جماعة شرارة!

نشر في 06-08-2013
آخر تحديث 06-08-2013 | 00:01
 باسم يوسف بسبب الأحداث الأخيرة تعالت الكثير من الأصوات تطالب بحظر جماعة "الإخوان" مرة أخرى لتعيدها إلى سيرتها الأولى، كجماعة محظورة، وبصرف النظر عما سيسفر عنه هذا الصراع فأعتقد أن كلمة "محظورة" لا تفي الجماعة حقها، أعتقد أن من الأفضل أن نسميها الجماعة "المنحوسة" التي لا يتوقف تأثير نحسها عليها ولا على أعضائها فحسب، بل يمتد هذا النحس إلى كل من يتعامل معها أيضاً، حتى لو  كان من خارجها.

انظر إلى "النحس" الذي شمل كل من حاول أن يتحلى بالعقل والمنطق في تعامله مع "الإخوان"، فاتهامات العمالة والتخوين شملت كل من حاول أن يتعامل مع الموضوع بطريقة سلمية بعيداً عن دعاوى "الضرب والرزع".

هذا النحس لازم جميع من حاول أن يدافع عنكم في أيامكم المحظورة، ومن حاول أن يتقابل معكم في منتصف الطريق أيام كنتم في الحكم، واستمر هذا النحس بلعناته لمن يحاول أن يصل معكم إلى حل سلمي بعد إزاحتكم من الحكم.

يشمل هذا النحس أشخاصاً مثل البرادعي وحمزاوي وبلال فضل والكثير من الحقوقيين والنشطاء.

تتذكرون جيداً كيف استعرض إعلامكم عضلاته في تشويه الكثير منا، اتهامات بالكفر والعمالة والخيانة والتمويل والشذوذ، كان من المفترض عند سقوطكم أن نشمت فيكم ونقيم الأفراح والليالي الملاح ونحتفل بسقوط أولئك الذين خاضوا في أعراضنا وسمعتنا ولكننا لم نفعل، بل عانى الكثير من هذه الشخصيات استمرار حملات التشويه بنفس المفردات المستعملة في إعلامكم بعد تصديرها للإعلام الخاص وصفحات الـ"فيسبوك" المعادية لكم، أي أن من يتعامل معكم بأي طريقة هو "ملطوط" من كل النواحي، ألم أقل لكم إنكم "نحس"؟

ولكن انس الإعلام وانس صفحات الـ"فيسبوك" المتطرفة، وتعال لنرى كيف يفكر الشخص العادي.

قمت بإجراء تجربة مصغرة تكلمت فيها مع كثير ممن انتخبوكم، سواء في البرلمان أو الرئاسة، لم أر كرهاً ونفوراً من تيار سياسي كما رأيت في هذه التجربة المصغرة، حتى المتحفظين منهم على 30 يونيو وأولئك ممن يكرهون الداخلية والمجلس العسكري وجدت أن تحفظاتهم نابعة من سوء إدارة الموقف سياسياً وكرههم لنظام مبارك وإعلامه وخوفهم من رجوعه، ولكن حين تسأل أكثر المتعاطفين لن تجد أحداً منهم يطالب برجوع مرسي، حتى من يطلقون على ما حدث انقلاباً، الكثير منهم لا يتمنى رجوع مرسي ويردد كلاماً مثل "المصالحة" و"التعايش" و"المشاركة السياسية" خوفاً من رجوع أيام التسعينيات من القرن الماضي، وليس تأييداً لموقفكم.

حتى هؤلاء "المثاليين" تتحطم دعواتهم برجوعكم إلى الحياة السياسية بما يحدث يومياً على المنصة في رابعة وقطع الطرق وترويع الناس في بيوتهم، فالشخص العادي يتساءل: "مين دول اللي يرجعوا يشاركوا في الحكم؟"، الذين لا يمانعون في إعادة إنتاج السيناريو السوري؟ الذين لا يتورعون عن التهديد بحرق البلد إن لم تتحقق مطالبهم؟ الذين لا يجدون غضاضة في الاستقواء بالخارج بل ويهللون عند سماع خرافات على المنصة بتوجه بوارج أميركية لسواحلنا؟ الذين يستخدمون الأطفال والنساء دروعاً بشرية ولا يجدون أي حرج في أن يلبس أطفالهم الأكفان في مشهد درامي رخيص؟

يعرف كلنا أن الإنسان يختبر معدنه في الشدائد، وأنتم قد قدمتم المثل الأسوأ في التعامل في ظل شدتكم، ينظر المواطن البسيط لكم ويتساءل: "أمال حيعملوا أيه في البلد لو رجعوا الحكم؟".

