رؤية سيريالية في القضية الفلسطينية

نشر في 17-08-2013
آخر تحديث 17-08-2013 | 00:01
 عبدالهادي شلا سنسلك دربا آخر غير الذي يسلكه الآخرون ونترك متابعة ما يجري في العالم العربي خصوصاً بلاد "الربيع- الخريف" قليلاً، وسنبقى في الشأن الفلسطيني!

في الشأن الفلسطيني... ربما نخطئ  أو نختلف عن الآخرين في تصورنا، لكنها فكرة "خارج السياق العام" ألحت علينا وأردنا أن نجعل منها موضوعاً قد يأتي من ينقذنا من ضجيجها ويخرج علينا بحل أو تصور شكل من أشكال التوافق، ونحن نأمل أن تقصر لنا الطريق إلى تحقق الهدف الفلسطيني بإقامة دولتهم التي يريدونها كاملة غير منقوصة من عدو يسيطر عليها.

وبنبرة حادة أكبر نقول إنه عدو لا يسيطر عليها فحسب بل يملكها فعلاً بقوة تنامت وتجذرت حتى بات الكثيرون يرون حقيقة أن الاستمرار في التعامل مع هذا العدو مضيعة وقت وتلاعب في ما يصدر عنه من تصريحات حول المفاوضات وشكل الدولة التي أصبح لها كرسي في الأمم المتحدة (بصفة مراقب)، الأمر الذي لم نلمس منذ إعلانه أي تغيير على الحالة الفلسطينية سوى شعارات جديدة تتناسب مع الحدث واسم الدولة.

منذ "اتفاقية أوسلو" وعودة القيادة الفلسطينية والآلاف من أبناء فلسطين من المنافي معها، والحديث يدور عن شكل الدولة الفلسطينية التي تم الاتفاق على شكلها في "أوسلو"، ولكن بنود هذه الاتفاقية حين تيسر الاطلاع عليها كانت مجحفة بحق القضية وأصحاب الأرض الأصليين الذي ارتضت قيادتهم في حينها بصيغة هذه الاتفاقية على أمل أن يتم الحصول على مميزات إضافية، وأن عملية التفاوض قد بدأت فهذا يعني أنه سيكون هناك بعض الإضافات بتبادل أرض بأرض أو حصة مياه بآخرى وهكذا.

ولكن الأمر لم يأت على هوى وتصور المفاوض الفلسطيني، فبعيداً عن الأعين في وقت كانت تجرى فيه لقاءات أخرى نجد أنه من الإنصاف هنا أن نذكر "المرحوم الدكتور حيدر عبد الشافي والدكتورة حنان عشرواي" وما قاما به من جهود وبعد ذلك ما تمخض عن محادثات كانت تجري بسرية تامة في "أوسلو" الكل يعرف تفاصيلها.

إذن، هناك اعتراف بدولة إسرائيل قد تم، وعليه يجب أن يكون أي تغيير أو تنفيذ لأي بند من بنود الاتفاقية أن يتم عن طريق لقاءات واتفاقات بين ممثلي الطرفين، فتلك هي الدبلوماسية أو "السياسة"!

مضت سنوات على هذه الاتفاقية، ومرت عليها أحداث جسيمة تحمل الشعب الفلسطيني القسط الأكبر منها، بل بما كان فيها ما هو أكبر من طاقته وقدراته، ولعلنا نوجز بأن هذه الأحداث قد تكللت بـ"انقسام فلسطيني" كان أثره المدمر أكبر بكثير من اغتصاب الأرض كلها، ذلك أن هذا الانقسام قد أنقذ إسرائيل من تلبية الكثير من المستحقات عليها بحجة أنها لا تجد من تتفاوض معه، وانفردت بكل طرف على حدة كي تحقق مشاريعها، فهي مازالت تتحكم في مداخل ومخارج الضفة الغربية حتى التي من المفترض أن تقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، كما أنها عقدت اتفاقاً مع حكومة غزة المقالة بعد الاجتياحين الكبيرين لغزة مما أوقف تهديد البلدات القريبة من حدود غزة الشمالية!

أجمع الفلسطينيون على أن "الانقسام" هو نكبة كبرى وانشغلوا به وبتصفية آثاره التي مازالت قائمة ومتعثرة لأكثر من سبب لا يخفى على أبسط المتابعين.

نقرأ التاريخ لنعرف أنه بعد الحرب العالمية الثانية جلس المتحاربون على الطاولة وعقدوا الاتفاقات التي بقيت سارية حتى تكللت باتحاد أوروبي أصبح له ثقل ودور مواز لدور الدول الكبرى التي كانت تخطط وترسم الحدود وتقتسم الثروات بطول العالم وعرضه منفردة.

الحقيقة التي يعرفها من يخوض حرباً هي أن نهاية هذه الحرب انتصار طرف على الآخر، ومن ثم يتم الاتفاق على طاولة مفاوضات بشروط تلزم الطرفين وإن  كانت مجحفة في حق المهزوم!    

هل قامت إسرائيل بما تم الاتفاق عليه؟

المفاوضون الفلسطينيون، وهم أصحاب الأرض الحقيقيون تنازلوا عن الكثير من الثوابت التي رفعوها شعاراً لسنوات طويلة من أجل دولة تجمع شتاتهم وتعيد لهم كرامتهم وفي مفاوضات مريرة بعد "أوسلو" لم يحصلوا على شيء يذكر.

وهذه الأيام تتناقل الأخبار أن مزيداً من المستوطنات والمشاريع ستقوم بها إسرائيل دون أي حساب للمفاوضات التي انطلق ماراثونها قبل أيام وسيستمر لتسعة أشهر بين شد وجذب وسط مخاوف من مضيعة الوقت في الفرصة الأخيرة وفي غياب موقف عربي مشغول بثورات وحروب داخلية متوزعة على دول عربية عدة دون تباشير لنهاية الصراع الداخلي مما يجعلنا غير متفائلين بقوة ضغط عربية ولو إعلامية!.

سألنا سؤالاً وهو: هل قامت إسرائيل بما تم الاتفاق عليه؟

يجزم الجميع أن تاريخ الدولة الغاصبة كله مراوغة ومضيعة للوقت، بل وأكثر فهذه الدولة الغاصبة تلعب بنار وتؤججها لينشغل العالم عن توسعاتها وأطماعها ليس في فلسطين فحسب بل أبعد من ذلك، وهي تزرع عيونها في كل مكان بلا هوادة.

إذن... ماذا أمام الفلسطينيين؟ البديهية تقول ان توحيد الصف أمر واجب، وعلى طرف من غير المنقسمين أن يتخذ خطوة غير مسبوقة بالانتفاض على الطرفين ولو كان باهظ التكاليف على الشعب المرهق، لكنه سيكون مخرجاً مشرفاً لتوحيد الصف "غصباً عن الجيل القديم"... الذي استنفد كل طاقته ولربما "وطنيته"!

* كاتب فلسطيني- كندا

back to top