سرطان البروستات... كلّ حالة على حدة

نشر في 27-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 27-04-2013 | 00:01
ولت الأيام التي كان فيها الحديث عن مشاكل البروستات محرماً، وبات الناس يناقشونها علنًا، وكلّما تم الكشف مبكراً عن الإصابة بالأمراض، لا سيما سرطان البروستات، كان العلاج أقل قسوةً وازدادت فرص الشفاء.
في أي عمرٍ يتعين على الرجل إجراء فحوص لسرطان البروستات؟

خلافاً لسرطان الثدي، لا يشكل سرطان البروستات محور فحص منظم، فلا تشرف جهة معينة على تذكير الرجال بضرورة إجراء فحص البروستات على غرار ما يقوم به بعض الجهات لِحثّ النساء على إجراء صورة الثدي. لذلك، لا بدّ من أن تنبع الحاجة من رغبة شخصية تبيّنها لطبيبك بعد تجاوزك سن الخمسين.

هل أنا معرض للإصابة بسرطان البروستات إن أصيب به والدي؟

 

يشكّل التاريخ العائلي أحد عوامل الخطر التي قد تدفعك إلى مناقشة مسألة المراقبة المبكرة مع طبيبك لدى بلوغك الخامسة والأربعين، في حال سبق أن أصيب أحد أفراد عائلتك بسرطان البروستات. يُعتبر الأشخاص المتحدرون من أصلٍ أفريقي – كاريبي أكثر عرضةً للإصابة بالمرض ويتعيّن عليهم طلب عناية ومراقبة خاصة.

هل الفحص الإصبعي للمستقيم أفضل من تحليل الدم؟

يُستحسن أن تبدأ بالفحص الإصبعي للمستقيم الذي، وإن كان طبيعياً، لا ينفي ضرورة إجراء تحليل دمّ. يرمي الطبيب، من خلال هذه الإجراءات، إلى قياس المستضد البروستاتي النوعي الذي تزيد نسبة تركزه من احتمالات الإصابة بالسرطان وبورمٍ غدي. لكن لا ينبغي الاعتماد على نتائج الفحص، فقد يكون خاطئاً بطريقة إيجابية أو سلبية، لا سيما أن 15 إلى 20% من حالات السرطان لا تُظهر علامات من شأنها الدلالة على خطر معين. يبيّن الفحص الإصبعي للمستقيم نتيجة عادية لكلّ حالة من أصل حالتين في حين أن السرطان يكون بدأ بالتطور داخل البروستات. يتيح تحليل الفحصين للطبيب تحديد احتمال وجود مشكلة خطيرة، عندها يطلب خزعة.

لا بدّ من الالتزام بتعليمات الطبيب وإجراء تحليل دم بعد بضعة أيام من الفحص الإصبعي للمستقيم، لأن الأخير قد يحفّز إفراز كميات عالية من المستضد البروستاتي النوعي من دون أن تكون للإفراز دلالة معينة.

كيف يتمّ الفحص الإصبعي للمستقيم؟

يجري الطبيب الفحص في عيادته وهو لا يسبب ألماً، ولا يتطلب إلا بضع دقائق. يُدخل الطبيب إبهامه في الشرج ليتأكد من طبيعة البروستات الناعمة. تشير المناطق القاسية إلى وجود سرطان.

هل من الضروري إجراء فحص بول؟

منذ فترةٍ وجيزة بات بالإمكان العثور في البول على مؤشر خاص يدلّ على وجود سرطان البروستات PCA3. إلا أن هذا الفحص ليس عادياً ولا يمكن استبداله بالفحص الإصبعي للمستقيم أو بتحليل الدم.

يطلب الطبيب إجراء الفحص حين يشكّ بنتائج الفحصين الآنفين الذكر ويعجز عن أخذ صورة واضحة عن المشكلة، فيجد نفسه أمام خيار إجراء خزعة. في الحقيقة، يُعتبر فحص البول خطوة متقدمة ترمي إلى تحسين الفحص، إلا أنها مكلفة ما يمنع الناس من اللجوء إليها.

