تقلا شمعون: صورتي في «رجاء» مختلفة عربياً

نشر في 28-05-2013 | 00:02
آخر تحديث 28-05-2013 | 00:02
صحيح أن دور الأم لازمها في مسلسلي «روبي» و«جذور» إلا أنها فاجأت جمهورها العربي بصورة جديدة، لتثبت عربياً كما لبنانياً أنها ممثلة قديرة ومتميّزة في أي دور يُسند إليها.
الممثلة اللبنانية تقلا شمعون تحصد راهناً نجاحها المتجدد في الدراما العربية المشتركة، وتطل في رمضان المقبل في مسلسل سوري وفيلمين سينمائيين فضلا عن قراءتها لنص درامي مصري.
عن دورها في «جذور» وأعمالها الأخرى، تحدثت إلى «الجريدة».
«جذور» مسلسل جديد من ضمن أعمالك العربية المشتركة، هل حقق الممثل اللبناني برأيك موقعه عربياً؟

طبعاً، لأن الأعمال العربية المشتركة أفسحت في المجال أمام تعرّف الجمهور العربي إلى مهارات الممثل اللبناني وقدراته. فإذا كان الممثل جديراً بهذه الفرصة التي أتيحت له، يحقق النجاح وتشرّع أمامه الأبواب العربية التي كانت موصدة سابقاً.

بدرية في {باب إدريس} وعليا في {روبي} ورجاء في {جذور}، كيف انتقلت من حالٍ إلى أخرى من دون وجود أي شبه بين هذه الشخصيّات؟

إنها الموهبة التي يجب أن يتمتع بها الممثل، فغالباً ما أردد أمام طلابي في المحترف الفني أن المطلوب ليس تمثيل الذات، بل الدخول إلى جلد الشخصية الأخرى. لا شك في أن دراستي وثقافتي المكتسبة والورش الفنية التي شاركت فيها وقراءاتي المستمرة والتمارين الكثيفة التي أخضع لها، وأيضاً جديتي في العمل وتخصيص وقت لدراسة الشخصية الدرامية، فضلا عن غيابي من وقت إلى آخر عن الشاشة للقراءة والبحث عن أمور مختلفة ومغايرة... هذه الأمور كافة مجتمعة أدّت إلى الانتقال بين الشخصيات التي كتبت أساساً بطريقة جميلة.

أيٌّ من هذه الأدوار الثلاثة حقق نقطة تميّز في مسيرتك؟

أعشق هذه الأدوار الثلاثة، وحاربت لأجلها وسهرت الليل للتحضير لها، وقلقت وخفت على مصيرها ومن ألا تنل حقها في المسلسل، لذلك كانت مميزة.

شخصية رجاء مناقضة لشخصية عليا، فكيف كانت الأصداء حولها؟

يعرفني الجمهور اللبناني في أدوار متناقضة، بينما تعرّف الجمهور العربي إليّ من خلال شخصية عليا، لذا أردت الإطلالة مجدداً بصورة مغايرة، فوقع اختياري على رجاء لإبراز أمام الجمهور العربي مهاراتي التمثيلية وقدرتي في أداء شخصيات مختلفة.

رغم انتقاد البعض دوري كوالدة الممثل يوسف الخال بسبب فارق السن البسيط بيننا، ورهان البعض الآخر على فشلي، فإن اختياري للدور كان ضرورياً وصائباً، بحسب كاتبة المسلسل كلوديا مرشليان بعدما اطلعت على مونتاج الحلقات الأولى. فضلا عن أن الجمهور العربي فوجئ بي ولم يعرفني لولا ورود اسمي في الجنريك.

كيف تصفين شخصية رجاء؟

هي أم بكل ما للكلمة من معنى، لأنها تواجه الظلم اللاحق بأولادها بأسلوبها الخاص والمختلف عن أسلوب عليا في مسلسل {روبي} الراضخة والتي عانت في حياتها من دون المطالبة بحقها المهدور.

تعيشين شخصياتك الدرامية في حياتك اليومية، فكيف يتأقلم محيطك معها؟

اعترف زوجي المخرج طوني فرج الله بأن رجاء شخصية متعبة للشريك، رغم أنه أحبّها كما أحب عليا. شاءت الصدف أن يكون منشغلا أثناء تصويري {جذور}، فلم نلتق كثيراً. إلى ذلك بادرني مساعد المخرج فيليب أسمر بعد انتهاء التصوير بالقول {نشكر الله على عودة تقلا}.

