شكسبير بلغة معاصرة الزمن يهزم الكلاسيكية الإنكليزية

نشر في 02-08-2013 | 00:02
آخر تحديث 02-08-2013 | 00:02
No Image Caption
أعلنت دار «راندوم هاوس للنشر» مشروعاً هدفه إيصال أعمال شكسبير إلى أكبر عدد من القراء، وذلك بتكليف روائيين في أنحاء العالم بإعادة كتابة مسرحيات الشاعر والكاتب الكلاسيكية في نص نثري أسهل من لغتها الأصلية الإنكليزية القديمة.
من المقرر أن تنجز «راندوم هاوس» مشروع كتابة مسرحيات شكسبير بلغة معاصرة، كما قالت، عام 2016، وذلك بمناسبة مرور 400 سنة على وفاة صاحب «روميو وجولييت».

بحسب بيان الدار، ستكون النصوص الجديدة لمسرحيات شكسبير أمينة لروح الدراما في النصوص الأصلية وجاذبيتها الشعبية، مع إعطاء المؤلفين فرصة مثيرة لإعادة بناء هذه الأعمال الرائدة في الأدب الإنكليزي.

ثمة من يرى أن تغيير شكل مسرحيات شكسبير سيفقدها لغتها الشعرية المركبة. وإن كان المشروع يوصل شكسبير إلى جمهور أوسع من القراء، ولكن بعد تجريده من هالته التي لطالما خبرها القراء المختصون الذين يبحثون عن نصوص درامية مكتوبة بلغة كلاسيكية قد يصعب علينا فهمها.

على أن إعادة كتابة النص الشكسبيري بأسلوب ولغة معاصرين تفتح المجال للحديث عن معظم النصوص التراثية والكلاسيكية التي يجد الجيل الجديد صعوبة في مطالعتها، خصوصاً مع رواج ثقافة الإنترنت والفيسبوك. والحال أن بعض القراء الجدد غير قادر على الصبر في مطالعة رواية صعبة مثل «عوليس» لجيمس جويس، أو «الجبل السحري» لتوماس مان أو «البحث عن الزمن المفقود» لمارسيل بروست و{البؤساء» لفكتور هوغو. وإذا كان الجيل الجديد يجد صعوبة في تناول الروايات الكلاسيكية، فكيف الحال في الكتب الفلسفية مثل كتب هايدغر والاقتصادية مثل «رأس المال» لماركس والقصائد الكلاسيكية والنصوص الصوفية؟

متطلبات الميديا

مشروع {راندوم هاوس} استسلام منطقي لمتطلبات {الميديا} والحياة المعاصرة واللغة الهجينة وأهواء المدن الكبرى، وهو بالمعنى المجازي {محاورة} بين الجيل الجديد من الروائيين والكتاب وبين أعمال شكسبير التي تعتبر رمزاً ثقافياً للغة الإنكليزية في العالم. وربما تشبه تجربة إعادة كتابة أعمال شكسبير تلك التجارب الإخراجية الكثيرة التي قدمت أعماله، سواء في السينما أو في المسرح، فكل مخرج كانت له لغته وفضاؤه في طريقة الإخراج، ويقدمه بالصورة التي يراها ويحس بها.

 والنافل أن مسرحيات شكسبير اقتبست في أعمال موسيقية وأفلام عدة فأصبحت {روميو وجولييت} فيلم {قصة الحي الغربي}، وتحولت مسرحية {العاصفة} إلى فيلم {العودة إلى الكوكب المحرّم}، واستوحى الكاتب توم ستوباد مسرحية {هاملت} لكتابة إحدى أنجح مسرحياته، واستعار نيري براتشيت من مسرحية حلم {ليلة صيف} لكتابة إحدى رواياته.

وليست المرة الأولى التي تقدم فيها مسرحيات شكسبير بلغة جديدة، فرواية {مواقف عاصفة} الصادرة قبل مدة عبارة عن معالجة عصرية مبسطة وساخرة لإحدى مسرحيات شكسبير {العاصفة}. الرواية من تأليف كيم أسكيو وإيمي هيلمز، وهما شابتان يجمع بينهما حبهما للعمل الجماعي، كذلك إعجابهما الشديد بأدب شكسبير، إذ تعتقدان أنه كان أحد أكثر الأدباء قدرة على فهم مشاعر وأحاسيس الفتيات والفتيان تحت سن العشرين، والتعبير عنها بصدق وشفافية، وهو ما ساعد أعماله على الخلود. من هنا جاءت لهما فكرة إعادة معالجة مسرحيته {العاصفة} بأسلوب عصري مبسط وساخر حتى تتمكن الأجيال الجديدة من الاستمتاع بها.  

