مضمون غائب

نشر في 06-04-2013
آخر تحديث 06-04-2013 | 00:01
 د. نادية القناعي  هل اختفى المضمون والمعنى الحسي لمصطلح فلذات الأكباد وبقي المسمى فقط؟ وهل أصبح هذا المصطلح مجرد لوحة مهشمة في قلوب بعض الآباء القاسية؟

 لقد أحزنني موقف رأيته في جناح أحد المستشفيات عندما سمعت صراخ امرأة لا يخلو من ألفاظ الشتم، فعندها استفسرت عن مصدر الصراخ فأشارت الممرضة إلى غرفة الفحص.

فتوجهت نحو تلك الغرفة فشاهدت طفلاً دون الثامنة وقد احمر وجهه من البكاء، وامرأة غلب عليها الغضب، وقد اتضح لي أنها والدة هذا الطفل، ومن الأحداث التي شاهدتها أنها قامت أيضا بضربه، وعندما سألتها عن المشكلة أجابتني بأنه طفل "مومتربي"!

 حدثتني أفكاري سريعا محاولة استيعاب إجابتها غير المتوقعة، فهو بالنهاية طفل، وأيضا يعاني المرض، أين عاطفة الأمومة؟ أين الإنسانية؟

 لقد استنكرت بشدة هذا الموقف حتى خطر في بالي مقولة لأحد الفلاسفة أحسست أنها تضم صوتها لرفض هذا الحدث، حيث يقول الفيلسوف "إن النصر الناتج عن العنف هو مساوٍ للهزيمة".

فأي نصر في هذا الموقف للتربية الصالحة التي ستجنيها هذه الأم من هذا العنف؟ فقسوتها التي لا تمت إلى أساسيات التربية الصحيحة بصلة، هي هزيمة تخفي نفسها تحت مسمى التربية.

مهما كان خطأ الطفل، لا يوجد مبرر يعطي الآباء الحق في ارتكاب جريمة ضد براءة الطفولة، ولا أتكلم عن هذا الموقف بالتحديد فهناك حوادث أدهى وأمر، تصل في بعض الأحيان إلى التعذيب أو إلى إنهاء حياة أطفال من غير ذنب.

وقد تضاربت الآراء كثيرا حول موضوع تربية الأطفال، وانقسمت بين مؤيد ومعارض لأسلوب الضرب، وهل إذا كان العنف مجديا أم لا.

وتبقى المشكلة الأساسية هي ظن بعض الآباء أن العنف تأديب، ولكنه في الحقيقة تعذيب نفسي، فهو بالنهاية سيؤدي إلى اضطراب في شخصية الطفل.

فرفقا بأطفالكم، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه".

فالتربية لم تكن يوما بالتدمير أو بانتهاك حقوق الطفل، فهي بناء وإنسانية وخلق، والأطفال نعمة، حافظوا على هذه النعمة لتثمر جيلاً سوياً، جيلا متفائلا، واثقا من نفسه، قادرا على العطاء.

back to top