حسبة أديسون!

نشر في 07-08-2013
آخر تحديث 07-08-2013 | 00:01
الشعوب العربية تعيد تجاربها غير الموفقة مرة تلو الأخرى في اختيار رؤسائها لتصل إلى رئيس منشود يحقق مع حكومته طموحاتها وآمالها، وخذوا عندكم ما حدث في مصر مثالاً حياً؛ من الثورة على لمبارك، لانتخاب مرسي، ثم عزله بفرمان عسكري وتعيين حكومة مؤقتة لحين انتخاب رئيس جديد ربما لا يطول الأمر به في منصبه.
 حمد نايف العنزي يحدثنا التاريخ بأن أكثر العظماء لم تخل حياتهم من حالات اليأس والإحباط التي كادت تجعلهم يتخلون عن آمالهم وأحلامهم نتاج التجارب الفاشلة التي جعلتهم يتشككون في قدراتهم، ويحسبون أنهم كما يراهم خصومهم مجرد مجموعة من الفاشلين يملؤون الدنيا ضجيجاً بلا طائل!

العالم العظيم توماس أديسون الذي اخترع العديد من الأجهزة التي كان لها أثر كبير في البشرية كالفونوغراف وآلة التصوير السينمائي والمصباح الكهربائي، ومسجل باسمه 1093 براءة اختراع، كان أبعد ما يكون عن ذلك، فهو رجل لا يعرف اليأس، ويرى أن الحياة سلسلة مستمرة من التجارب لابد أن تنجح... إحداها!

وفي كتابه "التجربة والخطأ" يذكر كثيراً من العبارات المثيرة للاهتمام بهذا الخصوص، فهو يضع الأمور في نصابها الصحيح بالنسبة إلى الكثيرين ممن لا يعرفون بأن "الأمور لا تذهب دائما كما هو مخطط لها" وأن "اليوم...على الرغم من كل شيء، هو مجرد يوم آخر، وواقعياً، هو الأول من باقي حياتنا"!

لذلك يشدد على أن "الطريقة المثلى للنجاح هو أن نقوم بمحاولة أخرى... طوال الوقت"!

وهو يرى أن التجربة الفاشلة لا تخلو من نجاح لو نظرنا إليها بتجرد وإنصاف: "أنا لم أفشل في محاولاتي السابقة، فقد وجدت من خلالها 10000 طريقة غير صالحة للعمل"!

ويدعو الجميع إلى ألا ييأسوا لأن: "كثيرا من حالات الفشل كانت من أناس لم يدركوا قربهم من النجاح، عندما تخلوا عما كانوا يريدون... تحقيقه"!

والناظر لحال الشعوب العربية اليوم يبدو أنها سائرة على خطى "توماس أديسون" وتفكر كما يفكر، مع فارق الإنتاج... طبعاً!

فهي تعيد تجاربها غير الموفقة مرة تلو الأخرى في اختيار رؤسائها لتصل إلى الرئيس المنشود الذي سيحقق مع حكومته طموحاتها وآمالها، وخذوا عندكم ما حدث في مصر في العامين الماضيين مثالاً حياً على ذلك، من الثورة على لمبارك، لانتخاب مرسي، ثم عزله بفرمان عسكري وتعيين حكومة مؤقتة تدير الأمور حتى يتم انتخاب رئيس جديد ربما لا يطول الأمر به في منصبه، لتدور عجلة التغيير الى النهاية الجميلة، أو ربما إلى... ما لا نهاية!

عندنا في الكويت الأمر أهون كثيراً، فالشيخ جابر المبارك للتو قدم لنا تشكيلته الحكومية الثالثة، وهي تشكيلة جديدة قديمة من حيث الوجوه والأسماء والنهج المتبع، ولا يتوقع منها أن تكون محاولة ناجحة، فالمكتوب يقرأ من عنوانه، ويغنيك عن النظر لأي حرف فيه!

على العموم، علينا ألا نيأس أبدا، ففي الوقت متسع بإذن الله، وعلى حسبة "أديسون" فإن بإمكاننا الانتظار لـ9997 محاولة أخرى لنصل إلى الحكومة المثالية، فإن لم نفعل، فسنكون -على الأقل- استفدنا بأن عرفنا أن 10000 تشكيلة حكومية لا تصلح لإدارة الأمور في البلد، لذلك، علينا البحث عن وجوه جديدة غيرها في المحاولة رقم 10001!

back to top