هل ترهقك هذه التقلبات النفسية بين شخصية وأخرى؟

بالطبع، لأنها تقوّي في داخلي الانفصام وتمرضني.

يرتاح المخرج عندما ينفذّ المسلسل بإنتاج ضخم، هل ينسحب ذلك على الممثلين أيضاً؟

طبعاً. من الضروري أن تعبّر أزياء الممثل عن الشخصية المكتوبة، بمقدار أهمية دخوله إلى عمق الشخصية لتجسيدها. وفي هذا الإطار، أوجّه تحية إلى مايا حداد التي اهتمت بشكلي الخارجي وثيابي والأكسسوارات والمجوهرات التي تلائم شخصية رجاء كونها امرأة غنية ارستقراطية،  وأوجه تحية أيضاً إلى المنتج مفيد الرفاعي وشركة MR7 وEndimol middle east لأنهما صرفا على المسلسل بسخاء ومنحاه كل ما يلزم.

بأي شخصية سيفضّلك الجمهور العربي، برأيك؟

أظنّ أن رجاء تركت أثراً لدى الجمهور العربي لأنني تلقيت عرضاً للمشاركة في مسلسل درامي مصري، يحوي بعضاً من مقومات هذه الشخصية، أسوة بما حصل سابقاً مع عليا، إذ تلقيت بعد {روبي} عرضاً مصرياً لأجسّد شخصية قريبة من شخصيتها.

ما الدور الذي ستؤديه في المسلسل المصري الجديد؟

أقرأ النص راهناً وأتوقع الوصول إلى اتفاق بشأن مشاركتي فيه، إلا أنني أفضل عدم التحدث في التفاصيل حتى الاتفاق النهائي.

ماذا عن {سنعود بعد قليل}؟

مسلسل رمضاني سوري من كتابة رافي وهبي وإخراج الياس حاجو. تمتعت بالعمل فيه لأنني شاركت في الإنتاج كمديرة {كاستينغ} إلى جانب التمثيل، واخترت بنفسي الممثلين اللبنانيين المشاركين فيه. فضلا عن أنني فرحت بالوقوف أمام الفنان الكبير دريد لحام لأنها فرصة جميلة منحني إياها الله في مسيرتي الفنية.

أمّا بالنسبة إلى النص فيلتصق بالواقع السوري ويحكي وجع أي شريحة من المجتمع بغض النظر عن موقفها من الأحداث السورية.  

كيف تقيّمين المسلسل؟

رائع لأنه منبثق من خبرة درامية حقيقية، إذ عرف القيّمون عليه كيف يوظفون واقعهم ليحكوا نبضهم وألمهم ووجعهم، لذلك أحييهم على تجربتهم التي ستبقي راية الدراما السورية مرفوعة.

ثمة اهتمام لبناني بإطلالة مذيعي الأخبار ومقدمي البرامج التلفزيونية بهدف التسويق، فهل ينسحب ذلك على الدراما أيضاً؟

لطالما سعى القيمون على التلفزيونات إلى الاهتمام بشكل المقدم أو المذيع الخارجي، وهذا الأمر في إزدياد مستمر، لكنه ليس الأساس برأيي، لأنه يُبهر المشاهد في الإطلالة الأولى، إلا أنه سرعان ما يفقد رونقه إذا كان المضمون فارغاً. ينطبق الأمر على الدراما أيضاً، إذ يجب توافر الشكل الخارجي من دون أن يكون هو الأساس ليبقى الخيار مبنياً على المضمون أولا. جمال الشخص بروحه ونفسيته لا مظهره الخارجي، لذلك أعلّم  طلابي كيف يخرجون ذاتهم إلى العلن ليتأثر بها شكلهم ويصبح أكثر جمالا.

هل يمكن التحدث راهناً عن صناعة درامية لبنانية؟

أكيد. يصب عملنا في الخارج في إطار الصناعة الدرامية العربية وهي ضرورية لنا، إنما يجب ألا تلغي الصناعة المحلية لأي بلد. من جهة أخرى، يمكن الحديث عن صناعة درامية لبنانية عندما يكون الموضوع لبنانياً والقضية لبنانية والواقع لبنانياً فلا نتكل على الخارج في أعمالنا المحلية بل على أنفسنا أولا.

