ما معنى سقوط مرسي بالنسبة إلى «حماس»؟

نشر في 16-07-2013 | 00:01
آخر تحديث 16-07-2013 | 00:01
No Image Caption
عزز الجيش المصري جهوده لإعاقة المنفذ الذي تستعمله «حماس» للحصول على الموارد المالية، أي أنفاق التهريب التي تربط بين شبه جزيرة سيناء في مصر وغزة، بينما بقي معبر رفح (المخرج البري الوحيد في المنطقة الذي تسيطر عليها «حماس») مغلقاً منذ سقوط مرسي الدراماتيكي.
 Jonathan Schanzer عندما قام الجيش المصري بإسقاط "الإخوان المسلمين" من السلطة وجّه بذلك لطمة موجعة إلى حركة "حماس" في غزة.

كان الرئيس المخلوع محمد مرسي واحداً من آخر الأصدقاء المتبقين لحركة "حماس" بعد أن انفصلت هذه الأخيرة عن "محور المقاومة" الإيراني في السنة الماضية. غادرت حركة "حماس" مقرها في دمشق حين عجزت عن التفرّج على النظام السوري المدعوم من إيران وهو يسحق عشرات آلاف المسلمين في سورية، لمعاقبة الحركة على انشقاقها، قطعت إيران مساعداتها المالية.

كما كان متوقعاً، حوّلت "حماس" أنظارها نحو مصر برئاسة مرسي، إلى جانب قطر وتركيا، بحثاً عن الرعاية، ووفّر "الإخوان المسلمون" طوال السنة الماضية المساعدة المالية إلى الحركة التي احتلت قطاع غزة بالقوة في عام 2007، وقد سعوا في الوقت نفسه إلى إخراجها من العزلة السياسية. شكّلت تلك البلدان الثلاثة دعامة استعملتها حركة "حماس" لاستعادة بعض التوازن علماً أنها تتكل بشدة على المساعدات الخارجية للصمود.

بعد إسقاط مرسي في الأسبوع الماضي، صرح الزعيم إسماعيل هنية من غزة أنه "غير خائف"، لكن إذا لم يكن خائفاً فعلاً، فيجب أن يكون كذلك. اليوم، لم يبقَ لحركة "حماس" إلا جهتان لرعايتها وهما حليفتان للغرب ويمكن أن تقررا الإطاحة بـ"حماس" لأسباب مالية أو سياسية. في غضون ذلك، عزز الجيش المصري جهوده لإعاقة المنفذ الذي تستعمله "حماس" للحصول على الموارد المالية، أي أنفاق التهريب التي تربط بين شبه جزيرة سيناء في مصر وغزة، بينما بقي معبر رفح (المخرج البري الوحيد في المنطقة الذي تسيطر عليها "حماس") مغلقاً منذ سقوط مرسي الدراماتيكي.

لكن لم يكن الوضع إيجابياً دوماً بين "حماس" ومصر خلال ولاية مرسي القصيرة، فقد تعرضت "حماس" لانتقادات لاذعة في الصحافة المصرية. تنجم معظم الانتقادات عن المخاوف من انتشار العنف في شبه جزيرة سيناء بسبب الجماعات الجهادية السلفية الموجودة في غزة. في السنة الماضية مثلاً، هاجم مقاتلون من غزة مركزاً للجيش المصري بالقرب من رفح، وقتلوا 16 جندياً مصرياً، وسرت مخاوف إضافية في القاهرة من تسلل أعضاء "حماس" عبر الأنفاق لتنفيذ عمليات في مصر، ونتيجةً لذلك، أغلق الجيش المصري عشرات أنفاق التهريب تزامناً مع منع نقل الأسلحة إلى الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الصواريخ القصيرة المدى والصواريخ المضادة للدبابات.

لكن رغم ذلك، تابع مرسي توفير الدعم السياسي لحركة "حماس"، فاستضاف شخصية بارزة من "حماس" (موسى أبو مرزوق) على الأراضي المصرية. استضافت مصر أيضاً انتخابات "حماس" الداخلية في وقت سابق من هذه السنة، واعتبر الكثيرون حينها أن مموّلي "الإخوان المسلمين" وجدوا طرقاً لتمويل إخوانهم في غزة سراً كي لا يثيروا غضب حلفاء مصر في الكونغرس الأميركي.

اعتبر مسؤول إسرائيلي أن مصر كانت أشبه بـ"مكتب عمليات حماس". لعب "الإخوان" دوراً أساسياً لضمان تهريب الأموال النقدية التي ساهمت في صمود اقتصاد غزة.

بعبارة أخرى، كان أداء الحكومة المصرية في عهد مرسي متناقضاً، إذ قد يربط مؤيدو نظريات المؤامرة بين مشكلة "حماس" وإسقاط الرئيس في الأسبوع الماضي، لكن لم تكن سياسة البلد تجاه غزة سبباً هامشياً لتدخل الجيش. بالنسبة إلى "حماس" الآن، لا تتعلق المشكلة بغضب الجيش المصري أو انهيار مرسي السريع بقدر ما ترتبط بالأضرار التي لحقت بسمعة "الإخوان المسلمين". في مصر، ما من طريقة سهلة للمضي قدماً، إما أن تستوعب الحركة هزيمتها وتعود إلى دورها السابق في المعارضة الإسلامية، وإما أن تطلق "انتفاضة" ضد الدولة. إنها خيارات صعبة بالنسبة إلى قيادة "الإخوان المسلمين" التي تحدد مسار الحركات الإقليمية الأخرى، بما في ذلك "حماس".

يدرك خصوم "حماس" هذا الواقع، فقد اعتبر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إسحق أهارونوفيتش، حديثاً أن الحركة الإسلامية أصبحت أكثر ضعفاً، كذلك، دعا ياسر عبد ربه، المسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية، "حماس" إلى إعادة النظر بموقعها في المنطقة. فصرح للإذاعة الفلسطينية الرسمية: "إن انتصار الثورة في مصر وسقوط "الإخوان المسلمين" يحتّمان تطبيق مقاربة مماثلة. يجب أن تدرك "حماس" أن الإخوان ما عادوا يستطيعون حمايتها".

لكن تفتقر منظمة التحرير الفلسطينية إلى الوسائل اللازمة لإسقاط "حماس" ولن يوجه الإسرائيليون على الأرجح أي ضربة ضد "حماس" نظراً إلى تعدد التهديدات العسكرية الأخرى التي يواجهونها (أبرزها برنامج إيران النووي وأسلحة الدمار الشامل في سورية).

في الوقت الراهن، لا تزال "حماس" بأمان على الأرجح. يبدو أنها تتمتع حتى الآن بدعم قطر وتركيا، لكن بعد الانفصال عن إيران وسورية ثم انهيار "الإخوان المسلمين" في مصر، يبدو أن "حماس" زادت ضعفاً، وقد تتوقف قدرتها على استعادة قوتها على المجلس العسكري الجديد في القاهرة.

 *محلل سابق في شؤون تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية ونائب رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.

back to top