غرور أم ثقة بالنفس؟ الفنانون في ميزان الشهرة

نشر في 06-07-2013 | 00:01
آخر تحديث 06-07-2013 | 00:01
غرور، تكبّر، ثقة عالية بالنفس... وغيرها من المفردات تلصق بالفنانين عموماً، كون الأضواء مسلطة عليهم أكثر من غيرهم، فيحار الناس أحياناً في تفسير تصرف هذا الفنان أو ذاك، لدرجة أنهم قد يفسرونه بصورة خاطئة، ويلصقون به صفة الغرور في حين انه براء منها، فيسارع إلى وسائل الإعلام لتصحيح صورته، كي لا تهتز ويفقد حب الجمهور له.

في المقابل، يرافق الغرور فنانين كثراً سواء كانوا على خشبة المسرح أو بين الناس أو في حياتهم اليومية، مع أن أرشيفهم الفني لا يتضمن سوى أعمال قد تعدّ على أصابع اليد الواحدة، ويتصرفون كأن الساحة الفنية لا تتسع إلا لهم، فينفرون الجمهور منهم، لأنهم يتناسون عن قصد أو عن غير قصد أنه هو الذي أوصلهم إلى النجومية.

كيف ينظر الفنانون إلى هذه الإشكالية؟ وكيف يفسرون الخيط الرفيع بين الغرور والثقة بالنفس؟ سؤالان طرحتهما «الجريدة» على مجموعة من الفنانين وحصدت الانطباعات التالية.

الكبار قمة التواضع

أحمد عبدالمحسن

أحمد العونان

 {الإعلام أحد أسباب إدخال الغرور إلى قلب الفنان وعقله لأنه يضخم صورته فيصدق الفنان نفسه وينتابه التعالي والتكبّر} برأي الفنان أحمد العونان،  موضحاً أن الغرور يقتل الفنان فنياً وينفّر الجمهور منه، وهذه العادة سيئة، لافتاً إلى أن الغرور  يبرز بأشكال من بينها: عدم الاحترام وعدم الالتزام بمواعيد التصوير، يقول: {أعتقد أن الغرور مرض نفسي يقتل الإبداع بشكل أو بآخر ويقضي على النجومية، سبق أن تعاملت مع فنانين واستغربت طريقة تعاطيهم مع الجمهور ومع الزملاء ولا أعرف سبب هذا الغرور}.  في المقابل، يؤكد العونان أن الفنان المتواضع يكسب محبة جماهيرية واسعة، {نرى ذلك واضحاً لدى فنانين كبار قدموا الكثير وأثبتوا حضورهم ونجوميتهم على الساحة الفنية، مع ذلك هم متواضعون، مثل الفنان الكبير عبد الحسين عبد الرضا، فتعاملي معه كان جميلاً ولم أستغرب تواضعه، على رغم نجوميته في الوطن العربي، فيما نرى فنانين آخرين اجتاحهم الغرور مع أن أرشيفهم يتضمن عملاً أو اثنين}.

 

داليدا

{ليس من الضرورة أن تحوّل الأضواء النجم إلى شخص مغرور. لم يتأثر فنانون كبار بالشهرة من أمثال محمد عبده الذي تجده في قمة التواضع وهو يستحق أن يكون مغروراً}، تقول  الفنانة داليدا موضحة أن الغرور مقبرة الفنان، لكنه لم يعد اليوم  أحد الأمور المهمة، { فالدعم الإعلامي والإعلاني للفنان يقف خلفه ويمسح أي غرور أو خلل في نفسه}.

تضيف داليدا أن البعض يعتبر الثقة بالنفس غروراً، ولكن  ثمة مفاهيم أخرى لهذا الأمر، {واثق الخطوة يمشي ملكاً، أستطيع التعبير عن ثقتي بنفسي أمام الناس إنما بتواضع. الثقة بالنفس جميلة ولكن  بلوغها حدّ الغرور هو مرض لا دواء له}.

