ما هي الحياة المتوازنة؟
التوازن خليط حكيم يتيح لمختلف القوى التعايش مع بعضها من دون أن تؤدي إلى الدمار. يسهل تصوير الأمر حين تنظر إلى ميزان تقليدي وتضع في إحدى كفتيه أوزاناً، إلا أن الأمر يبدو أكثر تعقيداً من الناحية النفسية.
يشبه ألربت أينشتاين الحياة بدراجة، للحفاظ على توازنها لا بدّ من مواصلة التقدّم. إنها صورةٌ مدهشة لأن الحركة ضرورية جداً لتقدّم العجلات بشكلٍ صحيح.تعتمد الحياة أيضاً على الحركة لضمان التوازن. يصعب دحض هذه المقولة لأن السكون لا يمنع المحيطين من التقدّم. لتحقيق ما يلزمك من توازن، لا بدّ من محاولة التكيّف مع معطيات جديدة.
تُعتبر القدرة على التأقلم حجر الزاوية الأهم لتحقيق التوازن الذي يتوقف أيضاً على عوامل أخرى كثيرة. تعادل الحياة المتوازنة في نظرٍ عددٍ كبير من الأفراد حياة خالية من الألم قدر المستطاع. حين تقرر اتباع نظام غذائي متوازن من دون أن تكون محكوماً بحالة صحية معينة، يعتمد قرارك على خوفٍ كامن من خسارة استقرار وزنك. الأمر سيان في ما يتعلق بالحياة. البحث عن حياة متوازنة، يعني البحث عن الاستقرار وبالتالي السعادة. إنه بحث لا يشمل أولئك الساعين وراء كلّ ما يرفع من مستوى الأدرينالين ليشعروا بالسعادة أو الذين يتوقون إلى المخاطر للإحساس بالحياة تسري في عروقهم أو الذين لا يزالون في طور اكتشاف الحياة، فالتوازن يتطلب خبرة معينة.يعتقد البعض أن الحياة المتوازنة تعكس صورة السعادة، إلا أنها تبقى نظرةً فريدة حتى وإن شاركتها مع المقربين منك. من جهة أخرى، يرى عدد كبير من الأشخاص أن الحياة المتوازنة تتحقق حين يوفقون بين عملهم وأسرتهم، في حين يظن آخرون أن التوازن يمرّ عبر بعض القيم فيبحثون عن ضالتهم في قضية أو مهنة أو في إنشاء عائلة كبيرة. لكلّ إنسان حرية اختيار الدرب الذي يناسبه، علماً أن الأخير قد يتغير ويتبدل وفقاً للأحداث التي تؤثر على المحيط القريب. لكن البحث عن الأوزان الصحيحة التي تضمن توازن دفتي ميزان حياتنا يبدو هدفاً يعطي للحياة معنى. اكتشاف عوامل التوازن صحيح أن الحياة المتوازنة تمرّ بالناحية الجسدية التي تساهم في حالتك العامة، إلا أنها تمرّ قبل كلّ شيء بالميول النفسية والخيارات التي تقوم بها في حياتك. فلا جدوىً إذاً من الاعتقاد أنك تنطلق في الحياة بهدف الوصول إلى التوازن.بين عمر الـ15 و25، تسعى وراء السعادة والحب والشغف والإنجاب والمال والشهرة... ولا تشغل بالك بمفهوم التوازن الذي لا تناقشه إلا مع الأهل. في هذا العمر، يعني التوازن «أن تفعل ذلك أو ألا تفرط في فعله»: لا تفرط في التدخين، لا تتعاطى مواد ممنوعة، لا تضرب، لا تفرط في السهر... باختصار يعني التوازن في حياة الشباب الملل!