بدائل جديدة عن الوارفارين
قد تكون الأدوية الجديدة أفضل خيار عند بدء معالجة الرجفان الأذيني لكن لا تغيّر العلاج إذا كان الوارفارين يفيدك!
هل حان الوقت لتوديع الوارفارين (كومادين)؟ يتوقف الجواب على مدى تجاوبك مع الوارفارين وتجربتك السابقة معه إذا وُجدت.طوال 60 سنة تقريباً، كان الأطباء يصفون الوارفارين لتجنب تخثر الدم الذي يسبب جلطة دماغية عند المصابين بالرجفان الأذيني. لقد صمد هذا العلاج طوال هذه الفترة لسبب وجيه: هو مفيد جداً بالنسبة إلى الكثيرين بحسب قول د. كريستيان راف من مستشفى بريغهام للنساء التابع لجامعة هارفارد. لكن لا يقتصر الأمر على ذلك.يذكر د. راف: «إنه واحد من أصعب وأخطر الأدوية الموجودة في أوساط الممارسة العيادية. عند النظر إلى المرضى الذين بدأوا علاج الوارفارين، من الملاحظ أن نصفهم يتوقف عن أخذه أو أنه لا يعود جزءاً من جرعة علاج تجلط الدم بعد فترة». تتراوح تلك الجرعة بين 2 و3 وفق اختبار «النسبة المطبّعة الدولية»، وهو قياس لسرعة تخثر الدم. لا يحقق الأفراد خارج هذا النطاق العلاجي الضيق أهداف علاج تخثر الدم: الجرعة المفرطة تجعلهم أكثر عرضة لمشاكل النزيف والجرعة الناقصة تزيد احتمال إصابتهم بتخثر دم خطير.في عام 2010، صادقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أول بديلين عن الوارفارين للأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني غير الصمامي: «دابيغاتران» (براداكسا) و»ريفاروكسابان» (كساريلتو). تمت المصادقة على بديل ثالث هو «أبيكسابان» (إليكيس) في عام 2012. ثمة خيارات الآن للأشخاص الذين أصيبوا حديثاً بالرجفان الأذيني والذين يأخذون الوارفارين أصلاً.أدوية تزداد رواجاًالوارفارين هو جزء من الأدوية المسماة مضادات التخثر التي تعيق جزءاً أساسياً من عملية تخثر الدم. تستهدف مضادات التخثر الثلاثة الجديدة أجزاء مختلفة من عملية التخثر.يهدف علاج مضادات التخثر إلى إبطاء عملية التخثر بما يكفي لمنع جلطات خطيرة، لكن ليس بالفاعلية نفسها في حال وجود نزيف داخلي خطير. يتطلب الأمر توازناً دقيقاً.تتعلق إحدى مشاكل الوارفارين الأساسية بصعوبة إيجاد توازن صحيح. تؤثر أنواع شائعة من الأدوية والأغذية والمكملات الغذائية على نسبة فاعلية الوارفارين. بحسب هذه العوامل وغيرها، قد تعطي الجرعة نفسها من الوارفارين مفعولاً مفرطاً أو ضئيلاً لمكافحة التخثر في أوقات مختلفة.لهذا السبب، يجب أن يخضع الأشخاص الذين يأخذون الوارفارين لاختبار «النسبة المطبّعة الدولية» بشكل دوري بحسب قول د. دانيال سينغر، أستاذ طب في كلية هارفارد الطبية.لا يسهل بلوغ هدف اختبار «النسبة المطبّعة الدولية» دوماً، لذا يصف الأطباء الآن بعض مضادات التخثر الجديدة أكثر من الوارفارين للأشخاص الذين يبدأون العلاج بمضاد تخثر جديد أو مختلف.