح افتراءاتهم بالأدلة.

هل نحن مقصرون في الدفاع عن ديننا؟

فعلاً، الدولة الإسلامية كلها مقصرة في هذا الجانب. نحن مقصرون في البداية في فهم ديننا، فلا بد أولاً من أن نفهم الإسلام فهماً جيداً، وبأفق واسع. كان الإمام محمد عبده يقول إنه ينبغي أن تقرأ الإسلام من منظور عقلي، فإذا قرأت حديثاً لا يتفق مع العقل فأنكره..

في المقابل كيف يمكن تعزيز مبدأ التسامح في الإسلام وترويجه؟

الأساس الثقافة ثم ممارسة التسامح فعلاً ابتداءً من المدرسة ومراحل التعليم الأولى خصوصاً، فنحن لا ننظر إلى مصلحة الطفل في مسألة التربية السليمة وثقافة التسامح ليست موجودة لدينا حتى في أبسط مراحل التعليم، فما بالك ببقية المراحل الأخرى؟ نريد ثقافة عامة في المدرسة والمسجد ووسائل الإعلام المقروءة والمرئية فهذه الوسائل تنشر الجهل لا الثقافة، ومنها بالطبع آداب السلوك والمعاملة. اتفق الجميع على تسطيح فكر المواطن.

الإصلاح الاجتماعي

إلى أي مدى يجب أن يتوافق مبدأ الإصلاح الاجتماعي في أي مجتمع مع نبذ التطرف؟

المفترض أن يتوافق وأن يُبنى المواطن على لجوئه إلى المناقشة والحجة والبرهان العقلي، والمفترض أن يتعلم ذلك في المدرسة والمسجد ومن خلال التلفزيون. لكن للأسف، جميع المؤسسات المعنية بتكوين الإنسان تجعل لديه الاستعداد للتطرف وممارسة العنف في أشكاله كافة، حتى داخل أسرته. وللأسف الحاكم عندنا يلجأ إلى الكذب لدعم حكمه وضمان استمراره في السلطة.

ماذا عن القوانين، هل تحمي من التطرف؟

بالتأكيد، ما لم يضع المشرع في ذهنه المواطن بالمعنى الصحيح للمواطنة، أي من خلال إعطائه حقوقه وتعريفه بواجباته، ما يجعله يلجأ إلى قوانين تدفع بالمواطن إلى التطرف.

ما أسباب تكوين الجماعات المتطرفة؟

أظن أن السبب الرئيس هو الجهل والفقر، ويُعدّان تربة خصبة لنشر الأفكار المتطرفة وترسيخها لدى الشباب. ونظام الحكم هو السبب في تفشي الجهل في المجتمع، فالتعليم والمعرفة يضران بمصالح الحاكم المستبد.

ماذا تفعل الأمة الإسلامية لتصحيح صورتها ودحض تلك الاتهامات؟

بالكف عن نغمة التعصب، ويجب الارتقاء بفكر المسلمين في الداخل أولا والالتزام بمبادئ وأخلاق الإسلام. المسلم عنوان دينه والغرب لا يحكم على الإسلام بل على تصرفات المسلمين في الداخل والخارج.

مواجهة الظاهرة

كيف عالج الإسلام ظاهرة التطرف في المجتمع؟

بالدعوة إلى الحوار والنقاش وعدم اللجوء إلى العنف وإحكام العقل في كل شيء. ثمة مبادئ كثيرة في الإسلام، المسلمون يغضون الطرف عنها ويلجأون إلى الماضي من دون إدراك أن الزمن يتغير.

لماذا برأيك يربط الغرب بين الإسلام والإرهاب؟

لأنه بالفعل يوجد مسلمون يسيئون إلى الإسلام باستخدامهم العنف ضد الآخرين، مثل تنظيم «القاعدة» الإرهابي. وفي مصر كانت الجماعات الجهادية الأصولية تقتل السائحين وأضرت بالسياحة كثيراً.