المواطن البسيط الذي طالما تعالى عليه من اتهموه بأنه باع نفسه للسكر والزيت لم ير منكم مشروع نهضة، ويراكم الآن تحرضون وتنشرون الكراهية على المنصة ويرى العمليات الإرهابية في سيناء ويرى الهجوم على الكنائس في المنيا وسوهاج وأسيوط، كل ده وتريدون أن تعودوا للحكم؟ المواطن لم يعد يصدق مقولتكم الفارغة "نحمل الخير لمصر" أي خير وأنتم تنشرون الفتنة والكراهية والدمار؟

أحاول أن أقنع المواطن البسيط أنه يجب أن نتعامل مع الاعتصام بحنكة وهدوء، فيقول لي المواطن الذي لا هو خبير سياسي ولا إعلامي: "يا بيه دول ناس مش عايزين يتفاوضوا ولا يتصالحوا وعايزين يلووا دراع البلد، الحكومة بتقولهم تعالوا اقعدوا وهما متمترسين ورا نساوينهم وعايزين مصيبة وجنازة يتاجروا بيها ويشبعوا فيها لطم".

أه وحياتك ده كان حواراً مع عامل في سوبر ماركت أعطى صوته للإخوان في البرلمان ولمرسي في الرياسة.

كيف تحول التأييد إلى كره وعدم ثقة في أقل من سنة؟ مش بقولكم نحس؟

للإخوان حق على الدولة، نعم، لهم حق في التحقيق فيما حدث عند نادي الحرس الجمهوري والمنصة، ولكن حتى هذا الحق لم تحسنوا استغلاله، فمتاجرتكم بالدم بل وكذبكم وتلفيقكم للصور في بعض الأحيان بصور من سورية أفقدكم الكثير من التعاطف الذي كنتم تستحقونه.

سؤال هامشي؟ لماذا تمتلئ صفحاتكم بصور مذابح من سورية ؟ أم أن الكذب أصبح جزءاً لا ينفصل عن كيانكم؟

الكثير من الناس أصبح لا يهتم بكم ولا بما يحدث لكم، وحين تجاهل الناس اعتصامكم لم تكتفوا بأن تجلسوا سالمين في رابعة، بل انطلقتم "لتجرون شَكَل" الناس في مسيرات واعتصامات أخرى، ومحاصرة مدينة الإنتاج، وامتد هذا إلى الصعيد حيث تم رفع علم القاعدة على الكنائس هناك، وحدة وطنية مافيش كلام.

بالنسبة إلى كثير من الناس أصبحتم كابوساً يجثم على صدورهم، يتمنى المرء أن يستيقظ فلا يجدكم، بالذوق، بالعافية المهم أن تختفوا، ويبقى من يحاول أن يتكلم بالعقل ويحاول أن يدافع عنكم ملاحقاً بلعنات الناس نتيجة لنحسكم المستمر.

أنا لا أطلب من الجماعة أن تستفيد من دروس التاريخ وكيف لفظكم المجتمع أكثر من مرة بسبب غبائكم، فالحقيقة أنتم أثبتم أنكم لا تتعلمون من التاريخ ولا تحبونه، ولكن أطلب منكم أن تتعلموا مما حدث في آخر عامين فقط، فحين حاول الناس باسم الثورة أن يغلقوا التحرير والمجمع وينادوا بالعصيان المدني ويهاجموا الجيش والداخلية وقفتم أنتم ضدهم لتساندوا الجيش والشرطة وتنددوا بالاعتصامات والهجوم على مؤسسات الدولة وأطلقتم حملة "شغلني مكانه" ضد العصيان المدني وطالبتم بالعنف رداً على قطع الطرق.

الناس يرون تناقضاتكم ويعرفون أنكم تريدون مصلحة الجماعة وقياداتها لا مصلحة البلد، الناس يرون أنكم لا تهتمون بحرق مصر في سبيل بقائكم. المصلحة والكذب والنفعية ربما أفادتكم وقت الانتخابات ولكنها الآن تنقلب عليكم، فلا أنتم حافظتم على مكاسبكم السياسية ولا احتفظتم باحترام الناس، ده أيه النحس ده؟

الناس أصبحوا يرونكم على حقيقتكم، حتى أكثر الناس كرهاً للداخلية والمجلس العسكري يعلمون أنكم في انتظار مصيبة كبرى تحصد الأرواح وتسيل الدم، ونعلم كلنا أن قاداتكم سوف يتراقصون ويهللون مع سقوط ضحاياكم، فمن اتخذ الدين تجارة لا يستحي أن يتخذ من الدم حرفة.

عذراً هذا ليس نحساً، ده والعياذ بالله غضب من عند ربنا بعيد عنكم.

* ينشر باتفاق خاص مع «الشروق» المصرية

back to top