هل يطلب الطبيب خزعة في حال شكّ في وجود ورم ما؟

 

يحيلك الطبيب العام فوراً إلى اختصاصي في المسالك البولية ليحدد ما إذا كنت بحاجة إلى خزعة للتأكد من حقيقة حالتك، في حال كان مستوى المستضد البروستاتي النوعي أعلى من العادة استناداً إلى العمر، وفي حال شكّ الطبيب بوجود خلل ما في البروستات. يستأصل الطبيب تحت تأثير المخدر الموضعي أنسجة من الشرج لمزيد من الدقة، ويحللها ليتأكد من وجود خلايا خبيثة في البروستات.

هذا الإجراء ليس مؤلماً ولا يتطلب أكثر من عشر دقائق ولا يعرّض قدراتك إلى أي خطر ولا يسبب نزيفاً، لكن من الأفضل تناول مضاد للالتهابات وتنظيف الشرج مسبقاً تفادياً لأي عدوى. تأتي نتائج الفحص سلبية لكل حالة من أصل ثلاث حالات: فلا يمكن الحديث عن سرطان إلا لدى ثلث الحالات التي يفرض الطبيب فيها إجراء خزعة.  

هل تستدعي الإصابة بسرطان البروستات استئصال الغدة؟

 

ليس بالضرورة. يعتمد القرار على خطورة الورم وعمر المريض. كلما كان المريض شاباً، كبر احتمال تطور المرض بشكلٍ أسرع. قبل عمر الستين، يبقى استئصال الغدة الحلّ الوحيد، إلا أن الأطباء يشيرون إلى سهولة استئصال البروستات من جسم رجل في الخامسة والخمسين مقارنة مع رجلٍ في السبعين من عمره. بالنسبة إلى المسنين، يلجأ الأطباء إلى علاج بالموجات الصوتية المركزة أو بالأشعة الذي يتطلب زرع عناصر في الأنسجة تدمر إشعاعاتها الخلايا المسرطنة في البروستات شرط ألا يكون كبير الحجم.  

الاستيقاظ ليلاً للتبول هل يستدعي القلق؟

ليس بالضرورة، فغدة البروستات تتضخم مع الوقت ويكبر حجمها بين الخامسة والخمسين والثمانين من العمر، حتى إن ورماً قد يظهر. تضغط الغدة على الإحليل حين تتضخم ما يدفع إلى التبوّل كثيراً، لا سيما خلال الليل، علماً أن كمية البول قد تكون ضئيلة رغم حاجتك الملحة. كذلك تحتاج إلى التبول مرات عدة أثناء النهار.

لا داعي للقلق فلا خطر يستدعي الخوف، ولكن من الأفضل مراجعة الطبيب العام عند ظهور أعراض مماثلة. قد يبقى بعض البول في المثانة، ما قد يعزز إصابات مزمنة ويؤدي إلى فشلٍ كلوي من دون أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان البروستات.

هل يُستحسن إجراء صور أشعة؟

 

بعد العلاج الشعاعي، يصعب على الجراح إزالة البروستات من دون أن يجرح الألياف العصبية المحيطة بها، لا سيما أن الإشعاعات تسبب التهاباً يؤدي إلى تصلبها فتظهر آثار جانبية كصعوبة في الانتصاب أو سلس البول. لذلك، يتطلب العلاج في البداية إجراء جراحة تتبعها جلسات علاج شعاعي (لدى 15% من الحالات التي تسجل ظهور أورام كبيرة) مصحوب بعلاج هرموني للتخلص من الأورام الكبيرة.

