شكري أنيس فاخوري: كسبنا الثقة العربية وألمس جدية في الدراما الخليجية

نشر في 08-07-2013 | 00:02
آخر تحديث 08-07-2013 | 00:02
كاتب سيناريو وروائي لامست قصصه قضايا المرأة والمجتمع، فعالج المشكلات التي تحاكي الواقع الاجتماعي المرير بأسلوب درامي مشوّق.
شكري أنيس فاخوري الذي نال أخيراً جائزة «موركس دور» أفضل سيناريو لمسلسل درامي عن «العائدة» يقدم في شهر رمضان الجزء الثاني منه، فضلا عن مسلسل جديد.
عن الجائزة وأعماله الدرامية ورؤيته تحدث إلى «الجريدة».
للمرة الرابعة تنال جائزة «موركس دور» عن أفضل كاتب سيناريو، هل ما زال لهذه الجائزة أهميتها بالنسبة إليك؟

لا تعني هذه الجائزة حمل الكأس للتباهي أمام الآخرين، بالنسبة إلى من يتعاطى الأمور الفنية والإبداعية، تعني أن ما يقدمه ينال إعجاب الناس فيزداد همّه في تقديم عمل لاحق بالمستوى ذاته أو أفضل منه، خصوصاً أن هذه الجوائز ترتكز على تصويت الجمهور وآراء لجنة التحكيم.

تميّز “العائدة” كأفضل نص درامي وأفضل مسلسل لبناني، وتميزّت بطلته كارمن لبسّ كأفضل أداء عن شخصيّة ميسم عبود التي جسّدتها. فضلا عن أن عرضه على شاشة “أل بي سي دراما” و”أل بي سي الفضائية” وبيعه إلى بلدان عربية، بعد عرضه خلال رمضان الماضي عبر شاشة “الجديد”، شجّع الناس على مشاهدته مرة جديدة، فارتفعت نسبة مشاهديه والتصويت لصالحه.

هل تظنّ أن المسلسل المعروض على شاشة رمضان يُظلم جماهرياً؟

 

بالتأكيد، لوجود كمّ هائل من المسلسلات المتنافسة على الشاشات المختلفة، وقد أصبح من المتعارف عليه أنه في خلال الشهر الفضيل ينقسم المشاهدون بين مسلسلات عدّة، وإنما عرض بعضها بتوقيت مختلف عبر الشاشات الفضائية قد يسّهل متابعتها أحياناً، فضلا عن أن التنافس يتراجع تدريجاً مع تقدم الحلقات، لأن المنافسة على جذب المشاهد تشتدّ في الحلقات الاولى.

لماذا قررت تقديم الجزء الثاني من “العائدة” بدلا من تقديم عمل درامي جديد؟

لأن القصة لم تنته برأيي، فالبطلة ميسم عبوّد ( كارمن لبس) عرفت، في نهاية الجزء الأول، حقيقة من ارتكب الجريمة التي سُجنت بسببها 18 عاماً، لكن المشاهد ينتظر أن يفشّ خلقه بمعاقبة المجرم الحقيقي في نهاية شاعرية ستكون في الجزء الثاني، خصوصاً أن لغز الجريمة قد انكشف ولا يمكن معاقبة المجرم قانونياً بفعل مرور الزمن.

 

كيف تصف عين كارولين ميلان الإخراجية؟

إحدى أفضل العيون التي شاهدت نصي وأجملها، فهي تدرك كيفية قراءة النص الذي تحمله بين يديها، وإذا لم تفهم فكرة معينة تناقش وتستفسر وتسأل عن تفاصيلها وتطالب بتوضيحها، أحياناً أوافقها الرأي، وأحياناً أخرى أفضل أن نترك للمشاهد عنصر التشويق، إلا أنني أعتبر هذا النقاش الدائم دليل تشربّها للنص وإدراكها كيفية تحرّك الممثل الذي، مهما بلغت نجوميته ومستواه، قد لا يفهم مقصدي وخلفية الجملة المكتوبة فتتولى هي تفسير المعنى له.

