لبنان ونجومه حاجة ملحة للدراما السورية؟

نشر في 25-09-2013 | 00:01
آخر تحديث 25-09-2013 | 00:01
بعد ازدياد ظاهرة تصوير مسلسلات سورية في لبنان مع ممثلين لبنانيين وسوريين، يبرز السؤال: ما الذي يدفع شركات الإنتاج السورية إلى اختيار لبنان لتصوير أعمالها مع أن أبواب الخليج مفتوحة أمامها وكلفة التصوير في لبنان باهظة؟ الجواب التلقائي الذي يتبادر إلى الذهن هو تشابه الجغرافيا والعادات والتقاليد بين البلدين، لكنّ ثمة أموراً أخرى عززت هذا التعاون المشترك.

من الطبيعي أن يختار صانعو الدراما السورية لبنان للتصوير، نظراً إلى تطابق عناصر عدة بين البلدين، إلى جانب الطبيعة والجغرافيا، أبرزها أن الكتّاب السوريين والمخرجين على تماس مستمر مع الممثلين اللبنانيين، ويدركون قدراتهم ويعرفون كيف يختارون الممثل المناسب للدور المناسب، لذا لا يشعر السوريون بغربة، ما يسهل عليهم تحقيق الاستمرارية في دوران عجلة الإنتاج، رغم أن كلفتها في لبنان باهظة.  

سبحة لا تنتهي

من أبرز المسلسلات التي تُصوّر في لبنان: {صبايا6}، {اسبريسو} من تأليف هوزان عكو وإخراج أسامة الحمد، يشارك فيه ممثلون سوريون ولبنانيون، ويتمحور حول العلاقة الشائكة بين الشعبين اللبناني والسوري المتأرجحة بين الأخوّة حتى الاندماج وبين العداء حتى طلب الانفصال، {أوهام جميلة 2”، بعدما كان صناعه ينوون تصويره في الإمارات، إلا أنهم عادوا وفضلوا لبنان.

قرر المخرج بسام الملا تصوير الجزأين السادس والسابع من {باب الحارة}في بيروت، على أن تكون دبي الخيار الثاني له، مع أنه يتجه إلى بناء حارة متكاملة لتصوير الأحداث المتبقية. لا ندري ما سيحمل الجزءان من جديد بعدما استنفد المسلسل أحداثه، لكن يبدو أن الشركة المنتجة تعتقد بأنه مطلوب ومرغوب في البلدان العربية بعد النجاح المدوي الذي سجله في أعوامه الثلاثة الأولى.

تصوّر شركة {كلاكيت} (إحدى أكبر شركات الإنتاج السورية)، مسلسل {الحرملك}من إخراج سيف الدين السبيعي، معيدة إلى الذاكرة أجواء الحارة السورية القديمة، وتؤخذ المشاهد في بيوت قديمة في لبنان تشبه بيوت الحارة السورية. كذلك سيتم تصوير مسلسل {الدومري}في لبنان وهو ينتمي إلى البيئة الشامية، من تأليف عثمان جحى وسليمان عبد العزيز، إخراج سيف الدين السبيعي.

قواسم مشتركة

لا شك في أن الممثل السوري يشعر بالراحة في لبنان، فهو متأقلم مع المجتمع اللبناني بسبب التداخل بين البلدين. مع أنه مرحب به في الإمارات وغيرها من بلدان الخليج، إلا أنه يواجه صعوبات في مصر ما قد يؤدي، ربما، إلى تعطيل مسلسل «الخديوي»، لعدم حصول ممثلين سوريين على موافقة للدخول إلى مصر، بعدما كان الانتقال بين البلدين لا يخضع إلى  تأشيرة دخول. جاء ذلك في أعقاب   توتر العلاقة بين الدولتين الذي انعكس على التعامل مع المواطنين، ولم يستثنَ من ذلك الممثلون.

