الروائية الليبية نهلة العربي: أعمالي صادمة ونعيش الواقعية القذرة

نشر في 06-05-2013 | 00:02
آخر تحديث 06-05-2013 | 00:02
ترى الروائية الليبية نهلة العربي أن الحريات الأدبية صارت أعلى بعد الثورة ولكن بشكل غير مستقر وأن الجميع في ترقب لما تسفر عنه الأوضاع في السنوات المقبلة لأن هناك حالة من التخوف من سيطرة تيار بعينه على المشهد بعد الثورة ومواجهة بعض الأفكار المتشددة. وتؤكد العربي في حوارها
لـ {الجريدة} أن طريق النهوض بالأدب والفن لا يتم إلا إذا آمنا بأن القضاء على الجهل أهم من توفير الخبز وحده.
أخبرينا عن روايتك الجديدة {الساحر} ولم التأخر في نشرها؟

انتهيت من كتابة {الساحر} 2010 ولم أتمكن من نشرها لسببين الأول لظروف تخص النشر والثاني بداية أحداث الثورة في 2011. كنت أعمل آنذاك ضمن مجموعة أدبية تدعى {صخب} تتضمن كلاً من أحمد البخاري ومحمد المصراتي وخيري جبودة وحسام الوحيشي. كانت لدينا رغبة جماعية في تقديم أعمال صادمة في واقعيتها تحمل في داخلها انعكاساً تاماً لكل الفساد والبشاعة الموجودة في الحياة اليومية، وتضع القارئ في مواجهة حادة أمام كل من يحاول التغافل عنه ونسيانه بل والهرب من حقيقة وجوده في بيته أو عمله أو الحي الذي يقطن فيه. فتشكل حالة شعورية من النفور لهذه الصور في مرايا الحقيقة والرغبة العارمة في الثورة على هذه الأوضاع فيسعى المرء بالتالي إلى التغير.

يُصنف هذا النوع من الكتابة من ضمن تيار أدبي موجود منذ عقد في أميركا يدعى {تيار الواقعية القذرة} أو {تيار الصدمة الواقعية}. أدركنا آنذاك أن تقديم مثل هذه الأعمال الجريئة في سيطرح مغامرة قد تنهي مستقبلنا الأدبي قبل أن يبدأ، وذلك في ظل مجتمع منغلق ونظام سياسي يحد من الحريات. ولكن رغبتنا في التغيير كانت أكبر من تلك المخاوف.

هل ترين عنوان {الساحر} صادماً؟

تُفهم كلمة {الساحر} من خلال السرد أنها مرادف لكلمة نصاب، فكل منهما حياته المهنية قائمة على الخدعة والخفة والذكاء والسرعة ومجتمع غافل عن كل ما يدور من حوله. وصدمة الرواية في واقعيتها فهي تحكي عن أحداث واقعية.

ماذا عن روايتك {متاهات} والتي لم تنشر بعد؟

كتبت متاهات عام 2007 وكانت تجربة خجولة تدور أحداثها حول مجموعة من الصحافيين يزج بأحدهم في سجن أبوسليم وهو أحد أشهر السجون الليبية، ويعاصر حادثة المجزرة (مجزرة سجن أبوسليم الشهيرة التي راح ضحيتها نحو 1200 سجين معظمهم من سجناء الرأي)، ويخرج من السجن بعدها ليروي ما حدث.

في تلك الفترة كان مجرد الكتابة عن الأمر يعد خيانة عظمى للنظام، لكنني كنت أحمل في داخلي قدراً من التحدي يكفي للتحدث عن الأمر في كتاب. وحين أعلنت وزارة الثقافة في عهد القذافي عن مسابقة للأعمال الأدبية فكرت بالمشاركة بـ{متاهات}، وقبل تسليم النص بيوم نصحني بعض الأصدقاء باستشارة محام لوجود بعض الأسماء لشخصيات حقيقية ومعروفة في الوسط الثقافي الليبي على قيد الحياة. توجهت إلى المحامي والكاتب مفتاح قناو ومعي النص فقرأ بعض الفصول ونصحني بعدم خوض المسابقة بنص يحمل اتهاماً مباشراً للنظام بارتكاب مذبحة جماعية، إلا لو قررت تسليمه والخروج من البلاد. وتحت ضغط من عائلتي لم أسلم الرواية.

بعد الثورة، حين أقرأ {متاهات} أجدها رواية جميلة ولكنها تفتقر إلى كثير من الجوانب المهمة في الكتابة الروائية. شعرت وكأن خبرتي من خلال القراءات المتعددة كل تلك الفترة جعلت مني كاتبة أفضل يمكنها تقديم نص أكتر نضوجاً من {متاهات}، لهذا لم تنشر ولم أقرر بعد ماذا سأفعل بشأنها.

العمل الذي لا يحتوي على ذاكرة يموت سريعاً، فإلى أي مدى تحرصين على وجود الذاكرة في كتاباتك؟

توجد بشكل كبير. الذكريات مصدر مهم من مصادر القص، خصوصاً في التجربة الروائية الأولى، حيث يحمل النص قدراً من تجارب الكاتب الشخصية، ولا بد من أن تجد شخص الكاتب يطل برأسه هنا أو هناك بين شخصيات العمل.

ما هي الأسماء الأدبية التي أثرت طروحاتها على فكرك وكتاباتك؟

كثيرة، من بينها الكاتب الجزائري واسيني الأعرج وأحلام مستغانمي، وأعشق الضرب في الأساسات والمفاهيم السائدة من خلال إطار من التشويق في أعمال دان بروان. تأثرت أيضاً بالكتاب الشباب وطريقة طرحهم، من بينهم الخميسي وأحمد مراد والبخاري.

ما تأثير الثورة الليبية على المشهد الثقافي الليبي اليوم وهل من المتوقع أن تفرز تلك الثورات مشاريع تنويرية للأمة؟

بعد الثورة يمكن القول إن سقف الحريات أصبح أعلى ولكن بشكل غير مستقر، كأننا نمر بحالة تتشكل فيها الصورة النهائية لما سيكون عليه الوضع في السنوات المقبلة. ثمة حالة من التخوف من سيطرة تيار بعينه على المشهد، وستفرز الثورات مشاريع تنويرية للأمة في حالة واحدة: إن حققت تلك الثورات أهدافها الحقيقية. ولا بد من الإيمان بأن طريق التنوير ينبغي أن يتم عن طريق القضاء على الجهل وليس توفير الخبز وحده.

إلى أي مدى نجحت المرأة الليبية في طرق أبواب الأدب؟

الكتابة الأدبية النسائية موجودة وبقوة منذ مدة كبيرة، وثمة أسماء كثيرة ذات ثقل وتواجد دائم في المشهد الثقافي الليبي، سواء في مجال الشعر أو الكتابة الروائية.  

هل حققت الكتابة كل ما تحلمين به؟

الكتابة وسيلة لتحقيق كل ما أحلم به، وتحقيق الأحلام يحتاج إلى الاستمرارية والمثابرة وبذل كثير من الجهد لن يحدث هذا بين ليلة وضحاها.

ما جديدك في الفترة المقبلة؟

أعمل راهناً على رواية جديدة ومن المتوقع صدورها العام المقبل.

نبذة

نهلة العربي صحافية وكاتبة ليبية، من مواليد 1982 طرابلس. درست الأدب الإنكليزي عام 2006، وعملت في مجال الصحافة لفترة ثم عملت في مجال تصميم أغلفة الكتب وأول أعمالها في مجال التصميم غلاف رواية «كاشان» للكاتب أحمد البخاري، ورواية «الساحر» عن دار «الرواد».

back to top