ثلاثي أضواء السياسة... «المالكي والشهبندر ومشعان»

نشر في 06-04-2013
آخر تحديث 06-04-2013 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر من الصعب كثيراً التنازل والكتابة عن شخوص دُفعوا إلى السياسة دفعاً دون أن يكون لهم مقومات السياسي الحقيقي، وبقوا يعيشون على هامشها ليرتزقوا منها، ولكن عندما يتصدر المهرجون المشهد السياسي في أي بلد فستضطر للحديث عنهم بشكل أو بآخر عند تناولك لأي من الظواهر السلبية في هذا البلد.

فقد ابتُلي العراق اليوم بأشخاص يطلق عليهم "جزافا" سياسيون لا يملكون منها إلا الثرثرة الفارغة والتنقل بين زواياها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ويقفزون من موقف سياسي إلى آخر بشكل يدعو الى التقزز في كثير من الأحيان. وأمثال هؤلاء كثيرون إلا أن أكثر من تنطبق عليهم هذه المواصفات هما شخصان أصبحا رمزين لما يعانيه العراق من فساد وتخلف وهزال وتتجسد فيهما تماما كل المهازل الموجودة في العراق الجديد، وهما المدعو عزت الشهبندر وزميله مشعان الجبوري.

فعزت الشهبندر شخصية مغمورة طفت على السطح في الآونة الأخيرة مع ائتلاف دولة القانون بعد أن "لف" على كل القوائم العربية في العراق ولم يجد ضالته إلا في ائتلاف المالكي الذي كان يضم من أمثاله الكثير ممن لا يملكون تاريخاً سياسياً أو خبرة في عالم السياسة. فأصبح ولاؤهم المطلق لولي نعمتهم المالكي، وفي المقابل فإن المالكي رأى في شخص عزت الشهبندر هذا النموذج الأمثل الذي يستطيع أن يستعين به في القضايا والأمور التي تحتاج إلى شخص يكون وليد لحظته دونما تخوف على إرث سياسي يمتلكه ويحرص على عدم تشويهه، فلو تتبعنا أداء الشهبندر خلال السنة الأخيرة فسنقف أمام شخص بلا طعم ولا رائحة ولا لون، تثير تصريحاته الضحك والسخرية.

أما الشخصية الثانية، فهو السياسي "المحنك جداً" مشعان الجبوري الذي تربطه بعزت الشهبندر علاقات قوية مكنته، بعد سنوات عديدة من اتهامه بقضايا فساد وإرهاب، من إسقاط كل هذه التهم عنه مقابل مبالغ مالية ليكونا شاهدين على فرية استقلالية القضاء العراقي ونزاهته.

فمشعان هذا وهو بعثي سابق كان قد هرب في تسعينيات القرن الماضي من العراق بعد خلافات شخصية مع نظام الحكم آنذاك، وكان يتنقل بين كردستان العراق وسورية أسس خلالها صحيفة تدرب بواسطتها على كيفية الارتزاق من الإعلام، وبعد دخول جيش الاحتلال الأميركي للعراق دخل معه إلى مدينة الموصل على أمل أن يحصل له على قطعة من الكعكة العراقية آنذاك، إلا أن أهل الموصل لفظوه باعتباره شخصية غير مرغوب فيها ليدخل بعدها إلى البرلمان العراقي بتزكية من شخصيات سياسية عراقية.

وحدث ما لم يكن في حسبان الجبوري حينما بدأت الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد أوصلته لقناعة مفادها أن سقوط بشار سيجعل من الصعوبة عليه بمكان إيجاد موطئ قدم له في دولة أخرى، فأخذت فضائيته تغير لهجتها الحادة تجاه المالكي وأعوانه إلى لهجة أقل حدة ثم إلى ولاء وطاعة مطلقتين ليصل الأمر به إلى وصف المالكي بالزعيم الوطني بعد أن كان يصفه بأبشع الصفات.

في المقابل، تلقف المالكي هذا التغير وبدأت الاتصالات بين الطرفين لتنتج عنها صفقة إسقاط كل التهم الموجهة إليه مقابل مبالغ مالية دفعت للشهبندر مع الدخول في جوقة المالكي ضد من يعاديه سياسياً في العراق. وهكذا رجع الجبوري إلى بغداد في صفقة تظهر تماماً مهزلة "دولة القانون" المالكية.

قد يتصور البعض أن مجيء مشعان الجبوري هو من أجل الوقوف ضد الإرادة الكردية في ضم الأراضي المستقطعة من إقليم كردستان، وأن المالكي سيستخدمه على هذا الصعيد، وهو ما يحاول الجبوري نفسه إظهاره للرأي العام في العراق من خلال تصريحاته التي أدلى بها قبل أيام ليخفي وراءها السبب الحقيقي لمجيئه خصوصا في هذا الظروف الحرجة التي يمر بها العراق، لاسيما أن الشارع السنّي يشهد انتفاضة لم تستطع حكومة المنطقة الخضراء إيقافها حتى الآن، وتوقيت مجيء مشعان في هذا الوقت بالذات وبهذا الشكل المفاجئ يظهر أن المالكي ينوي استخدامه لشق الصف السنّي وتشتيته أكثر ما هو مشتت، ولاستمالة بعض الوجوه السنية وتحييدهم عن التظاهرات ممن لهم علاقات وثيقة مع الجبوري.

لهذا أتصور أن مشعان الجبوري يعتبر خطراً حقيقياً على المكون السنّي العربي. وبمجيء مشعان الجبوري تكتمل حلقة حكومة "علي بابا والأربعين حرامي" لتحول العراق إلى فريسة تنهش منها جماعة "دولة القانون" وعملاؤها ولتحاول إسكات الأصوات الوطنية التي تسعى إلى إنقاذ البلد من براثن هؤلاء المهرجين.

* كردستان العراق- دهوك

back to top