مشعل الشايع

الغرور موجود لدى الإنسان ويأتي نتيجة عوامل عدة، وهو لا يقتصر على الفنانين فحسب، بل  يصاب أشخاص كثر  به بمجرد تغير بسيط في حياتهم، كحصولهم على منصب معين أو إرث...} يؤكد الفنان مشعل الشايع ويضيف: {أقرأ على الدوام دعاء الابتعاد عن الغرور، وأتمنى ألا أصاب به يوماً، خير الأمور أن تكون في التوبة لله عز وجل من الغرور}.

يتابع: {دعنا نتحدث عن الأمور بتسلسل، فمثلاً إذا أصبح الفنان مشهوراً أو نجح فالسبب الأول والأخير هو الجمهور، لذا من الغباء أن يتعالى الفنان عليه لأن بيد الجمهور  قتل النجومية بسهولة}.

يوضح الشايع ألا صعوبة في الابتعاد عن الغرور، {لا أعتقد أن الأمور ستختلف بالنسبة إلى الفنانين إذا تواضعوا بل يكسبون محبة جماهيرية مضاعفة}.

عبدالعزيز الحشاش

 

لمجرد أن يصبح فنانون معينون نجوماً يعتقدون ألا أحد يستطيع مضاهاتهم ويصابون بالغرور فيعزلون أنفسهم عن الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي ويصابون بالغرور ولا يتحدثون مع الجمهور}، يقول الكاتب الشاب عبد العزيز الحشاش، متسائلاً:  {لا أعرف لماذا هذا الغرور، فالجمهور هو من أوصل النجم إلى الشهرة، بالتالي يستطيع قتل الفنان فنياً متى أصبح مغروراً}. يدعو الحشاش الفنانين الشباب إلى الاقتداء بالنجوم الكبار وبتواضعهم مع الجماهير، واصفاً الغرور بالمرض النفسي الذي  على الفنان تداركه ومعالجة نفسه منه.

اتهامات باطلة

بيروت  -  ربيع عواد

ميريام فارس

{لست مغرورة ومن يقترب مني يكتشف حقيقة شخصيتي} تؤكد ميريام فارس في حديث لها مستنكرة الاتهامات الموجهة إليها والتي تصفها بالغرور والتعالي، ومشيرة إلى أن مظهرها وإطلالتها هما السبب.

تضيف: {من يقترب مني يكتشف أنني إنسانة بسيطة، هادئة، تحب الناس. لكن طبعي الفني غير الكلاسيكي وإطلالاتي التي تتسم بطابع الغرابة أديا إلى تكوين فكرة خاطئة عني. أكره الغرور وأؤيد مقولة إنه مقبرة الفنان}.

يذكر أنه في إطلالة أخيرة لميريام، تم التركيز على جانب من شخصيتها الذي يتسم  بالكرم والعطاء والمبادرة إلى الإحسان، ما يعزز قربها من الناس ومحبتهم لها.

شذى حسون

{أنا فتاة طبيعية، والبعض يفسّر العفوية على أنها غرور، أستغرب حين أسمع الناس يصدرون أحكاماً يميناً وشمالاً قبل أن يتعرّفوا إلى الشخص جيّداً أو يخالطوه}، تقول شذى حسون في حديث لها تعليقاً على الاتهامات التي طاولتها ووصفتها بالمتعالية.

تضيف: {إذا استمرّوا بالقول إنني مغرورة فقد أُصاب به من دون أن أشعر،  بصراحة أنا عفوية وتلقائية إلى أبعد الحدود، لكن عندما يتصرّف الإنسان على طبيعته وسجيته بشفافية، في حال كان غاضباً أو سعيداً أو حزيناً، يعتقد البعض أنه مغرور، لأن الناس غير معتادين على التعامل بصدق وطبيعية}.

