صناعة الأفلام المستقلة في مصر

نشر في 19-02-2013 | 00:02
آخر تحديث 19-02-2013 | 00:02
في مهرجان برلين السينمائي الدولي هذا العام، فيلم يتيم من مصر، البلد الذي يشهد اضطراباً شديداً يطرح تحديات كثيرة أمام صانعي الأفلام. لم تفلح المخرجة هالة لطفي، في قطف ثمار النجاح وحسب، بل ساعدت أيضاً غيرها من الفنانين على تذوّق طعم النجاح وفق مقالة حول الموضوع من شبيغل الألمانية.
في الوقت الذي أحيت فيه مصر الذكرى الثانية للثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، اكتظت شوارع القاهرة بالمتظاهرين المطالبين بالتغيير مرة أخرى.

بصفتها الممثلة الوحيدة للسينما المستقلة المصرية في مهرجان برلين السينمائي الدولي، قدّمت المخرجة هالة لطفي العرض الأول لفيلمها «الخروج إلى النهار» الذي يروي الشقاء اليومي الذي تواجهه امرأة شابة ترعى، بالتعاون مع والدتها، أباً أقعده المرض في الفراش. ومع أن الفيلم يتناول قضية الهوية في ما يتعلق بالأسرة والمجتمع، إلا أن الرسالة التي يوجهها لا تتعلّق بالسياسة إطلاقاً، وفق لطفي.

وتقول الأخيرة معلّقةً: «صناعة الفيلم أشبه بفعل مقاومة، لأنّ المصريين يواجهون صعوبات في صنع اسمٍ لنفسهم نظراً للمشهد السينمائي السائد في البلاد، وفي ذلك دليلٌ واضحٌ على افتقار البلاد للديمقراطية. فإذا لم تكن تملك المال والعلاقات مع الكبار لا يُسمح لك بالتعبير عن نفسك. ولكن إن عنت الديمقراطية شيئاً فهي تعني أنّ للجميع حقاً في التعبير عن نفسه، بغض النظر عن الأدوات والطرق التي تستخدمها تنفيذاً لذلك».

نظام سينمائي مرعب

هالة لطفي مخرجة مصرية تبلغ من العمر 39 عاماً تخرجت من معهد القاهرة السينمائي عام 1999 وعملت في مجال صناعة الإعلانات التلفزيونية والأفلام لمدة عامين قبل أن تُصدم بنظامٍ سينمائي مرعب يتطلّب ميزانيات ضخمة ويخضع لرقابٍة شديدة ولشروط ترخيصٍ معقدة، فانتقلت إلى إعداد الأفلام الوثائقية لصالح قناة «الجزيرة». في العام 2007، بدأت العمل على فيلمها الأول «الخروج إلى النهار» معتمدةً في البداية على تمويل شخصي قبل أن تحصل على هبة صغيرة.

نقل صورة الثورة

يصوّر الفيلم الموجع البطلة سعاد ووالدتها متعبتين وتعيستين وقد أثكلتهما الأعباء الجسدية والعاطفية والمالية الناجمة عن رعاية ربّ المنزل المريض الذي أصابه العجز على أثر إصابته بسكتة دماغية. ولكن حين تحصل سعاد على فرصة للمغامرة بمفردها خارج القاهرة، تواجه عوامل تُثبط معنوياتها. وفي حين يفسّر البعض رسالة الفيلم على أنه انتقاد غير مباشر لدور المرأة الخانع في المجتمع المصري، تعتبر لطفي التفسير هذا مجحفاً بحقّ الفيلم. وتعلق قائلةً: «إنّ شخصيات الفيلم متعبة ومصابة بإحباطٍ يمنعها من التواصل مع العالم الخارجي، وما هذا سوى انعكاس للحياة المصرية المعاصرة. الفرح لا يعرف إلى قلوب المصريين سبيلاً، فهم يعيشون كل يوم بيومه بسبب الأزمة الاقتصادية التي تشل البلاد. نحن شعب يسيطر عليه شعور قاتم بفقدان الأمل واليأس التام، إنه شعور لا أستطيع التعبير عنه كما يجب لكنّه موجود حتى في الهواء الذي نتنفس».

في رأي المخرجة لم يتغيّر إلا القليل منذ اندلاع الثورة التي أرغمتها على وقف التصوير لمدة خمسة أشهر. ولطفي من ملايين الشباب الذين خرجوا إلى شوارع القاهرة للاحتجاج على النظام، كما أنها عملت مع كثير من المخرجين على توثيق المظاهرات ونشر أشرطة الفيديو على الـ»يوتيوب». وتؤمن لطفي أن العمل الفعال لا ينحصر في الاحتجاج فحسب. وتشرح: « كان الخطر يحيط بنا من كلّ جهة في الشارع «. ثم توضح أنّ أفراد طاقم العمل تعرضوا غير مرة للاعتقال في تلك الفترة. وتقول: «شعرنا كلّنا آنذاك بالحاجة الى بذل مزيد من المجهود بحيث ننقل مشاعر الثورة وما نشعر به من شغف تجاهها في عملنا».

انطلاقاً من هذا المبدأ، استأنفت لطفي العمل على فيلمها الذي حاز مجموعة من الجوائز في العالم العربي، وتعاونت مع مجموعة من الفنانين المستقلين لتأسيس شركة «حصالة للإنتاج» التي توفر المعدات وتجمع الأموال والمشورة لصانعي الأفلام الشباب، وتنظم حلقات عمل في القرى النائية، وتسعى لإنشاء نقابة بهدف كسر ما وصفته بـ «احتكار صناعة السينما في مصر».

 «إننا نحاول تصوير الأفلام التي يتّسم محتواها بنفحةٍ ثورية، وفي الأمر مخاطرة كبرى ومغامرة لأنّ الأفلام تُعد بميزانيات منخفضة، لكنها الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها أن نصنع التغيير».

back to top