كيف تخفف غضبك تجاه طفلك؟

نشر في 15-06-2013 | 00:01
آخر تحديث 15-06-2013 | 00:01
No Image Caption
أن تعيش يعني أن تنتابك مشاعر مختلفة من ضمنها الغضب. لكن يتعين عليك أن تتعلم التعبير عن هذه العاطفة المفيدة من خلال احترام الآخرين واحترام الذات، لا سيما حين تتعامل مع طفلك بغض النظر عن سلوكه!  
كلما زادت قدرتك على التعبير عن غضبك علناً وكلما استمعت إلى الآخر من دون عنف، حافظت على استمرارية علاقاتك مع الآخرين وانفتاحك عليهم. لا بدّ للشخص العصبي من أن يتعلّم كيف يسيطر على مشاعره وعلى نفسه، فلا ينفجر من دون حسيب أو رقيب، ولا بد للشخص الهادئ من أن يتعلّم كيف يحافظ على غضبه، فلا ينكره ولا يفرط في التأقلم مع بيئته، ويتجرأ على تجربة صراعات مفتوحة بدل الاحتماء في الفرار أو أداء دور الضحية. استناداً إلى تقنيات التواصل اللاعنفي التي أثبتت نجاحها، ستجد أبواب التعبير عن الغضب بشكلٍ مفيد وصحي مفتوحة. لا داعي للعجب فالغضب، الخالي من العنف، والحب يتماشيان معاً بشكلٍ رائع!

حين تغضب من أحدهم، تأكد أن حكمك عليه هو الذي أوصلك إلى حالة الغضب هذه.

جيد أم سيئ؟

يُعتبر الغضب الذي غالباً ما يكون مرادفاً للعدوان، رد فعل سلبياً ومدمراً، وقد يتحوّل لدى البعض، عندما يُساء فهمه وإدارته، إلى نمط تواصل مزمنٍ لا يصلح إطلاقاً لحلّ المشاكل والظروف الصعبة.

إلا أن للغضب وجوهاً حسنة. يفهم الأطفال خطورة بعض المواقف وجديتها بفضل المعاملة الغاضبة التي يعتمدها الأهل من وقتٍ إلى آخر معهم. يطبع الغضب، في حالات مماثلة، الطفل عاطفياً فيتذكر الخطر الذي داهمه أو الخطأ الذي ارتكبه. لكن حذار من تحوّل الأمر إلى رد فعل طبيعي يعتمدها الأهل كلّما أرادوا أن يعلّموا طفلهم أمراً معيناً. لا يعني غضب الأهل زيادة سطوتهم على أطفالهم.

مخاطر الغضب

نادرون هم الأشخاص الذين لا يغضبون، فيما ينتاب الغضب آخرين دوماً فتلتصق بهم تهمة الغضب الدائم والعصبية المستمرة، ويخسرون ثقة الآخرين بأقوالهم لأنهم يفتقدون إلى الشعور بالرضا والسعادة. غالباً ما يوصف مزاج الأشخاص العصبيين بالناري، في حين يتناسب المزاج الهادئ والمزاج الصفراوي مع نماذج أخرى من الشخصيات وفقاً لتصنيف أبقراط.

تتعدد مخاطر الغضب المفرط: على الصعيد الاجتماعي، تضطرب العلاقات بين الأصدقاء والزملاء والموظف وربّ عمله... وعلى الصعيد الخاص، يجعل الغضب التواصل مع الآخرين (الشريك، الأطفال، الأهل...) أمراً صعباً. على الصعيد الصحي، قد يتعرض الأشخاص الذين يغضبون كثيراً ودائماً، مع الوقت، إلى خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين (وقد تصل الأمور إلى حد تمدد الأوعية الدموية) بفعل ضغط الأوعية الدموية.

