عزيزي المرابط في «رابعة».... عندك حق

نشر في 02-07-2013
آخر تحديث 02-07-2013 | 13:01
 باسم يوسف آه والله عندك حق، فعلاً عدّاك العيب، أنت مرابط ومعتصم لأنك تدافع عن شرعية الرئيس وتدافع عن مكتسبات الديمقراطية وتدافع عن نتيجة الصناديق، بصراحة لا يستطيع أحد أن يلقي عليك اللوم، أنت نزلت لتدافع عن منصب الرئيس المنتخب الذي من حقه أن يكمل مدته لأربع سنوات ثم يذهب عن طريق الصناديق، عن طريق اللعبة الديمقراطية التي ارتضيناها جميعاً.

من يستطيع أن يقول إنك على خطأ؟ ديمقراطية تساوي صناديق تساوي أغلبية، صح؟

صح، بس مش قوي.

عزيزي المرابط في رابعة، الأغلبية والصناديق هي جزء من اللعبة الديمقراطية، لكن الحقيقة هي نتيجة للعبة الديمقراطية، وبتحديد أكثر هي الجوانب الملموسة للعبة الديمقراطية، هي أشياء نستطيع قياسها مثل الأرقام والنسب المئوية وعدد الأصوات، لكن هناك الكثير من الجوانب الأخرى التي نتجاهلها ولا نستطيع قياسها.

لو كان الموضوع لعبة أرقام وأغلبية فقط لكان من الممكن إجراء استفتاء لطرد المسلمين من الدول التي تم تشويه صورة الإسلام بها، خاصة عن طريق العمليات الإرهابية مثل أميركا وإنكلترا وإسبانيا وغيرها.

كان يمكن أن تستعمل الأرقام والأغلبية لمنعهم من ممارسة شعائرهم وتوزيعهم للمصاحف عياناً بياناً في شوارعهم الرئيسية.

هل تذكر هذه الحادثة البشعة التي ذبح فيها مسلمان من أصل نيجيري مواطناً إنكليزياً وتفاخرا بها أمام الكاميرات؟ كان يمكن أن يصوت البرلمان بأغلبية ساحقة للتضييق على المسلمين بل وطردهم وكان سيجد الكثير من الحشود المؤيدة التي تخاف على "هوية بريطانيا" من الإسلام المتطرف، لكن بدلاً من ذلك منعت السلطات البريطانية من أسبوع مدونَين يحملان الجنسية الأميركية، هما باميلا جيلر وروبرت سبنسر من دخول البلاد لأنهما ينشران خطاب الكراهية والتعصب ضد المسلمين في أميركا.

ربما أبعدتُك عن صلب الموضوع فما علاقة ذلك بمرسي، أليس هو رئيساً منتخباً؟

ضربت لك هذه الأمثلة في محاولة لشرح أن الأغلبية فقط ليست هي المحور الوحيد للديمقراطية، فأولاً لابد أن تكون هناك قواعد تقوم على المساواة والعدل واحترام الآخر لا إخضاعه لمعتقدات الأغلبية.

الدكتور مرسي فاز بأغلبية بسيطة في انتخابات غير عادية، فهو أول رئيس بعد الثورة وكان مطلوباً منه الوفاء بوعود قطعها على نفسه، نحن لم نخرج عليه لأنه لم يفِ بوعود المرور والكهرباء والطاقة، ولكنه وعد بكتابة دستور يوافق عليه الجميع وليس الأغلبية فقط، ولم يف بوعده، وعد بمشاركة من وقفوا معه في الانتخابات من القوى الليبرالية ولكن تم إقصاؤهم ثم تخوينهم، هذه جماعة استأثرت بالحكم معتمدة على شرعية الصندوق وأقصت الجميع من حولها فنشرت الكراهية والفتنة بين الناس، هذه جماعة رفعت شعار الإسلام وجعلت ممن وقفوا ضدها أعداء للمشروع الإسلامي الذي لا نعرف ما هو، فانقلب تعاطف الناس مع الإسلاميين إلى كره وعدم ثقة ونفور منهم، بل وفي كثير من الأحيان، من مظاهر التدين وهذا لم يحدث في أيام النظام السابق.

