بعد 23 عاما «التمييز» تنصف أسرة كويتية وتثبت أن والدها استشهد بإطلاق نار الجيش العراقي

نشر في 12-05-2013 | 00:01
آخر تحديث 12-05-2013 | 00:01
No Image Caption
مكتب الشهيد رفض الاعتراف به لعدم الإثبات وأسرته استندت إلى شهادة الوفاة
بعد مضي 23 عاما من المطالبة لمكتب الشهيد قضت محكمة التمييز برئاسة المستشار محمد يوسف الرفاعي بإلزام وكيل الديوان الأميري ورئيس مكتب الشهيد بصفتهما بإلغاء قرار الامتناع الصادر بعدم تسجيل أحد المواطنين ضمن قائمة الشهداء الذين تعرضوا للقتل على أيدي النظام العراقي الغاشم في عام 1990، وأكدت المحكمة أن المتوفي يستحق أن يكون ضمن المستفيدين من المرسوم الأميري الخاص بالشهداء.

وتتحصل وقائع القضية الغريبة من نوعها في أن أسرة المواطن تقدمت بدعوى قضائية عام 2005 بطلب إلزام الديوان الاميري ومكتب الشهيد باعتماد والدهم ضمن الشهداء وتكريمه طبقاً للمرسوم رقم 38 لسنة 1991 اعتباراً من تاريخ وفاته في 18/9/1990 اثناء الاحتلال العراقي للبلاد تأسيساً على أن قوات الاحتلال قتلت والده بعدة طلقات نارية في أنحاء مختلفة من جسمه أثناء تواجده داخل منزله بمنطقة صباح السالم التي كانت بالقرب من معسكر الجيش العراقي بما يقطع بأن وفاته حدثت بسبب الغزو العراقي للبلاد وهي إحدى الحالات التي اعتبرها القرار رقم 1 لسنة 1991 الصادر عن رئيس مجلس الأمناء من بين الشهداء.

شهادة وفاة

 وقد تقدمت أرملته بطلب لمكتب أمناء الشهيد أرفقت به الشهادة الصادرة عن وزارة الصحة التي تفيد وفاته بسبب إصابته بعدة طلقات نارية أثناء فترة الغزو العراقي إلا أنه تم رفض طلبها رغم كثرة الالتماسات المقدمة منها، الأمر الذي أدى إلى رفع الدعوى والتي أنتهت بحكم محكمة أول درجة برفضها لعدم الاثبات وتأيد الحكم من محكمة الاستئناف فطعنت الأسرة على الحكم أمام محكمة التمييز.

وقالت المحكمة إنها ندبت إدارة الخبراء بوزارة العدل لتندب أحد خبرائها لأداء المأمورية التي طالبتها بها المحكمة، وانتهت إلى أن مكتب الشهيد قام بفتح ملف بناء على الطلب المقدم من أرملة المتوفى بتاريخ 16/5/1991 أرفق به المستندات المقدمة منها وهي البطاقة المدنية للمتوفى وصورة جواز سفره وشهادة وفاته صادرة من وزارة الصحة بتاريخ 16/7/1991 وأضافت أن لجنة إدارة العمل الميداني المنبثقة عن مجلس الأمناء أفادت بعدم إمكان الوصول إلى الحقيقة في وفاة والد الطاعنين كما أكد الخبير عدم التثبت من حالة الوفاة للحالات التي كانت بالغزو.

وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها ان رقابة القضاء الإداري في وزن القرارات الإدارية، وإن كان ينبغي أن يقف عند حد توافر المشروعية أو عدمها من خلال الرقابة القانونية على تصرف الجهة الإدارية إلا أن له بحث الوقائع التي بنى عليها القرار الإداري بقصد التحقق من مطابقته أو عدم مطابقته للقانون.