امتلاك السلطة

 

من السهل أن يمتلك البالغ سلطةً عند تعامله مع الأطفال، إلا أنه يصعب عليه أحياناً أن يفرض احترامه عليهم. في هذا الإطار، يبرز الحديث عن تربية من دون عنف، إذ تؤسس لعلاقة قائمة على الثقة والاحترام. لا بدّ من إحاطة الطفل بقواعد أساسية، ولنقل هذه القواعد له، على البالغ أن يتبع قواعد بسيطة:

نفذّ دائماً ما تقوله: راقب كلامك وامنحه مزيداً من الأهمية والثقل. حين تعطي كلمة وتعد وتهدد، نفذ ولا تدع نواياك تتوقف عند حدود الكلام! وعندما تكون غير متأكد من قدرتك على تلبية ما يطلب طفلك منك، لا تعده وفسّر له أسباب عجزك عن ذلك.  

في حال أصدرت أمراً أو قلت كلمةً لا تغيّرهما أياً كانت الأسباب، فأنت بذلك تفرض احترامك. كن متماسكاً في طلباتك ومواقفك ومزاجك، ولا تطلب من طفلك ولا تعده إلا بأمور معقولة وقابلة للتحقيق، واحرص على عدم الوقوع ضحية المزاج المتقلب الدائم، مخافة أن تفقد سلطتك عليه، بل إبقَ ثابتاً وعادلاً قدر المستطاع.  

تجنباً للانفجار والشعور بالذنب الذي غالباً ما يليه، ترغم نفسك على تدجين الطاقة الوحشية التي تنتابك من خلال تحويلها إلى أفكار وكلمات. لا شكّ في أن القول يبقى دائماً أسهل من الفعل، لا سيما حين تكون غاضباً، ويعتبر الطريقة  الوحيدة التي تتيح للأولاد العثور على معايير حقيقية والشعور بضرورة تحمل مسؤولية أفعالهم. علاوةً على ذلك، لا بدّ من البحث عن الأسباب التي لأجلها تنتابك رغبة جامحة بابتزاز الطفل عاطفياً، لا سيما عند رؤيته مرتبكاً.

في حالات مماثلة، ستكون قد خرجت من مجال الانعكاس الصافي لتدخل إلى لغة اللاوعي المعقدة القائمة على الألغاز. ما فائدة هذه القسوة المفرطة التي سرعان ما تزرع فيك شعوراً عميقاً بالذنب؟ هل تصرّف أحدهم معك على هذا الأساس في طفولتك؟ لا بد من أن تأخذ بعض الوقت لتتساءل عن المكان الذي تحشر فيه أولادك. فليس غريباً أن ترى فيهم، حصرياً، صورةً لوالديك وأن تتخيل أنهما عادا ليحتلا مكانةً مهمة. تأكد أنك ستنتقم من والديك عبر أولادك ومن دون أن تشعر بذلك وتعي الأسباب، إن لم تنهِ معهم حسابات الماضي.  

سلطة الكلمات

أي حوارٍ هو ذلك الذي يمكنك توجيهه إلى طفلك؟ ما الكلمات التي لا بدّ من تجنّبها أياً كان الثمن؟ ما الكلمات التي تترك ألماً في نفس الطفل؟ لماذا يستعمل الأهل حواراً غير مناسب مع أطفالهم؟ كيف يتقبل الطفل بعد البلوغ أهله؟ كيف سيتوصل إلى فهمهم؟

تحتل اللغة مكانةً رئيسة ومهمة في تربية الطفل. بعض الكلمات يجرح ويترك أثراً عميقاً لدى الطفل، في المقابل يساعده بعضها الآخر على بناء شخصيته وتحسينها وإصلاحها وتعزيزها ودعم علاقاته الحيوية بالآخرين.

تعليم المسؤولية: حين تكون عادلاً ولا تغيّر أوامرك، وحين تمثّل التوازن، سيسلّمك ابنك دفة إرشاده. لتساعده على تحمّل المسؤولية، لا بدّ من أن تعلّمه منذ البداية تحمّل نتيجة أفعاله. اترك له مجالاً ليشارك في اتخاذ قرارات عائلية ولا تبعده عن النقاشات، واطلب رأيه حين يتعلق الأمر بمعاقبته لتساعده على النضوج وتحسين نفسه.