لماذا يقترح الطبيب أحياناً مراقبة بسيطة؟

تشير نتائج الخزعة وفحص معدل المستضد البروستاتي النوعي أحياناً إلى الإصابة بما يسمى سرطان كسول أي سرطان يتطور ببطء شديد، هذا إن تطوّر أصلاً. في حالات مماثلة، وبعد موافقة المريض، يقترح الطبيب التريث قبل التدخل، ويطلب مراقبة دقيقة لمعدل المستضد البروستاتي النوعي كلّ ثلاثة أو أربعة أشهر وخزعة جديدة بعد مرور عام. في حال لم يتطور السرطان، يكتفي الطبيب بمراقبة حالة المريض. يستدعي 30 إلى 40  بالمئة من الحالات تدخلاً بعد مرور ثلاثة أعوام وتمكن المريض في خلالها من متابعة حياته بشكلٍ عادي.  

هل تؤدي الجراحة إلى مشاكل في الانتصاب وإلى سلس البول؟

 

باتت الجراحات اليوم أكثر دقة وتتم بطريقة تحدّ من إلحاق ضرر بالأعصاب الدقيقة التي تحيط بالبروستات وبالتالي بالانتصاب. رغم ذلك، قد يطرأ خلل ما في بعض الحالات على قدرة الرجل. قبل الخامسة والخمسين من العمر، يفقد 20% من الرجال قدرتهم على الانتصاب بعد استئصال البروستات، علماً أن هذه النسبة تزيد مع العمر لتصل إلى 80% لدى الرجال في السبعين من عمرهم. إلا أن بعض الحقن في العضو الذكري أو بعض أنواع الأدوية قبل المباشرة بعلاقة عاطفية حميمة يساعد على حلّ هذه المشكلة. قد تسبب الجراحة سلس البول أيضاً، إذ قد يشتكي 20% من المرضى، بعد يومٍ شاق، من تسرب لاإرادي لبضع قطرات، إلا أن ذلك لا يتطلب بالضرورة أي حماية، في حين يشتكي 5% من المرضى من سلس بولٍ حقيقي.

أين تقع غدة البروستات؟

تقع تحت المثانة وتحيط بالإحليل أي القناة التي تُخرج البول من الجسم، ما يسهّل فحصها عبر الفحص الإصبعي للمستقيم. تبدو غدة البروستات التي يبلغ وزنها بين 15 و20 غراماً مطاطية وبحجم حبة الكستناء وتساهم في إنتاج السائل المنوي.

هل يمكن إيقاف سرطان البروستات عن النمو؟

بالإضافة إلى الجراحة، تتعدد الطرق التي من شأنها إيقاف تطور سرطان البروستات، ومنها الإشعاعات التي يمكن معالجة آثارها الجانبية (التهاب في المثانة و/أو المستقيم) بواسطة مضادات الالتهابات وحقن الكورتيزون الشرجية، والعلاجات الهرمونية التي تعطي نتائج فاعلة إذ تنجح في إدخال السرطان في سبات لبضع سنوات لدى 90% من المرضى، مقابل آثار جانبية تختلف حدتها وفقاً لعمر المريض: هبات حرارة، صعوبات عاطفية حميمة، تعب، فقر دم، هشاشة العظام... حين تعجز العلاجات هذه، يقترح الطبيب علاجاً كيماوياً Taxotere.

ما الطرق العلاجية الحديثة؟

 

حين يرتفع معدل المستضد البروستاتي النوعي، تزيد العلاجات الهرمونية من متوسط عمر المريض، هذا شأن الأبيراتيرون الذي يمنع خلايا الورم من إفراز هرمونات الذكورة. علاوةً على ذلك، طُرح علاج كيماوي جديد Taxotere وهو يعطي نتائج مهمة، وتستمر الأبحاث في مجال العلاج المناعي (زيادة كريات الدمّ البيضاء قبل إعادة حقنها في جسم المريض). لا بدّ من الإشارة إلى أن العلاجات الحديثة ما زالت قيد الدراسة والاختبار. 

back to top