يقول المخرج سيف الدين السبيعي الذي يتنقل بين لبنان والإمارات العربية المتحدة: «من الطبيعي أن يختار صانعو الدراما السورية لبنان كمكان لتصوير أعمالهم، فنحن لا نحتاج إلى كثير من الوقت للبحث عن أماكن تصوير ملائمة لأن السوريين، في معظمهم، يعرفون المناطق اللبنانية، تماماً كما يعرف الشعب اللبناني معظم المناطق السورية».

يضيف: «أما من ناحية اختيار الممثلين فنحن نجري «كاستينغ» لبعض الممثلين اللبنانيين بغية اختيار الممثل المناسب للدور المناسب، إنما في معظم الأحيان نكون على قناعة مسبقة بأن هذا الممثل اللبناني يصلح لهذا الدور».

يرى أن ثمة طاقات تمثيلية في لبنان، إنما تحتاج إلى مخرج جيد قادر على إدارتها وإبراز إمكاناتها، موضحاً أن ما يجمع الممثلين اللبنانيين والسوريين هو تشابه العادات والتقاليد، لدرجة أن المخرج لا يتكبّد عناء في نقل طبيعة النص إلى الممثل اللبناني، لافتاً إلى أن تردّي الأوضاع في سورية أدى إلى استقرار فنانين سوريين في لبنان ما يجعل العمل، سواء في المسلسلات السورية أو المشاركة في مسلسلات لبنانية، يبدو يسيراً للغاية .

ساهمت شركات إنتاج سورية كبرى مثل «كلاكيت» و{أو برودكشن» في تطوير  أواصر التعاون  بين الممثلين اللبنانيين والسوريين، وأبلغ مثال على ذلك: مسلسلا «روبي» و{لعبة الموت» الذي ابتكر توأمة بين الدراما السورية واللبنانية. الملاحظ أن الاستعانة لا تقتصر على الممثلين، إنما على تقنيين لبنانيين يساهمون بشكل أو بآخر في تقديم صورة فنية تتميز بحرفية عالية.

لا لأعمال غير سورية

 

في المقابل، يرفض مخرجون سوريون كثر الخروج من سورية، ويحرصون على تصوير أعمالهم فيها رغم الصعوبات الأمنية، وفي طليعة هؤلاء نجدت اسماعيل أنزور الذي يصرّ على البقاء  في بلده وتصوير أعماله التي تدور حول معاناة الشعب السوري في الداخل.

كذلك يرفض ممثلون سوريون كثر المشاركة في أعمال غير سورية، لا سيما مصرية على غرار بسام كوسى، إلا إذا توافرت شروط معينة لم يجدها لغاية الآن، خلافاً لآخرين أصبحت مصر وجهتهم الوحيدة، مثل جمال سليمان الذي تقف أسباب سياسية وراء عدم مشاركته في مسلسلات سورية، وجمانة مراد التي تركز نشاطها في الدراما المصرية مع إطلالات على الشاشات العربية.

 تعاون مستمر

 

شهدت الدراما الرمضانية هذا العام تعاوناً كبيراً بين صانعي الدراما في لبنان وسورية، في مسلسلات عدة من بينها: «سنعود بعد قليل» و{لعبة الموت»... صحيح أن الممثلين اللبنانيين كانت لهم تجربة في الدراما السورية قبل اندلاع الأزمة من بينهم: بيار داغر، فادي ابراهيم، ورد الخال، ماغي بو غصن، أحمد الزين وغيرهم... إلا أن هذا التعاون أصبح اليوم أكثر عمقاً وكأن الدراما السورية باتت في حاجة ملحة إلى لبنان والممثلين اللبنانيين.

 من هنا تعيش الدراما السورية وشقيقتها اللبنانية حالة من التكامل، وربما تكتشف شركات الإنتاج السورية والمخرجون السوريون مدى توافر مواهب لبنانية متميزة في التمثيل، لا سيما بين أوساط الجيل الجديد.

back to top