لكن يفضل أطباء كثيرون الانتظار إلى أن يتأكدوا من أن هذه الأدوية التي تمت المصادقة عليها حديثاً لا تسبب أي آثار جانبية غير متوقعة على المدى الطويل بحسب رأي سينغر الذي عاين الشركات الثلاث التي تصنّع مضادات تخثر جديدة.يتفوق الوارفارين على جميع الأدوية الجديدة من ناحية واحدة: كلفته أدنى من غيره بكثير. عند إضافة تكاليف اختبار «النسبة المطبّعة الدولية»، تصبح العناصر الجديدة أعلى كلفة بثلاثين مرة تقريباً. شركات التأمين العامة والخاصة تجعل كلفة الأدوية الجديدة مقبولة بالنسبة إلى الكثيرين، لكن لا شك أن زيادة استعمال هذه الأدوية الباهظة ترفع تكاليف الرعاية الصحية في كل بلد. أدوية أكثر فاعليةالوارفارين مفيد للغاية. فهو يخفض الجلطات الدماغية الناجمة عن تخثر الدم بنسبة تفوق الـ60%. يقول د. راف: «إنها نسبة مدهشة».لكن قد تكون مضادات التخثر الجديدة أكثر فاعلية. يقول د. سيباستيان شنيويس، أستاذ طب في كلية هارفارد الطبية: «تبدو مضادات التخثر التي تأتي على شكل أقراص أكثر فاعلية بالنسبة إلى الجميع».لكنّ التجارب العيادية هي مصدر معظم البيانات حول فاعلية هذه الأدوية الجديدة في تجنب الجلطات. ويميل الأشخاص المشاركون في التجارب العيادية إلى أخذ أدويتهم بانتظام أكثر مما يفعلون في عالم الواقع.يقول د. راف: «الأنواع الجديدة قصيرة المفعول. عند تفويت جرعة أو جرعتين أو ثلاث جرعات، يفتقر الجسم إلى مضاد التخثر. لكن مع الوارفارين، يحافظ الجسم على ما يكفي من مُسيّل الدم حتى عند تفويت جرعة أو جرعتين».مضادات أكثر أماناًيتعلق الأثر الجانبي الأخطر لمضادات التخثر بالنتيجة المباشرة لطريقة عملها: إبطاء تخثر الدم يعزز احتمال النزيف.يوضح د. سينغر: «مضادات التخثر الجديدة سيئة بقدر غيرها أو أسوأ منها في ما يخص معظم أنواع النزيف، لا سيما النزيف المعوي، لكنها تتمتع بميزة إيجابية: هي تخفض خطر النزيف داخل الدماغ وفي محيطه بنسبة تتراوح بين 33% و50%. إنها الميزة التي يحبها الأطباء والمرضى. يبقى النزيف داخل الجمجمة نادراً نسبياً لكنه يعكس أخطر خاصية سامة لمضادات التخثر».لا تغير العلاج إذا كان الوارفارين يفيدكثمة مجال واحد يتفوق فيه الوارفارين على الأدوية الجديدة: سلامة الدواء. بسبب احتمال النزيف، تصبح الجراحة الطارئة أخطر بالنسبة إلى المرضى الذين يأخذون مضادات التخثر. ثمة ترياق للوارفارين (جرعة من الفيتامين K) وهو يعيق أثر الدواء في مجال مكافحة التخثر. لكن مع العناصر الجديدة، يجب أن ينتظر الأطباء بكل بساطة أن يتراجع مفعول الأدوية تدريجاً.بشكل عام، تتسم الأدوية الجديدة بمواصفات آمنة أفضل من غيرها بحسب رأي د. راف: «الآثار الجانبية موجودة طبعاً. لكن يعتبر معظم الخبراء أن هذه الأدوية الجديدة هي أفضل بكثير من الوارفارين من ناحية السلامة».بسبب أمان وفاعلية الأدوية الجديدة، يجب أن يتحدث كل من يبدأ علاجاً مضاداً للتخثر من أجل معالجة الرجفان الأذيني مع طبيب القلب لمعرفة ما إذا كانت مضادات التخثر الجديدة تستحق كلفتها.