لكن يقول البعض إن ذلك هو رد فعل لسياسات الغرب ضد العالم الإسلامي؟

هذا إفلاس فكري. يكون الرد بإعمال الفكر وإثبات نجاحي في إنتاج الفكر والمعرفة والصناعة... وهي كلها عوامل للتقدم.

ما الفرق بين الجهاد والإرهاب؟

فرق شاسع، واختفى الجهاد اليوم، فهل تنشر الإسلام بالسيف في أميركا أو فرنسا مثلاً؟! مثل هذه الأفكار يجب أن ينظر إليها المسلمون نظرة جديدة مختلفة، فلا يقتصر معنى الجهاد على نشر الإسلام، لأن الناس عرفته ومن أراد اعتناقه اعتنقه. لكن استصلاحك للصحراء جهاد وبناء مشفى أو مدرسة جهاد، ونحن نحتاج إلى تفسير جديد للقرآن بشكل عقلي يراعي ضرورات الحياة.

هل ثمة علاقة بين التطرف وإدارة الصراع السياسي في الفكر الإسلامي؟

بالتأكيد. كثيرون من أولي الأمر ينظرون نظرة متطرفة في مسألة الصراع السياسي بيننا وبين الغرب مثلاً، وهذا هو السبب في أن الغرب لا يثق فيهم. مثلاً، علاقة الولايات المتحدة الأميركية بإسرائيل وطيدة إلى درجة أنه يقال إن إسرائيل هي إحدى الولايات الأميركية في الشرق. أعتقد أن ذلك خطأ، فلو أثبتت الدول العربية والإسلامية أهميتها لأميركا وأنها بالنسبة إلى الأميركيين أكثر أهمية من إسرائيل، لانحازت أميركا إلى هذه الدول، لأنها دولة برغماتية تبحث عن مصالحها الخاصة فحسب، ولا تهمها إسرائيل أو غيرها.

الثورة والتطرف

بعد ثورات الربيع العربي زاد العنف والتطرف في بعض الدول التي نجحت في تغيير أنظمتها الاستبدادية، ما تفسيرك لذلك؟

العنف والتطرف والاضطهاد مظاهر كانت موجودة ومكبوتة، وعندما وجدت لها منفذاً للظهور ظهرت وبسرعة شديدة، فالتاريخ الإسلامي حافل بمفارقات فساد السلطة. لكن في تصوري بمجرد أن تتلاشى الأنظمة السيئة التي طفت إلى السطح في بعض دول الربيع العربي وتدعي أنها ديمقراطية وهي لا تعرف ما هي الديمقراطية أصلاً، فإن هذه المظاهر كافة ستزول، ومن فوائد ذلك في مصر مثلاً أن حكم «الإخوان المسلمين» لن يعود مجدداً بعدما تكشفت حقيقته.

إلى أي مدى يمكن أن يتحول التطرف الفكري والديني إلى عنف على مستوى الشارع؟

وارد حدوثه بشكل كبير مع تفشي الجهل سواء التعليمي أو الثقافي في مجتمعاتنا.

كيف يمكن مواجهة التشدد الفكري تجنباً لاتساع دائرة التطرف في المجتمعات الإسلامية؟

لا نريد أن نواجه العنف بالعنف، ولا نريد تطرفاً، وإلا تحولت الأمور إلى فوضى. على العكس، نريد الدعوة العقلانية وإطلاق حرية الفكر والمناقشة، فلا سبيل للتقدم العلمي أو الاجتماعي أو الإنساني في الوطن العربي سوى بتربية أجيال قادرة على التفكير النقدي ومتمكنة من أدوات العقل.

هل الخطاب الديني عندنا يشجع على التطرف؟

طبعاً، وأظنه التطرف نفسه.

في هذا السياق، ما رأيك في الصحف والقنوات الدينية؟

هذه الوسائل تضر أكثر مما تنفع، فخطابها مقصور على عذاب القبر وحساب الآخرة، وهذا من شأنه نشر الخوف بين الناس، لأن المشرفين عليها هم أنفسهم من يصدرون الفكر المتطرف إلى الناس. كذلك تساعد هذه الوسائل على الجهل، فالقيمون عليها لا يقرأون سوى أنفسهم، لذا حينما يشترون كتباً لا يشترون سوى الكتب الصفراء القديمة، ولا علاقة لهم بالكتب الجديدة حتى لو كانت إسلامية مثل مؤلفات الإمام محمد عبده ومحمد إقبال وزكي نجيب محمود.