هل هذا الامر يريحك؟

بالطبع. أعتبر أن أي تقصير يحصل في تنفيذ العمل، يتحمل مسؤوليته الإنتاج وليس الإخراج، لأن كارولين ميلان تسعى دائماً إلى الافضل، حفاظاً على اسمها ومكانتها المهنية. الجوائز الثلاث التي حصدها “العائدة” كأفضل مسلسل وأفضل دور لكارمن لبسّ وأفضل كاتب لي، تعني أن كارولين هي التي نالتها كلها لأنها كمخرجة، مسؤولة عن إدارة الممثلين وعن ترجمة نصّي، فكان المسلسل أفضل عمل لبناني لعام 2012.

قدمت مسلسلات ذات بطولات مشتركة، لماذا عدت إلى حصر البطولة بشخصية واحدة يدور الجميع في فلكها؟

لديّ مبدأ وحيد في كتابة المسلسلات الطويلة: ليست ثمة قصص متفرقة إنما قصة واحدة تتفرع منها شخصيات وأبطال تصبّ كلها في القصة الأساسية.

كيف تقيّم أداء كارمن لبّس؟

لُقبت كارمن بسيدة الشاشة اللبنانية، إنها ممثلة قديرة، وعندما بدأت كتابة قصة “العائدة” رأيتها في الورق وتخيّلتها في هذه الشخصية، تعيش الشخصية التي تؤديها بطريقة صحيحة، فكيف إذا كانت مكتوبة بغنى؟

ما جديدك على صعيد الدراما؟

“مرايا العمر”، مسلسل درامي طويل لصالح المؤسسة اللبنانية للإرسال وإنتاج “أون لاين برودكشن”، يتمحور حول وقوف الإنسان طيلة حياته أمام مرايا متعددة، وتختلف رؤيته لنفسه وفق نفسيته، فرحة كانت أو حزينة. ثمة أوهام نراها في حياتنا، لكن الأهم رؤية ما وراءها، والتعلّّم من العبر ومن المراحل المتفاوتة التي نختبرها والمشكلات التي نواجهها.

كيف تقيّم أداء الممثلين الشباب وهل يتوافر مكان للممثلات المخضرمات؟

مع أن الجيل الجديد رائع في الأداء، إنما ما زالت مكانة الممثلات المخضرمات محفوظة، وثمة أدوار كثيرة لا يُستغنى عنهن فيها، لأنها تناسب قيمتهنّ الفنية والعمرية، فلكل مرحلة عمرية ميزاتها، لذلك لا يمكنني الاستغناء عنهنّ في أعمالي.

حكي عن عرض “العائدة” الجزء الثاني عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال، ما صحة ذلك؟

 أدبياً وأخلاقياً يجب التوقف عند رأي تلفزيون {الجديد} الذي أنتج الجزء الأول ورعاه، وهو يريد الجزء الثاني لذلك سيعرض على شاشته في شهر رمضان.

هل بدأ التنافس الدرامي بين الشاشات المحلية؟

لا تعطي الدراما قيمتها لأي أمر آخر، لأنها محاكاة للحياة، فكيف بالحري مشاهدة واقعنا يمثله أناس نحبهم يتحدثون لغتنا ويعيشون تفاصيل مشكلاتنا؟ لهذه الأسباب نطالب بالسعي إلى أن تصبح الدراما مورد كسب للشاشات المحلية.

ما أهمية تركيز الكاتب على تقنيات السيناريو وتفاصيل المشهدية؟

السيناريو هو كتابة المشهدية، أي أن الكاتب أول من يرى العمل الذي يتخيله أمامه على الورق، بالتالي يملك الرؤية الاولى في التفاصيل والتقنيات والإخراج التي نراها عبر الشاشة. أما المخرج فهو صاحب الرؤية الثانية، لذلك من الطبيعي حصول تنسيق بين الكاتب وصاحب الرؤية الثانية الذي يتولى إخراج النص من الورقة السوداء إلى الشاشة الفضية.

هل يمكن القول إن في داخل كل كاتب مخرج والعكس صحيح؟

طبعاً. لا ينجح المخرج من دون أن يدرك ماهية الكتابة أو على الأقل يعرف كيفية تصحيح ما يقرأ.