عزيزي المرابط في رابعة يروج قادتك أن ما يحدث عبث وليس له مثيل في الديمقراطيات المحترمة، ولكنهم يغفلون حقيقة أن الديمقراطيات المحترمة التي يتكلمون عنها قد أرست قواعد احترام الفرد ومعتقداته وأسلوب حياته حتى لو كان من أقلية تمثل نصفاً في المئة، فحتى لو أتى رئيس أو تيار لا يستطيع أن يغير من أسلوب حياتهم أو يسطو على مساحة حرياتهم باسم الدين أو الدولة، حتى لو أتى تيار ديني محافظ فالدستور هناك يمنعهم من فرض معتقداتهم على الأقليات أو المعارضة.

كنت في جلسة مع بعض شباب "الإخوان" وقت "شهر العسل" قبل انتخابات الرئاسة وقلت لهم إن مصر ليست قبيلة تأتمر بأمر شيوخها، بل هي متنوعة ومختلفة، ويجب في حالة الوصول إلى السلطة أن تتوقعوا على الأقل أن عشرين أو ثلاثين في المئة لن يغيروا أسلوب حياتهم ويجب عليكم أن تحترموهم فأجابوا بأن العشرين في المئة يجب أن "يخضعوا" للأغلبية.

طبعاً باءت محاولاتي بالفشل وأنا أشرح لهم أنكم لا تستطيعون إخضاع أحد لأسلوب حياتكم كما تخضعونه لسياسة إدارة مؤسسات دولة.

نحن لا نريد رحيل الرئيس لأنه فشل في ملفات المعيشة من مأكل ومشرب وبنزين، نحن نريد رحيله لأنه سرق الدستور وأقصى الجميع وكرّه بعضنا في بعض ففشلنا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

هذا رئيس كان يدعو الكل إلى الحوار ثم يستيقظ ليغدر بنا جميعاً بإعلان دستوري دكتاتوري.

هذا رئيس تتشدق جماعته بالكلام عن الشريعة وحرية الرأي واحترام مؤسسات الدولة ثم تحاصر المحاكم وترعب الإعلام وتنزل ميليشياتها لضرب المعتصمين حول القصر.

هم يحتقرون حركة الشارع وهم أول من أرسوا قاعدة الاحتكام إلى الشارع، فعلوها في "الاتحادية" وفعلوها حين منعوا القضاة من أداء عملهم وحين اعتصموا في الشوارع منعاً لظهور أي نتيجة غير نتيجة فوز مرسي.

لو جاء رئيس غير إسلامي فنحن من أول المدافعين عن حقك في الدعوة ونشر أفكارك ولن نستغل الأغلبية في التضييق عليك أو اتهامك بالعمالة والخيانة كما تفعل قياداتك.

قياداتك تخبرك بأن العالم كله متواطئ عليك وأنها حرب على الإسلام، ولكني واثق أنك قد نضجت فكرياً وسياسياً ولا تصدق ذلك.

قياداتك ترمي بك في الصفوف الأولى لتستشهد في مواجهات ضد أخيك المسلم ولكنها تختفي هي وعائلاتها عن المشهد.

على الناحية الأخرى لا يهم نزول قادة "جبهة الإنقاذ" من عدمه، فالناس في الشوارع والميادين لا ينتظرون منهم أوامر ولا يخبرهم أحد أن هناك صراعاً دينياً لابد أن ينتصر فيه.

عزيزي المرابط في رابعة، أنا طولت عليك، أتمنى أن تخطف رِجلك للاتحادية على بعد "نص ساعة مشي"، فهناك عالم آخر لا تريد قياداتك أن تراه، ربما تغير رأيك.

* ينشر باتفاق خاص مع «الشروق» المصرية

back to top