ماء الكلام

نشر في 10-05-2013
آخر تحديث 10-05-2013 | 00:01
 زاهر الغافري  

1-

هكذا... تنامين هذه الليلة، نهرا من البلّور يصفعه الحنين إلى المصب

هكذا، كعرافة ترشد باللمس ساقية من الضوء اليأس وقد ازرقّ على كتفي

هو ليلك الآخر. أمن أجل هذا ودائما يستيقظ الحرية في رأسي فينسكب

من فمك ماء الكلام، أنت تلميذة الألم الوفية، مرآة الفراغ المكسورة،

لسان الهواء الجارح، هل كان الوقت باكراكي تسير الصحراء إلى حتفها

بين يديك.

2-

الغرفة باردة، النافذة بئر العالم الأولى، هل كان ظل الشمعة طويلا فوق

السرير، كي يسافر مغمض العينين، هل كانت نظرتك الأخيرة ملتقى الأفلاك

النظرة التي من فجرها العميق ترتفع أبخرة الأسطورة ضائعة في الوديان

نظرة الأسماك وهي توحي بالفشل في آخر السهرة. ليلة بعد ليلة، عندما الماضي يشق صدره بيديه، يوقظ غيابك غبار اللذة.

 

3-

في الصباح كطائر الألم يتبع كالأسير نحو فخاخ حيرتك الطويلة، الصباح أيضا زند الحياة المكسور، وخسارة بيضاء، سارق فقاعة الليل المليئة بالذهب.

4-

 الظل وهو يمشي فوق جبهتك كالأعمى، الضباب الذي صنعته أنفاسك

يهبط على الأرض كستارة طويلة، بلا أجنحة، الحائط هو حائط الذكرى

هو فراغ يديك الذي تعبره الخيول والثلج يسقط بغزارة فوق سرة الصباح .

5-

وهكذا قبل أن تكوني، كنت أنا كالنائم أهرب إليك، أسرار العالم فوق ظهري

عبر صحراء طويلة ومجهولة، عبر الغابات والجبال، طريقي يغمره نور خفيف يسيل ليلا، من فؤوس البرابرة، وعندما عبر الريح من بعيد، أشم رائحة الأعداء

كالساحر ألوي ظل الأفق على وسطي، وها أنا اليوم، أحمل إليك خوف المعرفة

وحيدا وحزينا كنافذة هجرها الحائط إلى الأبد.

 

رمال الولادة

 

في الماضي، عندما كانت تلمع الرمال الأولى للولادة، عندما كانت تزورني الكلمة

كنهر قديم يفيض من فراغ العالم، في الماضي، كنت أتقدم كضوء الشمعة الذي

ناضل طويلا كي يصل إلى كل الجهات، ولكن ها أنا اليوم، أصادف نفسي أمام النافذة نفسها دائما، كحقيبة تضج فيها عاصفة كبيرة، كفجر تجوف جبهته نظرة أخيرة، لرجل وحيد يموت على الشرفة، نظرة غامضة لكن في قلبها ينام بركان صامت. لقد ذهب الجميع هذه الليلة فبقيت وحدي أرتب الريح في الخزانة العالية

كراع يجر صاعقة بين الجبال، المقاعد المبعثرة في رأسي، يحتلها أصدقاء وهميون

وكلما فتحت عيني على ضوء باهت، من بعيد أرى القطار الذي سيعبر صدري دون توقف أبدا، أرى النسور وهي تستعد للقفز، بقوة إضافية، ومن أحداقها الشبيهة بالمنفى،

 يرتفع دخان الطفولة.

 

كيد الغريق...

تدخلين اليوم، كصرخة الضحية المقذوفة من بعيد، تحمل في قلبها سرها الضائع

ظلك الذي تحرسه أجراس الرغبة، يجرح بحافره جبهة الأرض، كيد الغريق

المشدود إلى مصيرها، يرسو صمتك على رصيف القدر، والريح لا تكف عن الانحناء، أمام المعجزة. تأتي هذه اللحظة كما لو أنها، اعيدت إلى قلبها المشقوق

منذ الولادة، وها هي الأيام تفتح أخيراً أبوابها المرصعة بالنجوم للكارثة التي تعبت

من الانتظار.

back to top