اللغة أم الموسيقى الصاخبة... لماذا لا يتقبل الجمهور العربي «موسيقى الميتال»؟
موسيقى الميتال نوع نادر الانتشار في العالم العربي، ربما لأنها عرفت على يد من سموا أنفسهم {عبدة الشيطان}، مع أن هذه الأغنيات تناقش في مضمونها قضايا مهمة، مثل: الحروب والإدمان وعلاقة الإنسان بمحيطه وأمور أخرى كثيرة لا علاقة لها بالكفر أو عبادة الشيطان. وعلى الرغم من أنها تواجه بنفور، فإن فرقاً موسيقية أعادت طرحها إيماناً منها بأهمية هذا اللون تحديداً.
{أناركي} إحدى أكثر الفرق جماهيرية بين أوساط محبي موسيقى الميتال في مصر، تأسست عام 2009 وقدمت حفلاتها في مصر وفي دول العالم، وستشارك في مهرجان دبي لموسيقى الميتال الذي سينطلق الشهر المقبل.حول نظرة المجتمع العربي إلى تلك الموسيقى والأغنيات يوضح أدهم كفافي، مطرب الفرقة: {يصنفنا البعض كأشخاص سيئين نمارس طقوساً صاخبة، رغم أننا درسنا هذا اللون من الموسيقى، وتروّج هذه الأغنيات لقيم تساعد على إصلاح المجتمع ومحاربة الشرور التي يواجهها العالم.
يضيف أنه يكتب الأغاني لفرقته بالإنكليزية لأنه يود أن تصل الرسالة التي تحملها إلى العالم بأسره، كون الإنكليزية لغة متعارف عليها عالمياً، مشيراً إلى أن أصحاب موسيقى الميتال لا يتلقون دعماً من مؤسسات الدولة لقلة جماهيرية هذا النوع في مصر، خلافاً للفرق الموسيقية الأخرى، متمنياً مع الوقت أن يستوعب الوطن العربي هذا النوع ويمنحه فرصة حقيقية للوصول إلى الناس نظراً إلى القيم التي يتضمنها.طاقة غضبسامي سيد مطربScarab أو {جعران} يؤكد أن الفرقة، منذ تأسيسها (2006)، تقدّم موسيقى الميتال بكلمات إنكليزية، ولم يواجه وفرقته صعوبات أثناء إحياء حفلات في مصر، وكان ثمة ترحيب بهم، لا سيما في ساقية الصاوي.رغم التجاهل الإعلامي تجاه موسيقى الميتال فإن سامي سيّد يستمتع بتقديمها بغض النظر عن {البروباغندا} الإعلامية التي يفتقدها هذا النوع من الموسيقى. يضيف أن الميتال موسيقى صاخبة فيها طاقة غضب، ما يفسر لماذا لا يتقبلها الجمهور بسهولة، {رغم أن طاقة الغضب هذه موجهة تجاه الأمور التي نرفضها في حياتنا مثل الكراهية والحروب والقتل، وبمجرد غنائنا بهذا الصخب والغضب نشعر بالهدوء، ما يبيّن أن هذه طريقة صحية لمواجهة ما نكرهه في الحياة}. يعزو الناقد الفني محمود مصطفى كامل عدم انتشار هذا النوع من الموسيقى في الوطن العربي إلى استخدامه آلات موسيقية غريبة على أذن المستمع العربي، مثل الغيتار الإلكتروني، بشكل عنيف وصاخب ما يزيد من عزوف المستمع العربي لها.في المقابل، يؤكد عازف الغيتار عمر الديب من فرقة الميتال SimpleXity أن الغيتار الإلكتروني ليس غريباً على الأذن العربية، بدليل أن لعمر خورشيد (عازف على الغيتار) جمهور كبير ما زال يستمع إلى موسيقاه لغاية اليوم رغم رحيله، {إلا أن المزيج الذي يصنعه صوت الغيتار مع آلة {الدرامز} وطبيعة الغناء والأداء كلها أمور تجعل هذا اللون من الموسيقى غير مقبول لدى البعض، بتعبير أدق ينفر هذا المزيج بعض الناس منه}، لافتاً إلى أنه لا يعاني وفرقته من هذا الأمر لأنهم يقدمون نوعاً أكثر هدوءاً في موسيقى الميتال.يضيف أن استخدام فرق الميتال الإنكليزية في كتابة الاغاني، لأن لا جماهيرية لها في الوطن العربي، فمن لا يتحدث الإنكليزية لن ينال من هذا النوع من الموسيقى سوى الصخب.في هذا الإطار، يشير سامي سيّد إلى أنهم يكتبون الأغاني بالإنكليزية لأنها لغة مستخدمة عالمياً، موضحاً أنه يحلم باليوم الذي يستطيع غناء الميتال بالعربية، مع أن ذلك سيحتاج إلى وقت ليستوعب الجمهور هذا النوع من الموسيقى ويعتاد عليه.ظلم وعدم فهمعوامل خارجية كثيرة ظلمت هذا النوع من الموسيقى، ليس في الوطن العربي فحسب بل عالمياً أيضاً، برأي محمود كامل الذي أوضح لـ «الجريدة» أن فرقاً معروف عنها أنها ضد الدين اتبعت طرقاً متطرفة كحرق الكنائس مثلما حدث في النرويج، وتلك حالة فريدة بالطبع، إلا أن الناس عمموها على موسيقى الميتال، خصوصاً أنها ظهرت في الستينيات وبدأت الانتشار في السبعينيات، لذا تعتبر نوعاً جديداً من الموسيقى ما زال يشق طريقه إلى الجمهور.بدوره يشير المؤلف الموسيقي عمرو اسماعيل إلى أن موسيقى الميتال لا تستهويه، لكنه، كمؤلف، تلفت نظره تقنية الغيتار وأساليب عزفه، مضيفاً أن صخب موسيقى الميتال من إيقاعات وإضافة مؤثرات لزيادة الضوضاء وصوت الآلات الموسيقية كالغيتار مع أسلوب الغناء، كلها عوامل تجعل المستمع في الوطن العربي لا يتقبلها بسهوله، نظراً إلى الثقافة الأصيلة الراسخة للموسيقى العربية الشرقية.