استشراف موقع العراق... في الاستراتيجية الأميركية تجاه الخليج

نشر في 17-05-2013 | 00:01
آخر تحديث 17-05-2013 | 00:01
No Image Caption
دراسة مستقبلية وضعها محمد وائل القيسي فحواها {مكانة العراق في الاستراتيجية الأميركية تجاه الخليج}، فكلما نجحت الولايات المتحدة الأميركية في إدراك هذه المكانة ومقوّماتها فازت في تحقيق أهدافها، وكلما كان ثمة قصور أو سوء فهم انعكس ذلك سلبًا على إمكانية تحقيقها. (دار العربية للعلوم ناشرون ومركز الجزيرة للدرسات).

العراق من المناطق الحيوية التي تحظى بالاهتمام الاستراتيجي للولايات المتحدة بسبب موقعه الجغرافي المتميز وبحكم الاحتياط النفطي الهائل الذي يملكه، ولأنه يتصدر دول منطقة الخليج ذات الأهمية الفائقة راهنًا. وقد أرادت أميركا إحداث تغيير في المنطقة بما يلائم مصالحها فوجهت رسالة مفادها أن استخدام التغيير في العراق هو لإحداث تغييرات أخرى في المنطقة.

فرضية

تسعى الولايات المتحدة إلى تقديم العراق كنموذج ديمقراطي صديق لها وداعم لسياستها في العمل ضد الإرهاب وتحاول إعادته إلى مركز الثقل في الخليج العربي لمجابهة الدول المعارضة لسياستها، وهي توظفه لأجل مصالحها النفطية والتأثير على الأسعار والإنتاج بالنسبة إلى الدول النفطية الأخرى.

أطلق محمد وائل القيسي في كتابه {مكانة العراق في الاستراتيجية الأميركية تجاه الخليج} فرضية مفادها أن {ثمة مكانة للعراق في المدرك الاستراتيجي الأميركي، وهناك علاقة طردية موجبة بين مكانة العراق في المدرك الاستراتيجي الأميركي وتوجهات الاستراتيجية الأميركية في الخليح العربي، أي كلما نجحت الولايات المتحدة الأميركية في إدراك هذه المكانة ومقوماتها بكفاءة والتعامل معها إيجابيًا نجحت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية في الخليج العربي، وكلما كان هناك قصور في التعامل معها أو سوء فهم أهميتها انعكس القصور سلبًا على إمكان تحقيق أهدافها المحورية في الخليج العربي}. ولإثبات صحة هذه الفرضية سعى إلى الإجابة عنها في مقدمة وأربعة فصول.

الإطار المفاهيمي

يتضمن الفصل الأول من الكتاب الإطار المفاهيمي لبعض المصطلحات والمفاهيم ذات الصلة بالبحث قيد الدراسة وعلاقتها بعضها ببعض، فضلاً عن التطور التاريخي للإستراتيجية الأميركية بدءًا من إستراتيجية الزلة ومرورًا بإستراتيجية الردع والاحتواء التي اتبعتها الولايات المتحدة الأميركية حتى نهاية الحرب الباردة، إذ شهدت هذه المرحلة منعطفًا هامًا في مسرى العلاقات الدولية، لا سيما لصالح الدول الفاعلة والمؤثرة في تلك العلاقات، إذ مثل انهيار الاتحاد السوفياتي الفرصة الإستراتيجية السانحة لهيمنة الولايات المتحدة وقيادتها للعالم، سواء على المستوى السياسي أو العسكري أو الاقتصادي، وهذا ما تأكد بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

أهمية العراق

تعدّ قوة الدولة بإجماع الآراء حجر الزاوية في تحديد أبعاد الدور الذي تؤديه على مسرح الحياة السياسية الدولية، وتنبع من المقدرات القومية التي تمتلكها الدولة والمتمثلة بحجم الإمكانات المتاحة ومستواها، فالقوة تتضمن عناصر منها ما يرتبط بالمكان (الجغرافيا)، ومنها ما هو من صنع الإنسان وتقنياته (الاقتصاد والسياسة والوضع العسكري)، وعليه فإن عناصر قوة الدولة وأهميتها تتمثل بالآتي:

القوة الجغرافية، القوة الاقتصادية، القوة البشرية، والقوة العسكرية.