توضح أنها بحكم تجاربها وخبرتها في الحياة أصبحت أكثر نضجاً واكتسبت ثقة أكبر بنفسها، {قد يفسّر البعض ذلك غروراً على رغم الفارق الكبير بينهما}.

لاميتا فرنجية

{عرفت الشهرة منذ طفولتي، لكني لم أعرف الغرور يوماً. لا أفهم كيف يستطيع أي شخص التعالي على الناس مثلا وهو لم يكن ليحصد الشهرة لولا دعم هؤلاء؟}، توضح لاميتا فرنجية مشيرة إلى أن الغرور لا يصيب إلا من يفتقر إلى الثقة بالنفس.

 تضيف: {على الفنان الاجتهاد على نفسه والعمل على تحقيق طموحاته وتمني الخير لغيره، وعدم نسيان فضل كل شخص ساهم ببلوغه المرتبة التي وصل إليها}.

تصف نفسها بأنها تهوى الحياة، وتشعر بسعادة عارمة حين يقترب منها الناس في الأماكن العامة ليلقون السلام عليها أو يلتقطون الصور معها.

ليلى اسكندر

{الغرور دليل ضعف في الشخصيّة، والشهرة سلاح ذو حدين، يمكن أن يحصد الفنان محبة الناس ويكتسب ثقة عالية بالنفس، أو قد يغرق في رمالها المتحركة وينسى نفسه وبالتالي يكون الفشل حليفه}، تشير ليلى اسكندر، لافتة إلى أنها خلال مشاركتها في برنامج {ستار أكاديمي} حققت شهرة واسعة، مع ذلك لم تصب، بعد تخرجها، بالغرور أو التعالي على الناس، بل شعرت أن بفضل تصويتهم  استمرت في البرنامج.

تضيف: {مع مرور السنوات وتقديم أعمال فنية حققت نجاحاً، ومع تطور مواقع التواصل الاجتماعي توطدت علاقتي بالجمهور، ما من فنان يسيطر عليه الغرور إلا سيقع يوماً، فلولا الناس لما حصد الشهرة التي يعيشها}.

بداية النهاية

القاهرة -  بهاء عمر

النجم عمرو دياب أكثر من طاردتهم اتهامات الغرور، نظراً إلى شروطه الصعبة التي يضعها على منظمي حفلاته، واستحالة الوصول إليه في أي منتدى اجتماعي أو فني، ويكاد يكون الفنان الأقل ظهوراً في اللقاءات العامة.

في لقاءاته الصحافية والإعلامية، يدافع دياب عن نفسه مؤكداً أن ندرة الظهور ميزة وليست غروراً، فهي تجعل النجم بعيداً عن التشابك مع الإشاعات التي تنتشر في الوسط الفني، وتربط ظهوره بعمل فني يقدمه فحسب، لا سيما أن الحفلات هي المكان المناسب للقاء النجم بجمهوره.

من جهة أخرى، يعتبر دياب حياته الخاصة سياجاً حديدياً لا يمكن الاقتراب منه، لدرجة أنه نشر صورة وحيدة تجمعه مع أبنائه خلال إحدى رحلاتهم إلى أميركا، مشيراً إلى أن ذلك لا علاقة له بالغرور، بل ضمانة لحياة مستقرة بعيدة عن صخب الإعلام.

قتل الفنان

 ترى لقاء سويدان أن الغرور أسرع طريقة لقتل الفنان، لأنه يبعد عنه المقربين منه، مشيرة إلى أن الجمهور شديد الذكاء ويكتشف بسهولة الفنان الذي أصابه الغرور فينصرف عنه سريعاً.

تضيف أن النجومية والنجاح يجب أن يترتب عليهما مزيد من التواضع أمام الجمهور الذي يمنح التقدير كشهادة نجاح وبإمكانه حجبه ساعة يشاء، لافتة إلى أن الفنان الذي تكون موهبته ضعيفة يُصاب بالغرور، ومشيرة إلى ضرورة انتباه النجوم الشباب الذين يبدأون مشوارهم الفني، إلى أن نجاحهم يعني مزيداً من الاقتراب من الناس وليس الابتعاد عنهم، وكلما كانوا عاديين نجحوا في تجسيد شخصيات أكثر تنوعاً في أعمالهم الفنية.

