مشكلة القيادة الإسلامية وتشجيع القتل باسم الدين!

نشر في 31-05-2013
آخر تحديث 31-05-2013 | 00:01
يتكرر هذا المشهد كل مرة، يتقدم رجال مسلمون يرتدون بزات وربطات عنق أو نساء مسلمات يضعن حجباً عصرية ليطمئنوا العالم أن هذه الاعتداءات لا مكان لها في الإسلام الفعلي، وأنها أساليب فاسدة تحيد عن الإيمان الحقيقي.
 وول ستريت جورنال سبق أن رأيت هذا المشهد: يذبح إرهابي إسلامي مواطناً غير مسلم في الغرب، فيسارع ممثلو المجتمع الإسلامي إلى النأي بأنفسهم وإيمانهم عن الإرهاب. فبعد أن طُعن الجندي البريطاني لي ريغبي حتى الموت الأسبوع الماضي في ولويتش في جنوب لندن، سارعت جولي صديقي، ممثلة الجمعية الإسلامية في بريطانيا، إلى الوقوف وراء الميكروفون لتؤكد أن كل المسلمين الصالحين "استاؤوا" من هذا الاعتداء، "على غرار الآخرين".

يتكرر هذا المشهد كل مرة. يتقدم رجال مسلمون يرتدون بزات وربطات عنق أو نساء مسلمات يضعن حجباً عصرية ليطمئنوا العالم أن هذه الاعتداءات لا مكان لها في الإسلام الفعلي، وأنها أساليب فاسدة تحيد عن الإيمان الحقيقي.

ولكن ما القول، إذن، في عمر بكري؟ فهو أيضاً يدعي أنه يتحدث باسم الإيمان الحقيقي، مع أنه لم يظهر أمام عدسات الكاميرات في إنكلترا الأسبوع الماضي لأن المجموعة الإسلامية التي أسسها، "المهاجرون"، حُظرت في بريطانيا عام 2010. لكنه تحدث إلى وسائل الإعلام في طرابلس بشمال لبنان، حيث يقيم راهناً. كان مايكل أديبولاجو، المتهم في جريمة ويلويتش الذي يظهر على شريط فيديو في مكان الجريمة ويروح يتحدث إلى الكاميرا ويداه مضرجتان بالدم وفي إحداهما ساطور، تلميذ بكري قبل عقد من الزمن حين لم تكن مجموعته محظورةً. تذكّر بكري الأسبوع الماضي: "كان أديبولاجو رجلاً هادئاً خجولاً جداً يطرح الكثير من الأسئلة عن الإسلام"، وقد فوجأ المعلّم عندما رأى في ذلك الشريط المقزز ما آل إليه هذا التلميذ الخجول. فقد كان، على حد قوله، "يقف راسخاً بجرأة وشجاعة، ولم يهرب".

كذلك أخبر بكري وسائل الإعلام: "قال الرسول إن الكافر وقاتله لا يلتقيان في جهنم. هذا قول جميل. ليكافئ الله [أديبولاجو] على أعماله... لا تُعتبر هذه جريمة من وجهة نظر الإسلام".

هنا ينشأ سؤال واضح يحتاج إلى إجابة في هذه اللحظة التاريخية: أي مجموعة من القادة تتحدث حقاً باسم الإسلام؟ مَن هم الناطقون الرسميون باسم "المجتمع الإسلامي"؟ هل هم أئمة الإسلام السياسي المتحمسون الذين يعلمون القتلة، يشجعونهم ويدربونهم، ومن ثم يباركون أعمال القتل التي يرتكبونها؟

لا شك أن هذا السؤال ملحّ أيضاً في الولايات المتحدة، فمَن يتكلّم باسم الإسلام؟ هل هو مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية، أكبر مجموعة تنادي بالحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة، أم أحد المجاهدين الذي يستخدمون شبكة الإنترنت ويضطلعون بالدور الذي كان أنور العولقي يقوم به: تجنيد الأميركيين للانضمام إلى تنظيم القاعدة؟

يرفض البعض الإقرار حتى بأن هذا السؤال يشغل بال الجميع. والمثير للدهشة، نظراً إلى كثرة الاعتداءات الإسلامية (من كابوس الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة وتفجيرات لندن في 7 يوليو 2005 إلى عمليات القتل في فورت هوود في تكساس عام 2009 وفي ماراثون بوسطن الشهر الماضي واليوم ولويتش)، أن البعض ما زالوا ينكرون أي رابط بين الإسلام السياسي والإرهاب. فقد اضطر محرر BBC السياسي نيك روبنسون إلى الاعتذار لأنه ذكر على الهواء خلال إعلان خبر جريمة ولويتش أن الرجلَين اللذين قتلا لي ريغبي "بدوَا مسلمَين". ملاحظة إلى شبكة BBC: كان القاتلان يصيحان "الله أكبر" فيما استهدفا ريغبي. ولكن عندما انهمرت الشكوى على هذه الشبكة، منددةً باختيار روبنسون للكلمات، شعر أنه مرغم على الرضوخ. لا يسعنا إلا أن نتعجب من أناس يبدون حساسين جداً وحريصين على حماية صورة الإسلام، في حين أنهم لا يتأثرون البتة بجريمة بشعة ارتُكبت علانية باسم الإسلام.

