ما الدوافع الحقيقية وراء تهديدات كوريا الشمالية؟

نشر في 13-03-2013
آخر تحديث 13-03-2013 | 00:01
تنامى التوتر بالفعل في شبه الجزيرة الكورية، حيث يهدد الدكتاتور كيم جونغ أون بإلغاء الهدنة التي أنهت الحرب الكورية، ومهدت لحقبة من الأعمال العدائية المحدودة، كذلك، ألغت بيونغ يانغ اتفاقية تمنع الأعمال العدائية مع سيول وقطعت خطاً ساخناً بينهما.
 شبيغل ردت كوريا الشمالية على عقوبات الأمم المتحدة الجديدة عبر التهديد بمهاجمة الولايات المتحدة، وتصعيد التوتر مع كوريا الجنوبية، لكن يظن الخبراء أن الخطاب العدائي ينجم أيضاً عن تبدل المعطيات الإقليمية والأمل بحشد الناس حول قائدهم الجديد.

يبدو أن كوريا الشمالية ستُغرق المعتدين الأميركيين "بلا رحمة" في البحر، و"ستدمر بشكل مأساوي" الوحدات الأميركية المتمركزة في كوريا الجنوبية، وستحوّل سيول إلى "بحر نووي من النار"... استعمل قادة كوريا الشمالية هذا النوع من العبارات بشكل متكرر للتهديد بأن يدمر "جيشهم البطل" العدو، وذلك استناداً إلى أيديولوجيتهم العليا وحبهم للقائد الأعلى.

لكن يبدو أن ترسانة كوريا الشمالية الواسعة من عبارات الترهيب الشفهية قد أضافت هدفاً جديداً لها الآن: أعلنت بيونغ يانغ يوم الخميس أن الكوريين الشماليين "سيمارسون حقهم في شن اعتداء نووي استباقي ضد مقر المعتدين"، في إشارةٍ إلى الولايات المتحدة. في الوقت نفسه، يعمد جهاز الدعاية في كوريا الشمالية إلى زرع الخوف بين المواطنين عبر ادعاء أن الاعتداء الأميركي أصبح وشيكاً والتأكيد على ضرورة الاستعداد للأسوأ.

زادت حدة الخطاب المتوتر الصادر عن بيونغ يانغ منذ أن فرضت الأمم المتحدة يوم الخميس عقوبات جديدة على هذا البلد المعزول بسبب تنفيذ ثالث اختبار نووي في 12 فبراير. لقد تنامى التوتر بالفعل في شبه الجزيرة الكورية حيث يهدد الدكتاتور كيم جونغ أون أيضاً بإلغاء الهدنة التي أنهت الحرب الكورية بين عامي 1950 و1953 ومهدت لحقبة من الأعمال العدائية المحدودة. كذلك، ألغت بيونغ يانغ اتفاقية تمنع الأعمال العدائية مع سيول وقطعت خطاً ساخناً كان يسمح بإخماد سريع لأي حوادث قد تنشب على طول خط الهدنة المحدد بخط العرض 38.

المزيد من الاستفزازات المتوقعة

يرى بعض الخبراء أن التوتر قد يزداد سوءاً في شرق آسيا خلال الأسابيع المقبلة. وفق وزارة الدفاع الوطني في كوريا الجنوبية، يخطط الكوريون الشماليون لبدء مناورة عسكرية واسعة قريباً. قد يحصل أيضاً اختبار صاروخي عابر للقارة.

زار قائد كوريا الشمالية كيم جونغ أون عدداً من الوحدات العسكرية في الأيام الأخيرة ولا يستبعد الخبراء في سيول وقوع أعمال استفزازية أخرى انطلاقاً من ذلك البلد، وقد تشبه ما حصل في نوفمبر 2010 حين أطلقت كوريا الشمالية قذائف وطلقات مدفعية نحو جزيرة يونبيونغ بالقرب من الحدود، ما أسفر عن مقتل أربعة كوريين جنوبيين.

ثمة ثلاثة أسباب تفسر تهديدات كيم باستعمال القوة: أولاً، يبدو أن بيونغ يانغ مقتنعة بأن بقية دول العالم تطاردها. يظن النظام أيضاً أنه يملك حق امتلاك أسلحة نووية وصواريخ عابرة للقارات تماماً مثل عدوّة البلد اللدودة، الولايات المتحدة.

ثانياً، يريد كيم وأفراد عائلته أن يثبتوا أمام أتباعهم الجائعين أنهم القادة الشرعيون القادرون على حماية الشعب من الأعداء الخارجيين الذين يُعتبرون السبب الحقيقي وراء الوضع الاقتصادي المتردي في البلد. قال البروفيسور الصيني شي ينهونغ في مقابلة حديثة إن هدف الاختبار النووي كان "تقوية سمعته كزعيم أمام الرأي العام والجيش في كوريا الشمالية".

أخيراً، تختبر بيونغ يانغ حدود التغييرات الحديثة في المشهد السياسي الإقليمي. حصلت الدول المجاورة الثلاث على زعماء جدد. في الصين، أصبح مؤتمر الشعب الوطني قيد الإعداد وستنصّب الوفود خلاله زعيم الحزب الشيوعي شي جين بينغ رئيساً للبلاد. حصلت كوريا الجنوبية بدورها على رئيسة جديدة هي بارك جيون هاي، وعادت حكومة محافظة إلى السلطة في اليابان. في غضون ذلك، حل السيناتور جون كيري في الولايات المتحدة مكان وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.

عقوبات الأمم المتحدة لم تردعها

تدرك كوريا الشمالية أن مستقبلها يتوقف في المقام الأول على دولة الصين المجاورة، وهي آخر دولة حليفة متبقية لها في المنطقة، لكن ينشغل المحللون والصحافيون الصينيون راهناً بالتساؤل حول صحة أن تحافظ بكين على روابطها مع بيونغ يانغ. كل ما يجب أن تفعله لإخضاع كيم جونغ أون وأعوانه هو إغلاق صنبور النفط ووقف الإمدادات الغذائية.

هذا ما يجب أن تفعله بكين تحديداً بحسب رأي الصحافي دينغ يوان من مدرسة الحزب الشيوعي المركزي في الصين. من وجهة نظره، يُعتبر الاختبار النووي الثالث فرصة مثالية لمراجعة تحالف الصين مع سلالة كيم. أما ربط الأمن الاستراتيجي الصيني بكوريا الشمالية فيعكس مقاربة تحتاج إلى تعديلات بحسب قوله.

لكن يحرص الجيش الصيني والفرع الدولي للجنة المركزية على التمسك بتلك العلاقة الوثيقة. ادعى البعض في بكين أن شي جين بينغ يخطط للجلوس مع الدبلوماسيين والخبراء من أجل معالجة مشكلة كوريا الشمالية فور انتهاء مؤتمر الشعب الوطني.

شملت العقوبات الأممية الموسعة التي فُرضت يوم الخميس حظراً على بيع المجوهرات واليخوت والمركبات الفاخرة وسيارات السباق، ولكنها استثنت الفرو والكحول؛ لذا يمكن أن يتابع كيم ورفاقه شرب الأنخاب بالمشروبات الروحية الفاخرة.

لكن بغض النظر عن القرار أو القوى التي ستطغى على السياسة الصينية تجاه كوريا الشمالية، لا يزال "شي" مقتنعاً بأن "العلاقات بلغت أدنى مستوياتها". وافقت بكين على أحدث العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة مع أنها تعلم أنها قابلة للتأويل ولا تستطيع إلحاق ضرر جدي بكوريا الشمالية.

back to top