مهمة عالمية شاقة

نشر في 28-12-2012 | 00:01
آخر تحديث 28-12-2012 | 00:01
No Image Caption
لن تنتهي مشاكل العالم الاقتصادية قريباً

من الطبيعي أن يتوقع كثر تجاوز التدهور العام وازدهار الاقتصاد مجدداً بعد ست سنوات على انطلاق الأزمة المالية العالمية. لكن بدل حصول ذلك، يبدو أن أجزاء واسعة من العالم بدأت تخوض ما يشبه تجربة اليابان التي ترافقت مع ركود طويل الأمد. التفاصيل من The Economist.
تشكّل أوروبا أبرز مثال على تدهور الوضع الاقتصادي. سيرتفع الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بأقل من 0.5% في عام 2013. وبالكاد ستحرز ألمانيا وفرنسا أي تقدم يُذكَر. ستشهد اليونان من جهتها حالة من الركود للسنة السادسة على التوالي، وسيتقلص اقتصاد إسبانيا والبرتغال للمرة الرابعة خلال خمس سنوات. باختصار، ستزداد المأساة وسيتصاعد الغضب الشعبي من القادة السياسيين وقد تمهّد هذه المشاعر لاندلاع اضطرابات شعبية.

لكن في الحقيقة، لم تعد أوروبا تملك أي خيارات إيجابية أخرى. فقد تبخرت فرص تجاوز المشكلة. يواجه القادة خياراً بغيضاً يحتّم عليهم الاختيار بين تفكك منطقة اليورو (ما قد يُغرق المنطقة في حالة من الكساد) وتعميق الاتحاد (ما سيجعل الدول الرائدة مثل ألمانيا مسؤولة عن مشاكل الدول الهامشية). لذا قد يفضّل القادة متابعة التخبّط والتردد. صحيح أن البنك المركزي الأوروبي سيتدخل لتقليص عائدات السندات السيادية المفرطة بهدف مساعدة الحكومات على كسب بعض الوقت، لكن سيفشل السياسيون مجدداً في معالجة الشوائب الأساسية. يشير هذا الوضع إلى أن منطقة العملة الموحدة ستنقسم في نهاية المطاف. لكن ليس بهذه السرعة! يمكن أن نجد ما يكفي من «الضمادات» في خزانة منطقة اليورو لمساعدة عملة اليورو المنهارة والمتضررة على التماسك ككيان واحد خلال عام 2013.

تبدو الولايات المتحدة في وضع أفضل من غيرها، مع أنّ وضعها لا يستحق الإشادة في الظروف العادية. سيتوسع اقتصادها بنسبة 2% تقريباً في عام 2013. يبقى هذا المعدل مخيباً للآمال مقارنةً بالمعايير الأميركية التاريخية ولكنه هائل مقارنةً بالمعدلات الأوروبية الراهنة. يكمن التحدي الفوري بالتفاوض حول أزمة «المنحدر المالي» (مشكلة رباعية تشمل انتهاء صلاحية التخفيضات الضريبية، وفرض تخفيضات تلقائية على حجم الإنفاق، وتبخّر برنامج الحوافز، وتوفير غطاء قانوني لديون الحكومة) منذ بداية عام 2013. لن يترك الكونغرس الراهن المجال مفتوحاً أمام المشرعين المقبلين كي يحلوا الأزمة. بل سيوافق على الأرجح على توسيع نطاق بعض التخفيضات الضريبية ورفع السقف القانوني لديون الحكومة. من المتوقع أيضاً أن يتغير بعض تدابير خطة الحوافز القائمة على أن تشمل هذه المرة توسيع منافع البطالة.

لكنّ الأثر الواضح المترتب عن هذا الوضع يتمثّل بتضييق السياسة المالية. نتيجةً لذلك، سيقع العبء الثقيل الذي يجب تحمّله لضمان تحريك عجلة الولايات المتحدة على عاتق الاحتياطي الفدرالي. لا يعني ذلك بكل بساطة الحفاظ على معدلات رسمية تقارب الصفر ومتابعة «عملية تويست» المزعومة، وهي محاولة لتخفيض معدلات الفائدة على المدى البعيد. بل يعني ذلك تطبيق مبدأ «التيسير الكمي» الأساسي. نظراً إلى سياسة التشديد المالي في الداخل واحتدام الأزمة الأوروبية في الخارج، سيحتاج الاقتصاد الأميركي إلى جميع المساعدات التي يستطيع الحصول عليها.

بسبب هذه الرياح المعاكسة الآتية من أوروبا والولايات المتحدة، ستجد الدول النامية صعوبة في ترسيخ قوتها. بدأ المستهلكون في الأسواق الناشئة يتحولون إلى أبرز جهات الإنفاق، ومن المتوقع أن يتوسع الإنتاج في الدول النامية ككل بنسبة 6% تقريباً في عام 2013، أي بوتيرة تساوي أربعة أضعاف الوتيرة التي يسجلها الإنتاج في العالم الغني. لكن لا يمكن أن تحقق بلدان كثيرة نمواً ثابتاً إذا كان الغرب يشهد هذا الكم من الركود. قد تنجح البرازيل في تسجيل نمو بنسبة 4% في عام 2013، لكن ستجد الهند صعوبة في استعادة وتيرة تقدّمها السابق مع أن نموها قد يقارب الـ6.5%. هذا ما يدفع نسبة مقلقة من دول العالم إلى التعويل مجدداً على الصين.

يُفترض أن يشهد ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعض التقدم في عام 2013، مع تسجيل نمو بنسبة 8.6% على الأرجح. لكن يبقى هذا الرقم بعيداً جداً عن القفزات السنوية التي اعتادت عليها الصين فوق عتبة العشرة في المئة، ولن تكون هذه النتيجة ممكنة أصلاً لولا السياسة المالية الأكثر مرونة والإنفاق الحكومي المريح في المنطقة. من دون ذلك الدعم كانت الصين لتتعثر، ولا شك في أن قادتها الجدد سيحرصون على تجنب ذلك.

لكن رغم كل شيء، ستظهر التصدعات في مسار نمو الصين بالنسبة إلى الأطراف المستعدة للبحث عن الثغرات. يجب الحذر من تقلّص الأرباح والاستثمارات غير المجدية والمصانع التي تنتج كميات كبيرة من السلع التي لا تستطيع بيعها. ستفضّل الشركات الغربية النمو الثابت نسبياً في الصين على الجمود شبه التام محلياً، لكن سيكون العمل هناك أصعب مما كان عليه منذ سنوات عدة.

مستعدون للمغامرة؟

بعد كلّ ما تقدم، أين يمكن أن نجد مصدر أمل في عام 2013؟ يمكن أن يبحث المستثمرون المغامرون عن الفرص خارج الأسواق المألوفة وأن يتوجهوا إلى مناطق غريبة بالنسبة إليهم. يُفترض أن ينمو الاقتصاد الليبي بعد أن يستأنف البلد أعماله غداة الحرب الأهلية. كذلك، سيكون ازدهار قطاع المناجم في منغوليا كفيلاً بتحقيق معدلات نمو مرتفعة تزامناً مع البدء بإنتاج النحاس في منجم «أويو تولغوي» في صحراء غوبي. لكن إذا أردنا نسيان الوضع العالمي القاتم للحظة، يمكن التوجه إلى ماكاو. من المتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 14% تقريباً ولا حاجة هناك إلى أي خطة عمل لتحقيق النجاح. يكفي التوجه إلى الكازينوهات والتفكير بالصين وبدء المغامرة!

back to top