وثيقة لها تاريخ : اتفاقية الحماية البريطانية عام 1899

نشر في 26-04-2013
آخر تحديث 26-04-2013 | 00:01
No Image Caption
الحلقة 5

في الحلقة الماضية استعرضنا الدور الذي لعبه المرحومان بإذن الله تعالى عبداللطيف بن هارون وعبدالله إبراهيم المعجل في نقل الرسائل السرية بين الشيخ مبارك الصباح والدولة البريطانية، تمهيداً لتوقيع اتفاقية الحماية، وأيضاً بعد توقيعها من قبل الطرفين. واليوم سنستعرض وثيقة لم يرد فيها تاريخ محدد، ولكنها تتحدث عن موضوع الاتفاقية البريطانية- الكويتية لعام 1899، وفيها معلومات مهمة لا يمكنني أن أتجاهلها على الإطلاق. الوثيقة مرسلة من الشيخ مبارك الصباح إلى الوكيل الإخباري في البحرين يقول فيها إنه اطلع على الكتاب المؤرخ بتاريخ 22 شوال 1316هـ والذي ورد فيه ذكر المعاهدة، وضرورة أخذ موافقة إخوان الشيخ مبارك عليها، ويشير أيضاً إلى كتاب آخر تاريخه 3 ذوالقعدة، وفيه تأكيد على قبول الدولة البريطانية لطلب الشيخ مبارك بضم أملاكه في البصرة إلى الاتفاقية، وان بريطانيا ستعمل ما في وسعها لحماية هذه الأملاك. كما طلب الوكيل الإخباري أن يرسل الشيخ مبارك أحد رجاله، وهو عبدالله الإبراهيم المعجل (الذي شرحنا من هو في الحلقة الماضية) إلى البحرين في أسرع فرصة. يقول الشيخ مبارك في رده بعد ذلك إن عبدالله الإبراهيم ليس موجوداً في الكويت حالياً، ويؤكد أن إخوانه (أي إخوان الشيخ مبارك) موافقون على الاتفاقية بشرط ضم موضوع الأراضي والأملاك إلى مواد الاتفاقية. كما يشير إلى أنه لم يتجه للتحالف مع الإنكليز بسبب حاجة محددة، أو خوفاً على نفسه من أعدائه، بل كان ذلك وفق رغبة للتحالف مع طرف عرف بسيرته الطيبة وحميته لحلفائه. وإليكم النص الحرفي للرسالة:

"يا محب العزيز اطلعت على البوصلات الذي داخل كتابكم المؤرخ 22 شوال 1316هـ وذكرتو من طرف مواد المعهودة (المعاهدة) واستكمالا لأمر بموافقة الإخوان وحصول الرغبة وانه تذكرونا ان الجناب وجناب الكبير أشرتم لنا في والوقت الذي كنتم عندنا وواعدتم بطيبت الخاطر على الإرادة وانه ليس غفلتم وانه سوف ياتينا الجواب بالله تعالى ما يسرنا ويسر خاطر الاخوان وثم بعد هذا وصلنا كتابكم المؤرخ 3 ذوالقعدة وذكرتو ان المواد صارت على الإرادة وتطلبون عبدالله إبراهيم السمكة فكما شرحتم صار معلومنا فلا عدمنا وجودكم ولا اخلانا الله من شفقتكم.

فعبدالله الإبراهيم المذكور قبل وصول كتبكم لنا ليس حاضر بطرفنا بل هو مسافر، فيا محب ذكرتو استكمالا لامر بموافقة الاخوان والاتفاق مثلما ذكرتو لكن الاخوان لا يكون منهم ذلك الا ان يكون الأمر كما عرفناك اولا وكما افدناك شفاها بمجيئكم الأول والآخر. وعرفت انه قريبا تشرفون، الان يا محب ما اشوف موجب للمجي حتا نعرف الغاية ونطلع على موجب تعريفكم انه الامور صارت على الإرادة وان الله تعالى يديم علينا بقاكم. يا أخي ما جيت هالمسلك من حاجة او محاذر من احد بل محب لذلك الطرف بحسب سيرتهم وحميتهم واني رجل مستقيم بحسن السيرة أحب هكذا فعلا، موجب مودتي استحق الموافقة بالشروط الموافقة لطرفين وللعواقب واطمئنان الإخوان حيث لا يكون منهم موافقة إلا أن يكون أملاكنا الذي في البصرة مع الطوارف تكون تحت الحماية ويدرج ذكر ذلك بالأوراق وبالأمر الذي يكون بيدي لأني استحق المباراة على حسب محبتي لهم وإلا أنا ما جاني من ذلك الجهة مضرة قطعا للآن...".

ونلاحظ في صيغة الرسالة أن الشيخ مبارك كان يسعى إلى إقناع الإنكليز بعدم حاجته إليهم، رغم أنه في أشد الحاجة إليهم بسبب الأوضاع الإقليمية الخطرة آنذاك، ولكنه تعمّد قول ذلك حتى لا يظهر بمظهر الضعيف في المفاوضات معهم، مما يشير إلى فهمه للغة الدبلوماسية والمناورات التفاوضية.

back to top