حوار الطرشان: القمة والسفح

نشر في 16-03-2013
آخر تحديث 16-03-2013 | 00:01
 فيصل الرسمان من وجهة نظري أرى أن القاعدة هي "الشر"، والاستثناء هو "الخير"، وأيام التاريخ الطويلة تشهد لي بذلك وتسجل، ومن يخالف وجهة نظري هذه فما عليه سوى قراءة أوراق التاريخ البيضاء والصفراء أو حتى السوداء، ليدرك صدق قولي.

وعلى هدي من القاعدة والاستثناء، فإن الناس وفقاً لذلك ينقسمون إلى قسمين؛ الأول، يتربع عنوة على القمة. والثاني، ينبطح قسراً في السفح.

وكل قسم منفصل عن الآخر وغير متصل به، إلا أنه توجد بعض الطفيليات التي تعيش في الشقوق بين أهل القمة وأهل السفح، تقتات على مآسي أهل السفح، وتلتقط الفتات المتساقط عليها من أهل القمة.

وهذه الطفيليات لها دور أساس، يكمن في تحقيق رغبة أهل القمة، إذا ما حدث صراع في الأعلى، فتجدهم بناء على طلب النخب هناك، يسعون جاهدين إلى تحريك أهل السفح ودفعهم نحو الفوضى من أجل دعم هذه النخبة ومناوئة تلك.

وينتهي دورهم المطلوب في أداء تلك المهام، بعدها يتراجع أصحاب الشقوق إلى شقوقهم انتظاراً للمهمة القادمة.

*ملاحظة- أنا لا أعمم لأن التعميم لغة الجاهل- وحديثي لن يكون عن مجتمع دون الآخر، وإنما سيكون عن مجتمعات كثيرة ينطبق عليها الوصف الذي عنيته -أولاً- أهل القمة.

في القمة يتربع الحكام، ويأتي بعدهم أصحاب النفوذ من الأثرياء، وذوو المراتب العليا، كلهم محاطون بأنواع من الترف الفكري والجسدي، ذاك الترف الذي يتجلى واضحاً في أحاديثهم ويظهر في صخب احتفالاتهم، لديهم مشاكل وهموم واهتمامات، ولكن مشاكلهم تختلف بالمجمل عن تلك التي يعرفها الناس، وهمومهم تخرج عن نطاق الهموم التي تحيط البسطاء من الناس، واهتماماتهم مقطوعة الصلة بتلك التي يسعى إلى تحقيقها الناس.

فأصحاب القمة تحركهم المصلحة الشخصية، ويدفعهم الطمع دفعاً يكاد يخرجهم من طبيعتهم الإنسانية في كثير من الأحيان، ويثيرهم حب السيطرة والاستيلاء، لأنهم يرون في أنفسهم خصاصة غير متوافرة لغيرهم من الناس.

ينظرون إلى الأمور نظرة مادية خالية تماماً من العاطفة، لأن الأمور بالنسبة إليهم لا تقاس إلا بقدر الربح المتحقق، والخسارة المتوقعة، ومن بين هذين المبدأين، تُتخذ القرارات وتكون الانطلاقة.

وهم بمجموعهم -أي أهل القمة- يشكلون النخب الاقتصادية، والسياسية، وحتى الاجتماعية، وتجدهم محاطين بإطار لا يمكن اختراقه، وإن استطاع البعض من أصحاب الشقوق اختراقه، فلابد عليه بعد ذلك أن يتلبس طباعهم، ويعيش في دائرة فكرهم، ويتنكر لما عداهم، حتى يتعود السير على النهج الذي وضعوه.

أما القانون الذي يحكمهم وينظم التعاملات بينهم فهو قانون من نوع خاص، قانون يتبسم إذا ما لقي الرضى من أهل القمة، لأنه ما وجد إلا لخدمتهم والسهر على مصالحهم.

* أترك أهل القمة، لأذهب إلى أهل السفح... وللحديث بقية... والسلام.

back to top