نقف راهناً أمام فرصة مهمة تحتاج إلى وعي من العاملين في قطاع الدراما بدءاً بالمنتج وصولا إلى التقنيين، لذلك أدعوهم إلى عدم الاقتتال على حصة الأسد والتفرّد بالعمل والاهتمام بالمصلحة الخاصة، بل النظر إلى المصلحة العامة والتحلي برؤية مستقبليّة.

 برأيك، هل تهدف الدراما إلى الترفيه أم التوجيه؟

يجب ألا يكون هدف الدراما توجيهياً وإلا أصبحت عبئاً على المشاهد الذي سيرفضها حتماً، لأنها ستشبه أي برنامج يعالج الآفات الانسانية والاجتماعية. الدراما ترفيهية وتنقل المشاهد إلى مكان جميل يُنسيه واقعه وتعبه اليومي، فتطرح أمامه الوجع مع بعض من الترفيه، وتفشّ الخلق تارة وتُضحك طوراً وتُشعر المشاهد بالألم حيناً وبالانتصار حيناً آخر.

ما سرّ الدفء والسلام في صوتك وتعابير وجهك؟

طريقة مشي الإنسان وأسلوب كلامه ونبرة صوته، كلها تعبّر عن شخصيته وطفولته وتربيته. أنا إنسانة إيجابية تنشر الدفء حولها وتضفي جواً عائلياً في مكان التصوير، لأنني أحب الحياة وأتعامل مع أناس أرتاح اليهم، ويكونون حقيقيين وصادقين، وإلا لا يمكنني إعطاء كل هذه الطاقة في العمل.

إلامَ تعزين هذا الأمر؟

إلى كوني تربيت في كنف والدي الكاهن وأمي الخوريّة، وهما صادقان وحقيقيان وعفويان وايجابيان في الحياة. فضلا عن أن منزلي الخاص دافئ بفضل زوجي الراقي في التعاطي مع الآخرين والمترفع عن المصالح الخاصة، لذا أشمئز إذا لمست أثناء التصوير بعضاً من المصالح الخاصة وأجواءً من الغيرة والحسد وتخطي الآخرين، كوني لم أنشأ على مبدأ الدوس على كرامة أحد لتحقيق مصالحَ شخصية.

هل يختلف أداء الممثل مع اختلاف الكتاب والمخرجين؟

جهد الممثل الشخصي وإعداد الشخصية وتجسيدها أمور أساسية بغض النظر عن هوية المخرج أو المصور أو الكاتب، إنما لا ننكر أن ثمة مخرجين يرتاح الممثل في العمل معهم تماماً كما يحصل أساساً في الحياة اليومية حين نرتاح مع بعض الناس أكثر من غيرهم.

أسست بمعية زوجك الأكاديمية اللبنانية للسينما وآخر أعمالك السينمائية كان {رصاصة طائشة}، فما واقع السينما اللبنانية؟

متطورة أكثر من الدراما، خصوصاً لجهة الانتشار والمضمون الهادف، باعتراف مصر وسورية، ونحن نفتخر بالمخرجين السينمائيين اللبنانيين من أمثال: زياد دويري وهاني طنبا، وبآخرين أمنوا لها ما يلزم من إنتاج على غرار نادين لبكي، جورج الهاشم، بهيج حجيج، دانيال عربيد وأسماء كبيرة قدمت أعمالها في المهرجانات العالمية ونالت جوائز.

في المقابل، ثمة سينما تجارية وأظنّ أنها لم تكسب ثقة الجمهور اللبناني بعد، فيما لا نزال بعيدين عن السينما التجارية الهوليوودية الحقيقية التي تستطيع كسب ثقة الجمهور ليلهث وراءها.

ما أعمالك السينمائية الجديدة؟

أحضر فيلمين، الأول ينطلق في سبتمبر المقبل وهو من كتابة ليال راجحة وإخراجها، والثاني من كتابة جورج خباز وإخراج طلاب جامعة سيدة اللويزة في لبنان، وسيفتتح مهرجان الطلاب في الجامعة وبعدها سيعرض في الصالات اللبنانية.

back to top