صفحة بيضاء

نشر في 21-03-2013 | 00:01
آخر تحديث 21-03-2013 | 00:01
 مسعود محمد    "١٤ آذار" ٢٠٠٥... تاريخ لن ينسى في لبنان، ففي هذا اليوم كان الشعب اللبناني برمته يطلق "ربيع العرب"، ويثبت أن الشعوب قادرة على العبور إلى حريتها واستقلالها والدولة المدنية بقواها الذاتية، أكثر من مليون لبناني نزلوا إلى الشارع ليقولوا للجيش السوري اخرج.

نتج عن هذه الهَبَّة الشعبية تحالف سياسي يتكون من أكبر الأحزاب والحركات السياسية التي ثارت على الوجود السوري في لبنان بعيد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، أو ما سمي بـ"ثورة الأَرز" التي تلقت الدعم من عدد من الدول بالأخص فرنسا وأميركا والسعودية والأمم المتحدة، وقد أخذ هذا التحالف اسمه من التاريخ الذي أقيمت فيه المظاهرة المليونية سنة 2005.

تمثل أبرز أهداف التحالف بإقامة محكمة دولية لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وتطبيق القرار 1559، وقيام دولة لبنانية تعتمد على المؤسسات والقانون، ونهضة الاقتصاد الوطني والابتعاد عن لعبة المحاور.

قامتان من قامات العمل الوطني في لبنان وسورية هما هاني فحص وجورج صبرا رئيس المجلس الوطني السوري تحدثا عن ذلك اليوم:

بدأ هاني فحص الشيعي المنسجم مع انتمائه الحسيني والمنفتح على الأديان والمذاهب الراغب في لبنان الجامع البعيد عن الطائفية البغيضة حديثه بسؤال عن: أي "١٤ آذار" تريدني أن أتكلم اللبناني أم السوري؟ وبدأ بدون مقدمات بحديثه عن أن أهم ما في يوم "١٤ آذار" اللبناني، فهذا اليوم ما زال حياً في تراث رفيق الحريري الذي أخرج هو بشهادته الجيش السوري من لبنان وليس نحن، ولا منّة لأحد منّا في ذلك.

المؤلم أن قوى "١٤ آذار" لم ترق بعد إلى مستوى مشروع مقابل مشروع، أقول هذا لقوى "١٤ آذار" بمحبة وخوف عليها، ورغم عدم إعجابي بتلك القوى فإن خلافي معها أقل بكثير من خلافي مع القوى الأخرى في "٨ آذار"، فعلى الأقل ليس هناك خلاف في المبادئ العامة.

وأقول لهم من موقع الحريص يجب ألا يبرروا خطأهم من خلال خطأ الآخرين، ولا بد لـ"١٤ آذار" أن تتحول إلى رافعة وحمَّالة لمشروع يستطيع أن يحمل بداخله القدرة على التمايز والاختلاف.

عليهم الخروج من حالة العشق المبالغ فيه الذي يصل عند الاختلاف إلى البغضاء، وعليهم مطابقة الأداء العلني بالأداء السري، لأن الخلاف ليس سراً عميقاً، فهو يأخذ شكل السجال ولا يختلف عن خلاف الطرف الآخر، أي قوى "٨ آذار" إلا بالتهذيب اللغوي، فالميزان الحقيقي هو الاتفاق على الإيجابي وخفض الاختلاف... وليس المطلوب التماثل، فجوهر بقاء لبنان هو تنوعه، وهذا هو أصل الديمقراطية.

حول "١٤ آذار" السوري قال هاني إن "١٤ آذار" النظام السوري يتراجع ويتأخر، ولكن الثورة لا تتقدم، فهي تحتاج إلى استقلالية سورية بدون حدة وانفعال حتى تؤمِّن حواراً سورياً داخل المعارضة ليوسع دائرة الاتفاق ويقلل من الخلاف الذي في البداية هو طبيعي، أما استمراره (أي الخلاف) فيصبح خطراً محدقاً باستمرار الثورة وبقائها.

الحوار السوري الداخلي بين أطراف المعارضة وتماسكها على قاعدة عدم العداء للأصدقاء وعدم الارتهان لهم يتيح للمعارضة التماسك ونسج برنامجها كمقدمة للحوار مع الأقل قذارة من النظام.  أهم ما ينتظره المخلصون من المعارضة السورية الاتفاق الفكري والعملي وتشكيل لجنة عمل لتلافي الفتنة والحرب الأهلية، لأن هذا هو حلم النظام والطريق إلى تحقيق هدفه، فموت النظام لا يعني أبدا أن بغضه مات، ولن يرتاح النظام إلا إذا اختلفت المعارضة وتحول خلافها إلى حرب أهلية.

جورج صبرا، المعارض السوري اليساري المتحالف مع إسلاميي سورية والرافض لفكرة الحوار مع النظام، توجه إلى الشعب اللبناني بمناسبة "١٤ آذار" قائلاً إن ثورتكم أسست لثورات العالم العربي، والثورة السورية قامت لأجل حرية وكرامة الشعب السوري وشعوب المنطقة وتحريرها من هذا النظام الدكتاتوري الذي أرخى بإجرامه على كل شعوب المنطقة من سورية إلى العراق إلى لبنان إلى فلسطين.

ونتمنى على الشعب اللبناني أن يكون عوناً للثورة السورية لأن خلاص الشعب السوري هو خلاص لكل شعوب المنطقة، وللذين يتعاونون مع النظام السوري ويحتلون قرى سورية ويقتلون الشعب السوري لمصلحة النظام الدكتاتوري الفاسد نقول، انأوا بأنفسكم فعلاً وحافظوا على مسافة فيما بينكم وبين النظام المنتهية صلاحيته، فهذا النظام أصبح من التاريخ، افعلوا هذا لمصلحة الشعبين اللبناني والسوري، فنحن وأنتم سنبقى أما هذا النظام، الذي لم يورث سوى كل أشكال التسلط والدكتاتورية، فهو منتهٍ وإلى زوال، ولا يسعني هنا سوى أن أشكر الشعب اللبناني الذي قدم المساعدة للشعب السوري ونازحيه وثورته، فنحن نعرفهم واحداً واحداً، ونشد على أياديهم البيضاء ونذكرهم أن سورية لطالما كانت حضناً دافئاً لكل شعوب المنطقة.

back to top