لماذا لم يظهر التطرف في الدولة الإسلامية الأولى التي أسس لها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)؟

على العكس. بدأ ظهور التطرف منذ بداية الدولة الإسلامية، فقتل عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وحدثت موقعتا صفين والجمل وظهر العنف والتنازع على الحكم في المجتمع الإسلامي، كذلك ظهر الخوارج الذين قتلوا الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).

يرى مفكرون غربيون أن غزوات الرسول (صلى الله عليه وسلم) تدخل تحت بند الإرهاب الممارس ضد المخالفين لعقيدة الإسلام، كيف نرد على ذلك؟

تحتاج هذه المسألة إلى تمحيص في التاريخ الإسلامي وهي ليست صحيحة على إطلاقها، فنجد أن غزوات النبي (صلى الله عليه وسلم) لم تكن إرهاباً بل كانت لصد عدوان واستعادة حقوق ودفاع عن النفس والعقيدة. والقارئ لملابسات هذه الغزوات يجد أن الرسول لم يكن أبداً البادئ بها.

إلى أي مدى تكرس مناهج التعليم في عالمنا العربي فكرة التطرف؟

تدريس مادة الدين والفصل بين التلامذة المسيحيين والمسلمين وغيرها من مظاهر تشجع على تفشي روح التطرف بين التلامذة، فلماذا لا تدرس المسيحية على أنها تاريخ؟ كل إنسان مطالب بالإيمان والاعتراف بجميع الأديان التي أنزلها الله، ومن بينها المسيحية بطبيعة الحال، لماذا لا نتعرَّف إليها؟ المفترض أن يتوافر جانب من جوانب التسامح الديني بين العقيدتين، فيدرس كلا الطرفين عقيدة الآخر فلا يوجد ما يمنع ذلك.

دور الأزهر

كيف ترى الدور الذي يجب أن يقوم به الأزهر لنبذ التطرف في العالم الإسلامي؟

دور الأزهر مهم للغاية، لكنه لا يقوم به. نحن في العالم الإسلامي لدينا ميزة كبرى وهي المساجد وخطب الجمعة على وجه التحديد، وعقد دورات لخطباء المساجد حول القضايا الاجتماعية التي تشغل الناس ورأي الدين فيها، ونشر ثقافة المحبة وتقبل الآخر... لكن في الحقيقة لا يوجد من يهتم بذلك، فالأزهر مؤسسة مهمة إنما دورها غائب، ولا يُسمع صوت لعلمائه إلا بالمطالبة بمنع أحد الكتب أو مصادرته.

ماذا قدم العالم الإسلامي منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام واعتباره ديناً متطرفاً؟

لم يقدم شيئاً، فالمؤسسات المعنية بتصحيح مفاهيم الدين الإسلامي غائبة، ما أدى إلى تفشي الجهل الذي يؤدي إلى التطرف والحكم على الآخرين بالكفر وإباحة قتلهم.

في سطور:

- أكاديمي ومترجم مصري متخصص في الفلسفة والعلوم الإنسانية، ولد عام 1934 لأب كان من علماء الأزهر الشريف.

- درس في كلية الآداب جامعة عين شمس، وعمل في كثير من الجامعات العربية.

- أحد أبرز المفكرين العرب راهناً، له مواقف وآراء إصلاحية وهو صاحب مواقف فلسفية وسياسية بارزة، ويمكن القول إجمالاً بأنه يتبنى منهجاً وسطياً في السياسة.

- له مؤلفات وترجمات عدة من بينها: {الأخلاق والسياسة، الطاغية، معجم ديانات وأساطير العالم، دراسات في الفلسفة السياسية عند هيجل، الديموقراطية، مدخل إلى الفلسفة}.

back to top