ابني المراهق يرفضني
دخلت المراهقة إلى منزلكم وأرخت بثقل مشاكلها عليكم فتعبتم من هذه المرحلة الحساسة؟ تدركون تماماً أن طفلكم يشهد تقلبات على الصعيدين الجسدي والفكري؟ يصعب عليه أن يتقبل التغيير في نفسه ويرفض تغيراته الجسدية ويكره البحة في صوته؟ باختصار، يمرّ طفلكم بأزمة صعبة ويرفضكم رفضاً تاماً.
تلي المراهقة مرحلةً عاصفة طويلة بعض الشيء يبحث الجميع فيها عن سمات جديدة للعيش مع بعضهم البعض. إنه أمر طبيعي ولا بدّ من أن يمرّ في حياة كلّ أسرة. تذكروا أن المراهق الذي يعاني أزمة بسيطة يحدث مشاكل بسيطة في المحيط العائلي، والمراهق الذي يمرّ بمرحلة صعبة ينقل مشاكله السلوكية إلى خارج المنزل (المدرسة والأصدقاء).
علاقات صعبةيصعب تحمّل العلاقات المتوترة بين المراهق ووالديه وبينه وبين البالغين الآخرين. تُعدّ المراهقة انفصالاً طبيعياً بين الطفل والأهل، فقبل ذلك، يحظى الأهل بأهمية فائقة في حياة أولادهم ويشكلون مثالاً أعلى لهم، أما في المراهقة فيتحولون إلى أشخاص ثانويين يرفضهم المراهق لا سيما أنه بدأ يبني محيطه الاجتماعي الخاص الذي يتألف من أشخاص يشبهونه.لا يعني الانفصال أن المراهقين سيبتعدون سريعاً عن البالغين، فقد أثبتت دراسات حديثة أجريت في إطار المنتدى الثامن للمراهقين الذي ناقش الاختلافات التكاملية، حاجة 85% من المراهقين الذين شملهم الاستفتاء إلى شخصٍ بالغ. يشعر هؤلاء أنهم يبلغون في الوقت عينه ثمانية أعوام و25 عاماً، فيحتاجون إلى العاطفة كالأطفال وإلى الحرية كالبالغين، لذلك لا بدّ من إدارة التناقض الذي يعيشه المراهق إدارة حسنة. يسأم الأهل أحياناً من المراهق الذي يرى فيهم أشخاصاً مزعجين ومسنين، إلا أن الأطفال يتوقعون أن يبقى أهلهم كما هم لكن من دون التمسك بالمبادئ عينها وأن يحافظوا على إخلاصهم لأنفسهم ولمشاكلهم الحتمية، وفي حال لم يحافظ الأهل على مواقفهم وغيروا وجهة نظرهم، تظهر مباشرة فوضى في حياة المراهق وتصعيداً في أسلوبه.نتيجةً لذلك، يزداد الحوار صعوبة ويتطور إلى مفاوضات دائمة أو مواجهات. يحاول الأهل حماية المراهق من المخاطر التي قد تواجهه، فيحتلون مركزاً مهماً على الصعيدين التربوي والأخلاقي في أوقات المخاطر، ويقدمون له كماً من النصائح حين يحاول التخلص من التأثير الأبوي.... فتسود حالة من اللاتفاهم. حريٌ بالأهل في حالات مماثلة الابتعاد عن ممارسة سلطتهم على أولادهم ليتمكنوا من إرساء حوار معهم. غير ذلك، لا بدّ من أن يمنح الأهل المراهق من وقتهم فيستمعوا إليه حين يكون فعلاً بحاجةٍ إليهم. يشير الاختصاصيون إلى ضرورة أن يكفّّ الأهل عن الاعتقاد بأنهم محور كلّ شيء وأن يعترفوا بأن للمراهق شخصيته وأنه لا يتصرف إلا استناداً إليهم. فللمراهق حياة يحبّ أن يبنيها ومدرسته وزملاؤه وزميلاته، إنما لا يعني فشله في المدرسة أو محاولته الانتحار أن والديه سيئان أو لم يقيما معه حواراً ناجحاً، بل يعني وجود أسباب مجهولةً نوعاً ما لم يتمكن أي من الطرفين فهمها. نصائح لإعادة بناء العلاقةيُستحسن الابتعاد عن القسوة، فالمراهق يحتاج إلى بناء هوية مختلفة عن هوية والديه، وهو أمرٌ يستحق الاحترام من دون أن يعني الاستسلام لكلّ رغباته أو مناقشة كلّ مسألة. توقعوا بعض رغباته وعاملوه بلطف، فلا بد من أن يجد في أي من هذه المواقف الاستقلالية.حذار من الغرق في علاقة: المراهق/ الأهل المراهقون، تذكروا أنكم المرشد الذي يرافقه حتى وصوله إلى الاستقلالية. فما من مدعاة للخوف والقلق في حياة المراهق أكثر من أهلٍ لا يتدخلون في شؤونه ويتركون له مطلق الحرية ظناً منهم أنهم يقدمون له صنيعاً، فهو يحتاج إلى بعض الحدود كي لا يضلّ وإلى إطار ضروري يؤمن له الأمان. قد يرفضكم ابنكم المراهق حيناً ويتمرد حيناً آخر ويرغب في الخروج من الإطار المفروض عليه... كلّها إشارات إيجابية، المهمّ أن تعرفوا كيف توجهونها. لذلك، احترموا خصوصيته وابحثوا عن أوقات مناسبة لمحاورته وتفهموا حاجاته والأهم من ذلك كله أظهروا له الاحترام. ليتعلم المراهق الثقة والاحترام والحدود التي لا ينبغي تخطيها، يتعين على الأهل أداء دور المرجع والمثال الأعلى في الثقة والاحترام. يقول البعض إن المراهق المتعب يحبّ والديه ويحتاج إلى الاعتراض ليثبت وجوده ودوره الجديد وليتجاوز مرحلة الطفولة نهائياً. في المقابل، كلّما أظهر تعلقاً بطفولته (تتسم بعلاقات جيدة مع الأهل)، كلّما شعر بضرورة الاعتراض أكثر فأكثر.