وللعراق أهمية إستراتيجية كبيرة نابعة من هذه المعطيات، فهو من ناحية الموقع يحتل موقعًا إستراتيجيًا وجيوبولتيكيًا مميزًا في منطقة الشرق الأوسط، ومن الناحية الاقتصادية يمثل أهمية كبيرة لا في المنطقة فحسب بل على مستوى العالم أيضًا انطلاقًا من امتلاكه النفط، أما الناحية العسكرية والأمنية فإنها لا تقل أهمية من سابقتيها، وقد يكون الاحتلال الأميركي للعراق خير دليل على أهمية هذا البلد بمثابة قاعدة عسكرية إستراتيجية.

الخليج العربي

تتمتع منطقة الخليج العربي بأهمية خاصة تنبع من موقعها الإستراتيجي المميز وثروتها النفطية الهائلة، فضلا عن أهميتها العسكرية، مما جعلها محط أنظار القوى الكبرى وعلى مر التاريخ، لتغدو بذلك من أهم المناطق في الإستراتيجيات الدولية، ومن ثم أضحت محورًا للصراع الدولي ومسرحًا لتصارع القوى العالمية على مناطق النفوذ بسبب قيمتها {الإستراتيجية والاقتصادية} متميزة وبالصورة التي تجعلها ركيزة من الركائز المؤدية للهيمنة على هذا الإقليم، وهو ما تجسده الولايات المتحدة الأميركية اليوم من هيمنة لا في منطقة الخليج العربي فحسب بل على العالم أجمع وفق سياسة القطب الواحد.

ولا توجد منطقة في العالم في الوقت الراهن لها تأثير على إستراتيجية الأمن القومي الأميركي أكثر من الخليج العربي، إذ إن أهمية نفط الخليج العربي مضافًا إليها أهمية الموقع الإستراتيجي لهذه المنطقة يضمنان للمنطقة مكانة بارزة في التخطيط الإستراتيجي الأميركي، حتى لو كانت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش لم تقرر غزو العراق واحتلاله. ومع هذا الاحتلال ستكون المنطقة ذات أهمية محورية في إستراتيجية الأمن الأميركية في المستقبل.

مستقبل مكانة العراق

تستدعي الدراسات المستقبلية من الباحث أن يكون على جانب كبير من الموضوعية والواقعية في بحثه لأهم العوامل المؤثرة في دور الدولة من ثم البحث في مدى تأثير هذا الدور في تحديد خطوات المستقبل واتجاهاته لتلك الدولة على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي، وعليه فدراسة المستقبل تؤهل الباحث لمعرفة وتحديد أهم المشاهد المحتملة والأقرب للحدوث لتشكل نوعًا من محاولة استشراف المستقبل ومعرفة أبعاده واتجاهاته المحتملة، ومن ثم سيعمد الباحث إلى ترجيح أحد تلك المشاهد وبيان مدى إمكانية حدوثه وتوقعه، ومن هنا وضع المؤلف لهذا الفصل مبحثين، الأول يتناول العوامل المؤثرة في مكانة العراق المستقبلية في الإستراتيجية الأميركية تجاه الخليج العربي، والمبحث الثاني يتناول المشاهد المستقبلية التي يتوقع لها الحدوث ومن ثم بيان أكثرها ترجيحًا.

ولا شك في أن هذا البحث المنهجي الموقّق سيفتح آفاقًا واسعة أمام القارئ، ويزيد من معرفته بخفايا ما يخطط للمنطقة بكاملها.

back to top