المطربة نسمة محجوب نجمة {ستار أكاديمي} تعتبر نفسها من المحظوظات بسبب نشأتها في أسرة فنية، إذ يعمل والدها مخرجاً، وبالتالي فهي قريبة من الوسط الفني ولا أزمة نجومية لديها، مؤكدة أن الغرور هو بداية النهاية لأي إنسان وليس للفنان فحسب.

تضيف أن الفنان المغرور يحتاج إلى مراجعة نفسه قبل فوات الأوان، لا سيما أن محبة الجمهور وتقديره هما رأس المال الحقيقي له، وأي محاولة للتعالي أو الغرور سيترتب عليها خسارة فادحة مهما كانت موهبة النجم.

توضح نسمة أن اتهامات بالغرور التي تطارد الفنانين ناتجة عن اتهامات بعض الإعلاميين لهم، لأسباب تتعلق برفض إجراء حوار صحافي أو الظهور في وسيلة إعلامية.

ثقافة التواضع

 يرى الفنان محمد عبده، عضو {فريق بلاك تيما}، أن الحديث عن ارتباط الغرور بفنان ما كفيل بوضع نهاية له، مؤكداً أن الفن الحقيقي ينبع من ثقافة الجمهور ويعبر عنه ويوجهه.

يضيف عبده أنه يحرص يومياً على ارتياد مقهى قريب من منزله، للجلوس مع أصدقائه وجيرانه، وأن هذه العادة جعلته يكتسب مزايا في مقدمها زيادة صداقته بالناس، والاستماع إلى الملاحظات التي يوجهها إليه المقربون منه.

يوضح عبده أن أعمالاً كثيرة للفريق الغنائي {بلاك تيما} حققت نجاحاً لأنها كانت نابعة من التفاعل بين مؤسسي الفريق والناس بفئاتهم وطوائفهم وثقافاتهم... وقد ظهر ذلك في الأداء والنجاح المتميز لأغنية {زحمة} التي رصدت أحوال المواطنين المقهورين والضغوط التي يتعرضون لها وهاجمت الفساد، قبل قيام ثورة 25 يناير في مصر.

تفخيم الذات

يعتبر الدكتور محمود عبد الحميد، أستاذ علم الاجتماع في جنوب الوادي، أن الغرور ظاهرة إنسانية عموماً، تنشأ في الأوساط القريبة من وسائل الإعلام وتحديداً النجوم، معتبراً أن الغرور نتاج لفكرة الإحساس المتضخم بالنفس والقيمة وتفخيم الذات أكثر من اللازم خلافاً للحقيقة.

يُفرق عبد الحميد بين الثقة بالنفس والغرور بقوله، إن الفاصل بين الحالتين هو مدى القبول بوجود آخرين متميزين، ففي حين يرفض المغرور الاعتراف بنجاح غيره لا يواجه الواثق بنجاحه وموهبته مشكلة في نجاح غيره، مشيراً إلى أن تطور الغرور قد يصل إلى حالة مرضية تؤدي إلى إيذاء الآخرين وإيذاء النفس.

يضيف أن الفنان مؤهل أكثر من غيره للإصابة بالغرور، خصوصاً أنه يتعرض لكمّ من الثناء على أعماله الفنية، فيتصور أن التقدير شهادة طويلة، فيما في الواقع هو مؤقت ينتهي بمجرد زوال السبب... مشيراً إلى أن الفنان الذي ينجو من الغرور يكون ناجحاً أكثر من غيره وواثقاً بموهبته في حين أن المغرور في كثير من الأحيان تكون موهبته ضعيفة.

 

back to top