سبب الرفض

وأضافت: لما كانت الجهة المطعون ضدها أفصحت عن سبب رفضها اعتبار والد الطاعن من بين الشهداء الذين ينطبق عليهم الوصف الوارد بقرار رئيس مجلس الأمناء رقم 1 لسنة 1991 باعتبار أن أرملة المتوفى لم تقدم الدليل على صحة ادعائها بوفاته مقتولاً بعدة رصاصات في جسمه نتيجة أعمال البطش التي مارسها جنود الغزو العراقي خلال الفترة التي احتلوا فيها أرض الكويت من 2/8/1990 وحتى شهر مارس 1991، وكان القرار المشار إليه قد نص على أن (تسري أحكام المرسوم رقم 38 لسنة 1991 على كل كويتي أو من في حكمه مات أثناء الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت في الثاني من أغسطس أو بسببه...) وذلك وفقاً للحالات الوارده فيه والتي تضمنت في البند أولاً بالفقرات الخامسة والسادسة والسابعة منه».

 وقد تم إرفاق ملحق بالقرار تضمن الإجراءات الواجب اتباعها لاعتماد الشهيد ومن بينها (أولاً- على أهل المتوفى أو ذوي الشأن التقدم إلى مكتب الشهيد- إدارة العمل الميداني- مصطحبين المستندات المطلوبة معهم، بينما الأمر الثاني هو أن تقوم إدارة العمل الميداني بإجراء البحث اللازم في ظروف الوفاة وإعداد تقرير بما يسفر عنه البحث ويفتح ملفا خاصا بالمتوفى.

 عبء الإثبات

ولفتت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أن المستفاد من ذلك القرار رقم 1 لسنة 1991 افترض عدة حالات حدوث الوفاة بسبب الغزو العراقي، إذا وقعت في الفترة من شهر أغسطس 1990 وحتى نهاية فبراير 1991 وبذلك خفف عبء الاثبات عن عاتق أهل المتوفى وأقام قرينة لصالحهم على أن الوفاة حدثت بسبب قوات الغزو ما لم يثبت من تحريات اللجنة عكس ذلك باعتبار أن من يتمسك بالثابت أصلاً أو ظاهراً أو فرضاً لا يقع عليه عبء الإثبات بل يقع على من يدعي خلاف الأصل أو الظاهر أو المفروض.

وقالت المحكمة ان الثابت من المستندات المقدمة من أرملة المتوفى أنه لم يغادر البلاد خلال فترة الغزو العراقي وآثر البقاء في أرض الوطن باعتباره من موظفي الدولة (مفتش في المطار الدولي) الأمر الذي يُقوي القرينة التي افترضها القرار رقم 1 لسنة 1991 في شأن اعتماد تعريف الشهيد، وأن وفاته كانت بسبب قوات الاحتلال لا سيما أنه لم يتسن للجهة الإدارية تشريح الجثة للاستدلال على ما فيها من آثار الاعتداء، وقد تضمنت المعلومات عن الحادث التي أوردها مكتب الشهيد عند بحث احتياجات الأسرة أن سبب الوفاة يرجع إلى (أن الجيش العراقي اقتحم المنزل على الشهيد أثناء الليل وأطلقوا عليه عدة أعيرة نارية حسبما ورد بشهادة الوفاة)، الأمر الذي يجعل الأسباب التي أوردها مكتب البحث الميداني مرسلة لا يساندها ثمة دليل، أما ما أورده من قيام خلاف بين الأرملة وزوجها قبل وفاته إنما جاء لإلقاء ظلال الشك حول سبب الوفاة واحتمال أن تكون جنائية، دون أن يستنهض جهده في البحث عن الدليل المستفاد من قرينة وفاة والد الطاعنين في أثناء فترة الاحتلال وبالطريقة التي تمت بها.

الأمر الذي يجعل القرار الصادر من لجنة تسمية الشهيد برفض اعتبار والد الطاعن شهيداً غير قائم على سبب صحيح متعيناً القضاء بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إفادة الورثة بما فيهم الطاعن من التكريم الذي حدده المرسوم رقم 38 لسنة 1991.

وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يكون متعيناً القضاء بإلغائه، وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.

back to top