التوازن مفهوم تدمجه في حياتك شيئاً فشيئاً ويشكل جزءاً من الذات والأفكار وأساس قيمك ويرسخ مع ما تتعلمه في الحياة. تتحاشى الكلام عن التوازن لأنه يمنعك عن الحلم ويزرع الخوف من حياة فائقة التنظيم تعرف مختلف ثناياها معرفة دقيقة. لتحقيق التوازن لا بدّ من عبور مراحل مختلفة تتيح لك معرفة الجيد وتزرع فيك الرغبة في حياة جديدة. قوة حقيقية يرتبط التوازن النفسي بأدوات جيدة لمقاومة ما يسيطر عليك من تناقض واكتئاب وخوف وقلق. التوازن في الحياة متراس رائع وسلاح مدهش تستعمله لمواجهة الأزمات. قد تعجز عن التفكير في الفلسفات الآسيوية وبعض المفاهيم كـ{اليان واليانغ» التي تشير إلى التكامل أكثر مما تشير إلى الثنائية. فالـ{يان» يدل على الأسود والأنوثة والقمر والبرد والسلبيات... في حين يدل «اليانغ» على الأبيض والذكر والشمس والحرارة والإيجابيات. يصعب الفصل بين الأمرين لأن عملهما سوياً يوصلك إلى «كي»، إلى الطاقة والحركة. الأمر أشبه هنا بدراجة أينشتاين!يتداخل التوازن مع مختلف نواحي الحياة: التوازن والتكامل في الصداقة والحياة الزوجية والمهنية. أياً كان نوع النسيج العلائقي؛ نفسي أو اقتصادي، عاطفي أو مزاجي، تراه يشكل جزءاً من التوازن في الحياة ويعزز ما تمكنت من إنجازه.بحث صعبصحيحٌ أن مفهوم التوازن لا يطلق عنان الحلم، إلا أنه في الوقت عينه لا يمكن الاستغناء عنه. قد تمر في ظروف تمنعك من العثور على التوازن المنشود الذي قد يكون أحياناً ضعيفاً وغير مستقر، فتسعى إلى البحث عنه، لذلك لا بدّ أن تعي الأمر وأن تتسلح بإرادة قوية للعثور على أجوبة، وسرعان ما ستلاحظ أن الأمر ليس سهلاً...تدرك أهمية التوازن فجأةً، فهو على غرار المشي يدخل خلسةً إلى عقلك وذلك لأنه طبيعي رغم العقبات التي قد تواجهك قبل أن تبلغه. يمشي بعض الأطفل أبكر من غيرهم إلا أنهم ينالون جميعاً النجاح في النهاية. الأمر سيان في ما يتعلق بالحياة، قد يحقق البعض التوازن أسرع من غيرهم، وقد ينجح البعض في الحفاظ عليه لسنوات طويلة في حين يفقده البعض سريعاً.تترك خسارة التوازن النفسي والعاطفي والمهني آثاراً عميقة قد تكون أحياناً خطيرة ومميتة. في حالات مماثلة تتألم روحك وتتراجع معنوياتك فتعجز عن الوصول إلى الـ{كي»، الطاقة الضرورية للنهوض مجدداً وإيجاد السعادة.يحظى بحياة متوازنةأن تقول عن صديق إنه إنسان متوازن فهذا يعني أنك تمدحه لأنك بذلك تعترف أنه تمكن من الوصول إلى حالة تجمع بين رغباته وميوله والحقيقة وبأنه يترك تأثيراً إيجابياً على محيطه أو على الضعفاء من حوله. انطلاقاً من هنا، تتوقع دائماً ملاحظة التوازن ومزاياه في شخصية الأستاذ أو المدير أو الوالدين.عند ممارسة تمرين التوازن، ينبغي أن تعمل قدماك على التوالي للعثور على التوازن فينتقل فعل الحركة من واحدة إلى أخرى. خلال هذا التمرين، تبذل عضلات البطن مجهوداً في العمل للحفاظ على التوازن الذي يبدو مهمة صعبة حين تكون العضلات ضعيفة. الأمر سيان في ما يتعلق بالناحية النفسية، يصعب أحياناً أن تتخلص من التوازن المتزعزع، ولكنك تنجح في ذلك شيئاً فشيئاً بعد أن تقوي عضلاتك المعنوية لتحافظ على توازنك وثباتك أياً كانت ظروف الحياة.