خارطة داخلية تساعد الطيور في التنقل

نشر في 06-07-2013 | 00:01
آخر تحديث 06-07-2013 | 00:01
في عصر ما قبل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، كان الإنسان يحتاج إلى بوصلة وخارطة للتنقل. ولا تختلف الطيور عنا كثيرًا، فقد أظهرت الدراسات أن هذه الحيوانات تعتمد على خارطة وبوصلة داخليتين لتعبر مسافات شاسعة، مع أنها لم تستطع تحديد موقعها بدقة، لكن العلماء يقولون اليوم إنهم يملكون دليلاً قويًّا على أن تلك الخارطة ترتبط بالمنقار. التفاصيل من «ساينس ناو».
لطالما ظن العلماء أن الطيور تهاجر معتمدةً على إحساسها بحقل الأرض المغناطيسي، وأشار طرحهم هذا إلى أن المنقار الذي يحتوي على الكثير من الحديد، يعمل كمغناطيس حقيقي يصطف المعدن فيه بشكل يتناسب مع حقل الأرض المغناطيسي، وافترض العلماء أيضًا أن العصب الثلاثي التوائم ينقل هذه المعلومات إلى الدماغ. لكن في عام 2009، عمد فريق يرأسه هنريك موريتسن من جامعة أولدنبرغ في ألمانيا إلى قطع هذا العصب لدى عدد من طيور أبو الحناء الأوروبية، واكتشف أن هذه الحيوانات تمكنت، على رغم ذلك، من إيجاد طريقها ببراعة. ففي التجارب المخبرية، استطاعت هذه الطيور تحديد الشمال المغناطيسي الطبيعي والاصطناعي، هكذا اتضح لهم أن المنقار لا يؤدي أي دور في توجيه الطائر وفي بوصلته الداخلية. لكن هذا الاكتشاف أدى إلى فرضية جديدة تعتبر البوصلة الداخلية تفاعلا كيماويًّا في عينَي الطائر يحدد حقل الأرض المغناطيسي.

على رغم ذلك، ظل فريق موريتسن مقتنعًا بأن للمنقار دورًا ما في الشعور المغناطيسي، لذلك قرر إجراء اختبار آخر. وفي عامَي 2010 و2011، أمسك العلماء بنحو 57 طائرًا من طيور هازجة الغاب قرب منطقة كالينينغراد بروسيا. في فصل الربيع، تهاجر هذه الطيور نحو الشمال الشرقي إلى مناطق تكاثرها في جنوب اسكندينافيا على بعد ألف كيلومتر تقريبًا. ومجدداً قطع العلماء العصب الثلاثي التوائم في نصف عدد هذه الطيور، لكنهم نقلوا أيضًا الطيور السبعة والخمسين إلى موقع يختلف فيه الحقل المغناطيسي عن موطنها الأصلي ويبعد عن مكان انطلاقها نحو ألف كيلومتر شرقًا، ثم حرروها.

حلقت الطيور التي قُطع الرابط بين منقارها ودماغها نحو الشمال الشرقي، كما لو أنها منطلقة من كالينينغراد، ما يُظهر أنها فقدت خريطتها وما عادت تستطيع أن تحدد موقعها. في المقابل، عدّلت الطيور التي ما زال عصبها سليمًا وجهتها، وانطلقت بسرعة نحو الشمال الغربي، متجهةً إلى موقع تكاثرها، حسبما أشار تقرير الفريق الذي نُشر في مجلة PLOS ONE. إذًا، يؤدي نظام المنقار والدماغ الذي بدا في الاختبارات السابقة ألا تأثير له في البوصلة الداخلية، دورًا كبيرًا في خارطة الطيور الداخلية. فعندما تضرر هذا الرابط، لم تدرك الطيور أنها نُقلت.

سبق أن أجريت تجارب كثيرة تشمل دور المنقار في خريطة الطيور الداخلية، فاعتمدت إحدى الدراسات السابقة، مثلاً، على تخدير العصب الثلاثي التوائم باستخدام نبض مغناطيسي قوي، لكن العلماء يشيرون إلى أن هذه الدراسة الأولى التي تشمل نقل طيور مهاجرة مسافة طويلة وقطع العصب الثلاثي التوائم، تؤدي إلى نتائج حاسمة.

يذكر دميتري كيشكينيف، باحث شارك في هذه الدراسة وانتقل أخيرًا إلى جامعة غولف في كندا:} تقضي الخطوة التالية بتحديد موقع المستقبلات المغناطيسية في المنقار. تتوزع أطراف العصب الثلاثي التوائم على مواقع عدة: النصف العلوي من المنقار، الجانب الداخلي من أعلى المنقار، التجويف الأنفي، وجزء من المحجر (التجويف الذي تقع فيه العين)، لذلك قد تكون المستقبلات المغناطيسية في أي من هذه الأنسجة}. يضيف كيشكينيف: {لم يُحَلّ بعد لغز موقع المستقبلات المغناطيسية}.

كتل حديد

لكن هذه التجربة لم تقنع كل العلماء. على سبيل المثال، اكتشفت مجموعة أخرى أدلة على وجود كتل صغيرة من الحديد في أذن الطائر الداخلية، ويُحتمل أن تكون هذه المستقبلات المغناطيسية، لكن غيرتا فلايسنر، عالِمة متخصصة في علم الأحياء العصبية من جامعة غوتيه في فرانكفورت بألمانيا شاركت في هذه الدراسة، تظن أن هذا التقرير {قطعة مميزة أخرى} تساهم في حل لغز الخريطة الداخلية، مع أنها تؤكد الحاجة إلى مزيد من الاختبارات.

تذكر فلايسنر: {يحتاج ما يُعتبر دليلاً قاطعًا على أن منقار الطيور يحتوي على نظام مستقبلات مغناطيسية مرتبط بخريطتها الداخلية، إلى كثير من التجارب والاختبارات، مثل تسجيلات كهربائية-فيزيولوجية مباشرة من هذه الوحدات الحسية}. لذلك تقترح وضع أقطاب على عصب داخل منقار أحد الطيور في موضع قريب من مكان المستقبلات المحتمل، ومحاولة التقاط إشارات حسية من حقل مغناطيسي اصطناعي.

back to top