وجهة نظر : ضريبة القيمة المضافة هل ترى النور في الكويت؟

نشر في 10-02-2013
آخر تحديث 10-02-2013 | 00:01
 د. علي العبدالرزاق تعتبر ضريبة القيمة المضافة أداة مهمة من أدوات تمويل الموازنة العامة في عالم اليوم. ويعود سبب شيوعها الى كفاءتها في تحصيل الايرادات وسهولة تطبيقها فنيا. كما تزامن التوسع في تطبيق هذه الضريبة مع انتشار العولمة وما تبع ذلك من تقليص لضرائب الواردات مما أوجد الحاجة لدى الحكومات لخلق مصادر جديدة لرفد الميزانية.

ورغم وجاهة المبررات الفنية التي قد تساق في معرض تبرير هذه الضريبة، فإنني أجزم بأن القائمين على اعداد هذا المشروع في الكويت يعلمون تماما أنه لن يرى النور قريبا أو على أقل تقدير خلال السنوات العشر القادمة. ويعود عدم التفاؤل ازاء هذا المشروع الى وجود عدد من المعوقات وهي في مجملها ذات طابع سياسي ويمكن تلخيصها في الآتي:

1- الهدر في الانفاق الحكومي: يتفق معظم الاقتصاديين على أن معالجة العجز في الميزانية يجب أن يبدأ في الظروف الاعتيادية بخفض الانفاق وليس بزيادة الضرائب. وبدون الحاجة الى الاسترسال في أوجه الهدر المالي في الكويت - سواء من خلال أوجه الصرف القانونية أو من خلال الفساد المالي – فإن حجم الانفاق العام يعتبر متضخما بكل المعايير. وفي ظل هذه الظروف وبدون اتخاذ حلول جذرية لترشيد النفقات، فان أي ضرائب جديدة سوف يتم تأويلها من قبل البرلمان كموارد جديدة لتمويل الهدر المالي.

2- الاخلال بمبدأ العدالة الاجتماعية: تعتبر ضريبة القيمة المضافة أحد أشكال ضرائب المبيعات والاستهلاك. ومن هذا المنظور فهي ضريبة تنازلية (regressive tax) يكون وطأها أشد على الفقراء ومحدودي الدخل. ولمعادلة وتخفيف الآثار التوزيعية غير الحميدة لهذه الضريبة، عمدت الدول الى تبني ضرائب دخل على الأفراد وبنسب تصاعدية على الشرائح الأعلى دخلا كما أوجدت ضرائب الدمغة وضرائب السلع الكمالية. وفي ظل ظروف الوفرة النفطية الراهنة وهيمنة نفوذ أصحاب المال على القرار السياسي فانه يصعب تخيل قيام الحكومة في وقت ما في المستقبل المنظور بأخذ مبادرة لتطبيق ضريبة دخل تصاعدية على الأفراد.

3- الطبيعة الخدمية للاقتصاد الكويتي: تستهدف ضرائب القيمة المضافة بشكل أساسي بيع وانتاج السلع ولا تركز كثيرا على الخدمات (باستثناء بعض الأنشطة التي تدار من قبل مؤسسات خدمية كبيرة مثل الفنادق والمستشفيات) نظرا لسهولة التهرب الضريبي والكلفة العالية للتحصيل. وفي ظل طبيعة الاقتصاد الكويتي الذي يعتمد على الاستيراد لمواجهة احتياجاته السلعية يبرز التساؤل حول مدى جدوى مثل هذه الضريبة اذا كان بالامكان الحصول على نفس النتائج من خلال ضرائب الواردات؟

4- الحاجة الى تناغم السياسات الضريبة مع باقي دول الخليج: ترتبط الكويت مع بقية دول الخليج من خلال السوق الخليجية المشتركة. ومن هنا فان ضمان واستقرار السوق سوف يتطلب تجانسا (او تقاربا كبيرا) في انواع ونسب ضرائب المبيعات وهو أمر يعني أن الكويت لن تتمكن منفردة من تطبيق هذه الضريبة. وقد يرى البعض ان تطبيق هذا القانون سوف يتزامن مع مبادرات مشابهة في بقية دول المجلس. وشخصيا لا أحبذ هذا الرأي بسبب وجود المعوقات الثلاثة السابقة في معظم دول الخليج ولصعوبة وبطء آلية اتخاذ القرار في مجلس التعاون.

* خبير اقتصادي

back to top