ديون الزواج ترهق الشباب الأفغان
عندما عقد عصمت الله خطبته عام 1999، كان أجيراً يوميّاً متحمساً للارتباط من خلال زواج مدبّر بفتاة شابة من قرية قريبة من قريته أندخوي في غرب أفغانستان. ولكن بعد نحو 14 سنة، ما زال عصمت الله منتظراً. {لوس أنجلس تايمز} روت قصته.
تترافق الأعراس الأفغانية مع كثير من التقاليد القديمة، من بينها تقليد يُعرف بالولوار، أي المهر. فعلى العريس أن يدفع لوالد عروسه المال نقداً. وتتخطى المبالغ التي تتفاوض عليها العائلتان أحياناً العشرين ألف دولار، مبلغ يفوق بأشواط قدرة الأفغانيين من الطبقة العاملة.في أندخوي، بلدة تضم كثيراً من صنّاع السجاد ومزارعي القمح، يقترض مَن يريدون الزواج المال من الأقارب والأصدقاء ويسددون الدين على مدى أشهر أو حتى سنين. ولكن بالنسبة إلى أجير عادي مثل عصمت الله، يُعتبر مبلغ مماثل حلماً مستحيلاً. يصرّ ذوو عروسه على 13 ألف دولار. أقرضه الأقارب والأصدقاء ثمانية آلاف دولار، إلا أنه لا يملك سبيلاً آخر إلى جمع المال المتبقي.
يخبر عصمت الله، الذي يستخدم على غرار أفغان كثر اسماً واحداً: {أجني ستة دولارات يوميّاً من عملي كأجير. ويعلم الله وحده كم سيستغرقني جمع ما تبقى من مال}.ينتقد الناشطون في مجال الدفاع عن حقوق المرأة هذا التقليد بشدة، فيعتبرون أن عادةً مماثلة تحدد {ثمناً} للفتاة، وترسخ صورتها كمجرد سلعة.تذكر موجغان مصطفاوي، وكيلة وزارة شؤون المرأة في أفغانستان: {يحصل الأب على المال مقابل بيعه ابنته. نتيجة لذلك، تُعامل المرأة مثل البهيمة}.يُعتبر المهر مخالفاً للقانون، لكن السلطات المحلية تغض النظر عنه لأنه جزء لا يتجزأ من المجتمع القبلي الأفغاني منذ مئات السنين. فنادراً ما يتعرض الآباء أو الأزواج المستقبليون للمقاضاة بسبب اتفاقات المهر، وفق مصطفاوي، التي تؤكد أن هذه العادة تضع العريس الشاب تحت عبء دين كبير.لكن المهر ليس سوى عنصر واحد من عناصر كثيرة في الزفاف الأفغاني تتضارب مع الواقع. ففي بلد يجني فيه العامل العادي 35 دولاراً شهريّاً، ينفق الأفغان عشرات آلاف الدولارات على حفلة الزفاف. تضم لوائح المدعوين عادةً المئات. كذلك يجب إنفاق المزيد من المال على تقليد آخر: شراء الحلي الذهبية للعروس. على سبيل المثال، أنفق أسد الله، طالب في كلية الحقوق يبلغ 21 عاماً في بلدة أندخوي، 28 ألف دولار على زفافه (13 ألف دولار للمهر، 12 ألف دولار لحلي العروس، و3 آلاف دولار لحفلة الزفاف).يوضح أسد الله، الذي يتحدر من أسرة ثرية: {لا شك في أن 28 ألف دولار مبلغ كبير من المال. إلا أن هذه تقاليد مجتمعنا، فلا خيار أمامنا غير دفع المال}. توضح مصطفاوي أن وزارة شؤون المرأة قامت بمبادرة في عام 2011 هدفها منع صالات الزفاف من استقبال أكثر من 500 ضيف دفعة واحدة. لكن حكومة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي رفضت خطوة مماثلة ولم تتح للمجلس التشريعي فرصة التصويت عليها.تضيف مصطفاوي: {يُضطر الشبان إلى إنفاق مبالغ كبيرة من المال، مع أن عائلتهم لا تملك أحياناً ما يكفي لتؤمن قوتها. أعرف عائلات استقبلت 3 آلاف أو 4 آلاف ضيف خلال حفلات الزفاف... في هذا البلد، على الشاب أن يعمل سنوات طويلة ويقترض كميات كبيرة من المال لإقامة زفاف. ما الداعي لكل هذا؟ يشكّل هذا الواقع بالتأكيد عقبة في طريق الشبان والشابات في مجتمعنا}.حفلات مترفةيذكر سمير روستيار، مالك صالة أعراس في كابول، أن الفخر حافز كبير وراء الأموال الطائلة التي تُخصَّص لحفلات الأعراس المترفة. فتسعى العائلات إلى التفوق على الأصدقاء والجيران بإقامة حفلات أكبر وأكثر بذخاً. حتى لو لم تتمتع بالقدرة على المنافسة، ترفض أن تظهر بمظهر البخيل المقتر.حفلات الزفاف المترفة أيضاً وسيلة للهرب من معمعة الحياة اليومية في بلد تمزقه الحرب، وإن لليلة واحدة. يوضح روستيار: {تعاني أفغانستان الحروب منذ 30 سنة. وينفق الناس هذا القدر الكبير من المال لينسوا مآسيهم لفترة وجيزة}.عقد عبد الله رحمان خطوبته على فتاة في التاسعة عشرة من عمرها قبل سنة. حدد والد العروس المهر بنحو 15 ألف دولار. إلا أن رحمان (23 عاماً) ووالده وإخوته حملوه على تخفيض المبلغ إلى 10 آلاف دولار. وبغية جمع المهر، اضطر رحمان إلى ترك الجامعة والعمل كأجير يومي في بلدته أندخوي. ولم يتمكن حتى اليوم من تسديد سوى ألف دولار لوالد عروسه}. يذكر رحمان: {أعمل أنا ووالدي لجمع هذا المبلغ الكبير. لا أعلم كم سيستغرق ذلك من وقت. من الصعب التركيز على الحياة وادخار المال. لكن هذه عاداتنا وعلينا دفع المهر. آمل بأن نتخلص من هذه العادات ذات يوم}.