ما الحدّ الفاصل بين جرأة المشهدية وخدش الحياء؟

يمكن إظهار المشكلات على حقيقتها من دون إثارة الغرائز، فيفهم المشاهد الفكرة من دون تفاصيل مؤذية للعين، عبر قطع المشهد والانتقال إلى مكان آخر. مثلا إحدى شخصيات “العائدة” شابة تتعاطى المخدرات وتعاني هذه الآفة ومن استغلال رجل أمن فاسد لها... ترجمنا المشهد بتصويرها وهي تنام على السرير، فيفهم المشاهد الفكرة والمشهدية، من دون أن يرى تفاصيل جسدية أو حسية أو غرائزية مبتذلة، لأن العمل الدرامي يدخل إلى المنازل ويتوجه إلى أفراد العائلة وليس عملا سينمائياً ندفع المال لمشاهدته وبالتالي نكون مسؤولين عما نراه. في المسلسلات الأميركية أيضاً، لا نرى أي مشهد إباحي أو وقح، لأنها تحترم المشاهد الذي تدخل منزله. هكذا يجب أن تكون أعمالنا الدرامية.

هل يمكن أن يتمتع الكاتب بغزارة إنتاجية ويحافظ على النوعية في الوقت نفسه؟

لمَ لا، ففي مرحلة معينة كانت لدي غزارة في الكتابة وحافظت على جودة أعمالي. من جهة أخرى، لا تعني الغرازة عدم الجودة، لكن، شئنا أم أبينا، يتعرض بعض الحلقات أو الأعمال إلى تدحرج بسيط بسببها.

هل أكسبنا تنوع الإنتاج المشترك لبعض مسلسلاتنا الثقة العربية بأعمالنا؟

بدأنا نكسب هذه الثقة، وإلا لما كانت أعمالنا تُعرض في الدول العربية. أرى أن الباب ليس مقفلا أمام الإنتاج اللبناني عموماً، وإنما أمام أعمال دون المستوى المطلوب، فيما تُعرض الأعمال الجيدة.

 

كاتب روائي ودرامي، أين تخلّد أعمالك أكثر؟

يخلّد المسلسل الاسم وإنما الرواية تبقى في المكتبة على المدى الطويل.

“العائدة”، “السجينة”، “غريبة”، “ابني”... تتناول مسلسلاتك في غالبيتها قصص نساء، لماذا تركيز على دور المرأة؟

يبقى الرجل واقفاً مهما كانت المشكلات التي يتعرض لها، فيما تكسب المرأة تعاطفاً كونها مستضعفة في المجتمع، لذلك تليق بها الدراما أكثر من الرجل. من جهة أخرى، أخشى على المرأة من الدعوات التي من شأنها ردها إلى العهود السابقة بدلا من المساهمة في تطورها وتقدمها في المجتمع.

ما دامت الدراما انعكاساً للمجتمع، هل تخشى أن يتغير وجهها في ظل الأزمات العربية؟

دخول الافكار المقيّدة في المد الثقافي يعدّ كارثة، إذ لا يمكن استمرار الإبداع الفني في ظل هذه القيود، لأن الفن يحتاج إلى انفتاح. يجب تربية الجيل الجديد على المنطق والعقل ومواجهة الأمور بعيداً عن الغرائزية وتعمية العيون وتوعية على المشكلات التي من المهم أن يراها المجتمع، وألا يفسح في المجال أمام ضرب سلم قيمه الحياتية.

أي عمل برأيك هو الاجمل، ذاك الذي يفصل بين القصة الدرامية والمجتمع في الزمان والمكان أو الذي يواكب زمن المجتمع؟

الفكرة هي الأساس، في حال كانت جميلة وأردنا تصويرها في زمن ماضٍ معيّن فذلك أفضل من تقديم فكرة حديثة غير جميلة. الدراما عموماً تعكس الحياة الاجتماعية، فإذا أردنا تصويرها، سواء في الزمن الماضي أو الحديث، فليكن وإنما بصورة واقعية حقيقية.

أي مستقبل تراه للدراما العربية؟

تسير بطريقها الصحيحة وتتقدم، وإذا تألقت الدراما المصرية بالأمس فهي أعطت رونقها إلى الدراما السورية تارة واللبنانية والخليجية طوراً.

ما رأيك بالدراما الخليجية؟

ألمس جدية في الأعمال الخليجية، وأرى أن أداء الممثلين واقعي ولافت، وهم كمجتمع يتمتعون بخصوصية معينة تجعلهم متماسكين.

back to top