عقب تفجير ماراثون بوسطن وجريمة ولويتش، كان من الجيد أن نسمع عبارات الاستهجان والتعاطف من متحدثين مسلمين. لكننا بأمس الحاجة إلى ما يتخطى ذلك: إقرار حقيقي بمشكلة الإسلام السياسي.

على القادة المسلمين أن يسألوا أنفسهم عن طبيعة علاقتهم بحركة سياسية تشجّع الشبان على القتل والتشويه باسم الدين. فكروا في الأخوين تسارناييف والطريقة التي بررا بها فعلتهما البشعة في بوسطن. تأملوا بدقة في كلمات مايكل أديبولاجو الأسبوع الماضي ويداه مضرجتان بالدم: "نقسم بالله العظيم أننا لن نكفّ عن محاربتكم. فالسبب الوحيد الذي قمنا بهذا لأجله أن المسلمين يموتون كل يوم".

قُتل صديقي، المخرج الهولندي ثيو فان غوخ، عام 2004 لأنه لم يبدِ احتراماً كافياً للإسلام. وفي المحكمة، نظر القاتل إلى والدة ثيو وقال لها: "علي أن أقرّ بصراحة أنني لا أتعاطف معك. لا أشعر بألمك... لا يمكنني أن أتعاطف معك لأنك غير مؤمنة".

ولكن بعد نحو عقد من الخطاب نفسه الذي لا ينفك يردده الإسلاميون حول العالم، استطاعت صحيفة Guardian أن تنشر الأسبوع الماضي عنواناً يقتبس قول مسلم يقيم في لندن: "لا دخل لهذين الغبيين البائسين بالإسلام مطلقاً". حقاً؟ مطلقاً؟

لا شك أن أغلبية المسلمين ليسوا إرهابيين ولا يتعاطفون مع الإرهابيين. ومن الخطأ والغباء تصنيف كل المسلمين إرهابيين. ولكن من المناسب، لا بل الضروري، الإقرار بأن ثمة علاقة بين الإسلام السياسي والإرهاب.

أعرب السياسيون والأكاديميون ووسائل الإعلام في جانبي المحيط الأطلسي عن صبر كبير فيما استمرت طبول الاعتداءات الإرهابية الإسلامية تُقرع. فعندما أدلى الرئيس أوباما بأول تصريح له عن تفجير بوسطن، لم يأتِ على ذكر الإسلام. كذلك كرر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وعمدة لندن بوريس جونسون هذا الأسبوع تصريحات القادة المسلمين المطمئنة عن ألا دخل لجريمة لي ريغبي بالإسلام.

لكن الكثير من الناس العاديين يسمعون هذه التصريحات، فتعتريهم الدهشة. يذبح قاتل والداً شاباً وهو يصيح "الله أكبر". فكيف يقولون إنه لا دخل له بالإسلام؟

لا ألوم القادة الغربيين، فهم يبذلون قصارى جهدهم لكبح ما قد يتحول إلى انعدام ثقة بين أغلبية السكان والأقليات المسلمة.

لكني ألوم القادة المسلمين، فقد آن الأوان ليقدّموا تصريحات ذات مصداقية، تعاني مجتمعاتهم مشكلة خطيرة، فيستخدم دعاةٌ تعاليم إسلامية ليؤجج شباناً، لا يولد بعضهم مسلمين حتى. كذلك يحشد الأئمة المتطرفون، الذين يقدمون أنفسهم كرجال دين شرعيين، هؤلاء الشبان لشن الجهاد.

أتساءل عما قد يحصل إذا أطلق قادة مسلمون، مثل جولي صديقي، حملة علنية متواصلة للتنديد بهؤلاء الإسلاميين الذين ينادون بالقتل والدمار. يجب ألا يكتفوا بتكرار عبارات الأسى ذاتها بشأن اعتداء إرهابي آخر، بل عليهم بذل جهود بارزة ومستمرة ليؤكدوا للعالم أن المنادين بالكراهية غير شرعيين. وهكذا عندما يقتل أصولي آخر ضحية الإسلام السياسي التالية، تبدو التصريحات عن "دين السلام" أكثر صدقاً.

Ayaan Hirsi Ali

* كاتبة لها كتابNomad: My Journey from Islam to America (2010)، وهي أيضًا باحثة في مركز بيلفر في كلية كينيدي في جامعة هارفارد وباحثة زائرة في معهدAmerican Enterprise.

back to top