عزاء لغير الأموات!

نشر في 27-04-2013
آخر تحديث 27-04-2013 | 00:01
 يوسف سليمان شعيب قبل أيام ذهب مصادفة ودون سابق إنذار، ذهب ولن يعود، رحل من هذه الدنيا الفانية، رحل ولم يأخذ منها إلا قطعة قماش تستر جسده الذي سيوارى الثرى، رحل وليس معه إلا عمله ودعاء الناس له.

هناك حيث لا تنفعه صحبة صاحب، ولا مال اكتنزه، ولا عمران شيّده، ولا أُم بكت عليه، ولا ولدً سيرفع اسمه، ولا زوجة ستربي ولده، لن ينفعه إلا عمله.

هو رحل، والآن بين السؤال والجواب، وعرض الأعمال والحساب، فهو في قيامته الصغرى، في دار البرزخ، إن كان ما قد عمله في هذه الدنيا خيراً وصلاحاً، فسيشفع له وسيؤنسه في وحدته، وسيقول وهو في قبره لأهله لا تحزنوا عليَّ، فأنا في حالٍ أفضل من حالي وأنا بينكم، أنا أتمتع بنعيم الجنة التي لم ترها عين ولا سمعت بها أذن، فلا تحزنوا.

أما من رحل وهو مازالت أحلامه وأمانيه تحوم على جثمانه، فسيقول لها وبلاشك نسيت ذكر ربي من أجلك، وكنتي شغلي الشاغل في دنيا زائلة، دنيا فيها القيل والقال وحب المال، فيها لم أكن مع ربي الذي خلقني لعبادته، دنيا لم أزرع فيها لأجني الثمار الآن في قبري، قبري الذي أشعل ناراً، لم أرّ مثل لهيبها يوماً قط، ووحشة تستوحش منها الوحوش المفترسة، فأنا بين ضرب المطارق، ورعص الثعابين وبشاعة ريح أهل النار.

نعم... هذا هو حالك يا ابن آدم، وأنت من سيختار إحدى الصورتين، فاختر ما شئت فأنت من سيجني ثمار ما زرعت واخترت، وعند الحصاد لا تلومن إلا نفسك، ولن يُسأل غيرك عمّا فعلت أنت.

لقد قضيت عمرك الفاني بين حال وحال، وصراع بين النفس وشهواتها ودمعة خشوع افتقدتها، قضيت عمرك الطويل في نظرك تتلذذ وتتمتع ما بين حلال وحرام، فهل أنت مستعد لذلك المقام؟

جهز لذلك الرحيل الذي لا عودة منه، تزود من دنياك لآخرتك، ففي ذلك الحين لن ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

back to top