جوانب خفية في حياة الشاعر بشر فارس مهد لحركة الحداثة في الشعر العربي

نشر في 01-03-2013 | 00:01
آخر تحديث 01-03-2013 | 00:01
No Image Caption
كشفت حفلة توقيع الأعمال الكاملة للشاعر بشر فارس، التي أقامتها «الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية»، عن أسرار وجوانب خفية في حياة الشاعر الذي عرف في الأوساط الثقافية بأنه مصري يعيش في باريس.
قال الناقد الأدبي د. عبد الناصر حسن إن بشر فارس شاعر وكاتب ومفكر، ولد في قرية من قرى لبنان وتُوفي في القاهرة، اسمه الحقيقي غدوارد، وقد استوطن مصر، واختار له اسم بشر، وتلقى علوم الابتدائية والثانوية في القاهرة. بعد ذلك، رحل إلى باريس، ودرس في السربون، وحصل على الدكتوراة في الأدب العربي عام 1932 عن أطروحة بعنوان «العرض عند عرب الجاهلية». درس الفلسفة والفن وتاريخه، وكان له ولع خاص بكل ما يتصل بلغة العرب، ثم قصد ألمانيا وبريطانيا لدراسة فلسفة اللغة والأساليب، ثم عاد إلى مصر ومارس التدريس في الجامعة المصرية.

جاء كلام حسن في حفلة توقيع أعمال بشر فارس الكاملة، وقد أضاف أن الشاعر كتب بحوثاً باللغتين العربية والفرنسية.

كذلك تناول د. حسن تاريخ بشر والمناصب التي تقلدها والجوائز التي حصل عليها والقصائد التي نشرت له، مشيراً إلى أن له مسرحيتين هما «مفرق الطريق» من فصل واحد ومسرحية «جبهة الغيب»، وهما  عملان رمزيان يمزجان الشعر في النثر، وأصدر أيضاً مجموعة قصصية قصيرة بعنوان «سوء تفاهم» وله دراسات في اللغة العربية والحضارة وفلسفة الفن، وصدرت له كتب ومقالات في الصحافة المصرية من بينها «مباحث عربية في اللغة والاجتماع»، «الظلال في الأدب»، «سوامح مسيحية وملامح إسلامية»، بالإضافة إلى قصص ومقالات باللغة الفرنسية.

 ويُعد بشر من طليعة الشعراء الرمزين الذين مهدوا لحركة الحداثة في الشعر العربي، وقد ارتكزت رمزيته على تأثير غربي وموروث عربي صوفي، فضلاً عن تأثره بتيارات مهجرية ذات نزعة تنحو إلى التجريد، وقد تيسر له أن ينطلق من الواقع المحسـوس إلى المدرك العقلي المجرد في الشعر خصوصاً، ووصفه د. محمد فتوح أحمد في كتابه «الرمز والرمزية» بأنه أحد الشعراء القلائل الذين يتميز معظم قصائدهم على تباعد تواريخها بوحدة التجربة الكلية التي تربط بينها.

وقال د. جابر عصفور إن قيمة بشر فارس تنبع من كونه ممهداً للحركة الرمزية ورائداً سيئ الحظ شأنه شأن أقرانه من الرواد، لأنهم يمهدون الطريق ولكنهم في سبيل ذلك التمهيد لم تكتمل لهم أشياء تضعهم موضعاً لا يزال باقياً، ولأن الشاعر الحقيقي هو الذي إن مات يظل موجوداً، وأن فارس أحد هؤلاء الذين لا يتمتعون بدرجة كبيرة من الشعرية التي تجعل من شعرهم وجوداً حاضراً مستمراً عبر الزمن والأجيال.

عصفور قارن أيضاً بين فارس وبين الشاعر سعيد عقل، رائد الحركة الرمزية العربية والذي يظل لشعره وجود حيوي واسع، كذلك أوضح أنه قد فجع في شعر فارس وتساءل: لماذا لم يبق هذا الشاعر ولم يكن شأنه شأن غيره من الكُتاب الذين عانوا في أن الشعر أدى بهم إلا أن يسهموا في الحركة الرمزية المصرية؟ ومجيباً أنه اكتشف أن السبب في ذلك أن الشاعر كان مغترباً في مصر، وهو ابن لأبوين لبنانيين عاش في بيئة لبنانية فرنسية في الغالب وحاول الاقتراب قدر الإمكان من الثقافة العربية، واختياره موضوع الدكتوراه «العرض عند عرب الجاهلية»، أي دراسة القيم البدوية الحقيقية في عمق التاريخ القديم للعصر القديم، من حيث القيمة الفنية أعطاه التمكن من الصياغة العربية الكلاسيكية لكن لم يعطه من المفردات الشعرية ما يجعله قادراً على أن يبحر في بحار الرمزية.

وقال الشاعر عبد العزيز إن بشر فارس تأثر بما تأثر به الرواد من جيله مثل انتمائه إلى الشمولية في الكتابة، حيث كان الرواد أمثال طه حسين وشوقي وآخرون يكتبون في الفن والشعر والثقافة... إلخ، ما أثر على بشر في شعره وجعله متصفاً بالرومانسية التقليدية، ونجده قد جمع بين النص الفلسفي والنص الصوفي وكل منهما في الشعر يتضاد مع الآخر، فالنص الفلسفي يعتمد في الشعر على التجريد، أما النص الصوفي فيعتمد على التصوير، ما أفقد شعر بشر فارس الرومانسية.

يُذكر أن وقائع الحفلة بدأت بإلقاء الناقد د. محمد سيد إسماعيل ثلاثة نماذج شعرية لبشر فارس، موضحاً أنه كتب عن كل فصول العام في باريس، نظراً إلى ارتباطه بها كمدينة شأنه شأن الرواد من جيله أمثال شوقي وهي «الربيع في باريس»، «الصيف في باريس»، و{أنشودة الفجر».

back to top