نصوص محنطة

قد يكون مفيداً أن تقدم {راندوم هاوس} مسرحيات شكسبير بلغة معاصرة وتولي المهمة لروائيين لهم أسلوبهم السهل والمواكب لتحولات اللغة. في المقابل، لطالما توافرت في أكشاك الصحف في بيروت نسخ لبعض الكتب الكلاسيكية المعروفة، أبرزها {دون كيشوت} لثرفانتس و{لوليتا} لفلاديمير نابوكوف وروايات جين أوستين بترجمات رديئة ومختصرة أو كتبت خصيصاً للفتيان. بعض الناشرين يستفيد من شهرة هذه الكتب فيطبعها في نسخ مختصرة، من دون احترام المعايير الأدبية واللغوية، ما يسيء إلى الثقافة عموماً والتراث والكلاسيكيات خصوصاً.

لا يستوي رأي المثقفين والكتاب في إعادة كتابة الروايات الكلاسيكية والكتب التراثية على سمت واحد، سواء كانت الكتب لشكسبير أو لغيره، فثمة من يجد في الأمر ضرورة لإحياء جوهر نصوص باتت {محنطة} لغوياً ويتهرب القارئ من صعوبة عباراتها وأسلوبها، أو بمعنى آخر لم تعد تشبه زمنه. في المقابل، ثمة من يعتبر أن محاولة تدوين الكتب التراثية بلغة معاصرة تساهم في تشويه الإرث الثقافي ولا تقدم جديداً. في هذا الإطار، يروي الكاتب العراقي رشيد الخيون أن أحد أصدقائه أهداه كتاب {البخلاء} للجاحظ، شارحاً له أن النسخة مكتوبة بلغة جديدة، ومصاغة صياغة مقروءة. فقال له الخيون، قبل تسلّم الكتاب منه: أظنها مثل تجربة الذي أراد تحويل الغناء العراقي الريفي إلى نمط أوروبي يُعزف ألحانه على القيثارة، وبذلك دمر أغنية {عمي يا بياع الورد} الدافئة لحضيري أبو عزيز (ت 1972)! فلا الأوروبي تذوقها ولا نحن شدنا لحنها الجديد! فلكلِّ فن ألحانه وأجواؤه، فعلام هذه العولمة المبكرة الباردة! ضحك صاحبه وقال: بهذا المثال سدت نفسي من قراءة إعادة كتابة الجاحظ! ودفع الكتاب له.

فهل تكون كتب شكسبير بلغة معاصرة مثل الجاحظ بلغة جديدة؟!

مسرحيات جوالة

تستعد فرقة مسرح {ذا غلوب} اللندنية، لعرض مسرحية {هاملت} في 205 دول. تقوم مجموعة من ممثلي الفرقة، النسخة المتماثلة للمسرح الذي عرض على خشبته شكسبير أعماله للمرة الأولى، بتقديم مسرحية {هاملت} في القارات الخمس، احتفالا بمناسبة مرور 450 عاماً على ميلاد الكاتب الإنكليزي. وكانت إدارة المسرح الشهير قد أعلنت على موقعها الإلكتروني عن مشروعها الضخم هذا، والذي سيشارك فيه ثمانية ممثلين عليهم التنقل بين 205 دول موزعة على القارات الخمس، مع بداية عام 2014. وستستغرق رحلة عرض المسرحية نحو عامين، تبدأ في 23 أبريل من العام المقبل. وسيتم الاحتفال في ذلك اليوم بالذكرى 450 على ميلاد شكسبير، على رغم أن التأريخ المحدد لميلاده غير معروف، إذ تتوافر معلوماتٍ عن اليوم الذي تعمّد فيه، وهو 26 أبريل، في مسقط رأسه ستراتفورد – أبون (غرب إنكلترا).  

back to top