تواصل غير قائم على العنف

 

إنه أسلوب قائم على التعاطف والتعاون واحترام مشاعر الآخرين، ويستخدم أدوات التواصل المخصصة لحلّ المشاكل بين الأهل والأولاد أو بين البالغين من دون عنف جسدي أو لفظي. لا يشبه هذا الأسلوب العلاج في شيء، إلا أنه يرمي إلى استخدام آلية أفكار وأجوبة من دون إصدار أحكام وعبر استيعاب مشاعر الطفل.

يقول أحد الاختصاصيين: “على عكس التصرفات التي لا يمكن تقبلها أحياناً، تتسم المشاعر كافةً بالشرعية}. تجسد مقولته هذه أحد أهم أسس التربية التي لا تقوم على العنف، فالأمر لا يتطلب قبول كلّ ما يقوم به الطفل إنما فهم المشاعر التي تنتابه حين يتدحرج على الأرض غاضباً.

لكلّ زوجين أسلوبهما الخاص في التصرّف كوالدين صالحين، ولكن رغم الإرادة الحقيقية الحسنة، سرعان ما يقوّض الواقع حلم المثالية ويُفشّل النظريات التربوية الأساسية. غالباً ما يفتقد الأهل إلى الأسلوب الذي يتيح لهم تنفيذ ما يرغبون لإدارة الظروف التي يواجهونها يومياً.

تتضمن قواعد التواصل الحسن مع الطفل معايير أساسية: حماية معتدلة، استماع وإنصات جيد، وعود صلبة، تشجيع قائم على النقد الإيجابي البنّاء عند الضرورة، غضب من دون عنف طبعاً! هذه القواعد الأساسية، فابدأ بالتنفيذ!

نصائح

تعلّم كيف تُبعد المأساوية عن حياتك: غالباً ما يفسح الإنسان في المجال أمام مشاعره لتؤثر عليه في الظروف الصعبة المزعجة. تفادياً لسيطرتها على العقل والقلب، لا بدّ من أن تعرف كيف تتراجع وتبقى حيادياً.

استفد من بعض لحظات الصفاء: حوّل غضبك واستفد منه عن طريق اليوغا أو بعض تمارين التنفس البسيطة.

لا تتردد في قول كل ما يعتريك من مشاعر: عندها تتمكن من مراقبتها وأخذ الحيطة منها. احرص دائماً على تسميتها لتفكّ  في المرة المقبلة لغزها.

اقبل أو ارحل: يكمن الحلّ البديل الأخير في هجر الظروف غير المرغوب بها. يُستحسن ألا تثابر أو تحاول بكل ما أوتيت من قوة لتغيير بعض الأمور.

ضاعف قدرتك على تحمّل الإحباط: من خلال أخذ استراحة أو العيش فترة في مكان وسط الطبيعة بعيداً  عن وسائل الراحة والترفيه التي تؤمنها الحياة العصرية.

إجراءات ضد الغضب

مارس الرياضة بانتظام: لتفريغ الغضب والضغط وكل ما يُثقل قلبك وعقلك.

اختر هواية تساعدك على الاسترخاء والراحة: علاج بالموسيقى، رقص، علاج قائم على الفن، تأمل.

تعوّد على التجاهل: كلما شعرت بالغضب ركز وحاول أن تهدأ، خذ بعض الوقت لتفكّر إن كان الأمر يستحق أن تتدخل حين يكون غضبك ناتجاً عن مشكلة تتعلق بالغير؛ ستعجز مرةٍ من أصل مرتين عن إيجاد مبرر لغضبك.

تعلّم كيف تدير مشاعرك وخلافاتك.

تعلّم كيف تستفيد من أدوات التواصل البينية – الشخصية لا سيما تلك التي لا تعتمد على العنف.

تعلّم كيف تكون حازماً لتدافع عن أفكارك فيما تحرص على احترام أفكار الآخرين.

تعلّم كيف تتنفس وتستريح بانتظام من خلال ممارسة اليوغا أو غيرها...

back to top