حل مشكلة التلوث في الصين والتوتر السياسي يكمن في التكنولوجيا اليابانية

نشر في 09-03-2013 | 00:01
آخر تحديث 09-03-2013 | 00:01
مع استيراد اليابان صادرات صينية لم تطلبها قط - وهي سحب تلوث سامة - تعمد إلى تسريع نقل تقنيتها النظيفة الصديقة للبيئة بأمل أن تتمكن من المشاركة في تنقية الهواء، واصلاح الروابط مع جارتها القوية، وهو أمر لن يضر أيضاً.

 يقول جنكو ايداهيرو وهو الرئيس التنفيذي لما يعرف باسم اليابان للاستدامة، وهي مؤسسة بيئية غير حكومية في طوكيو «تقوم اليابان في الأساس بمساعدة الصين على خفض الانبعاثات الملوثة من خلال نقل التقنية. ولكن يوجد الكثير الذي يتعين عمله».

والآن، ومع تهديد السخام الضار لسواحلها تعرض اليابان المزيد من المعرفة الفنية الى الصين التي تعاني درجات متزايدة من التلوث. وفي الآونة الأخيرة، وكجزء من سعيها الى تحسين العلاقات الثنائية واجتناب المزيد من العداء حول الجزر المتنازع عليها بين البلدين تم توقيع اتفاق جديد يعد بزيادة المشاطرة في تقنية التحكم بالتلوث مع الصين. وقد وافقت طوكيو وبكين بشكل أساسي على تسهيل التعاون التقني في محاولة لوقف التلوث المروع في الهواء الذي يفضي الى دمار ليس في الصين فقط بل في كوريا المجاورة وفي جنوب غرب اليابان.

كانت الصين متريثة ازاء اعتماد اجراءات للتحكم بالتلوث وتطبيق قانونها الخاص بالهواء النقي، غير أن الاضطرابات الاجتماعية المتزايدة بشأن البيئة في الصين دفعت المكتب السياسي الى التحرك والعمل. كما أن الكشف الذي تم حديثاً حول وجود ما يدعى بالقرى السرطانية في داخل الصين والمستويات التي لا يمكن السكوت عنها من سخام المدن قد زادت من الضغوط على الحكومة.

ويبدو أن اليابان تمثل الشريك المثالي للصين في محاولتها للتنظيف. وبعد كل شيء فإن لدى اليابان السجل ذاته في ما يتعلق بالكوارث البيئية في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي بحسب قول يوشيهيتو ايواما مدير مكتب البيئة في اتحاد الأعمال الياباني المعروف باسم كيدانرن. وقد تم حل محنته من خلال وضع قوانين وتقنيات جديدة من أجل التعامل مع التلوث، والذي أضاف «لقد اختب رنا البعض من المشاكل المروعة في التلوث في الماضي واستطعنا التغلب عليها، وخاصة تلك المتعلقة بتلوث الهواء، ولذلك نحن على استعداد للتعاون مع الصين في مجال المشاركة في تقنيتنا الخاصة بمكافحة تلوث الهواء».

ويشير ايواما أيضاً الى تقيد المعامل اليابانية التي تعمل في الصين بقواعد التحكم البيئية الصارمة والتي يمكن أن تكون نموذجاً لأصحاب المعامل في الصين.

وتتصدر الأجندة الآن جهود منع انتشار ما يدعى بي ام 2.5 من تلوث الهواء – ذرات محمولة في الهواء وضارة تصل الى 2.5 من الألف من المليمتر التي تستطيع التغلغل بعمق في أنسجة البشر، وتسبب مشاكل صحية خطيرة. ولدى اليابان التقنية التي تساعد في رصد أصل بي ام 2.5 والتنبؤ بانتشارها، وذلك بحسب مسؤولين يابانيين.

وبينما تعمد الحكومتان الى وضع تفاصيل الاتفاق فإن الشركات الخاصة مثل شارب وباناسونيك حصدت ثروات غير متوقعة من خلال بيع أجهزة الكترونية الى الصين، والتي تساعد على تنقية الهواء. وقد تضاعفت مبيعات شركة شارب من أجهزة تنقية الهواء- التي تقرها الصين وتقول إنها تزيل 99 في المئة من ذرات بيي ام 2.5 – ثلاث مرات في شهر يناير الماضي مقارنة مع الشهر نفسه من سنة 2012.

 وتقول المتحدثة باسم شركة شارب «إن ادراك الأوضاع الصحية والبيئية بين المستهلكين في الصين قد ازداد خلال السنوات القليلة الماضية، ولذلك فإن مبيعاتنا من أجهزة تنقية الهواء هناك تحقق أداء جيداً».

وعلى الرغم من المقاطعة غير الرسمية للبضائع اليابانية في الصين يشدد مسؤولو كيديران على أن العلاقات التجارية لا تزال ممتازة بين البلدين. ولليابان مصالح تجارية واسعة في الصين، وستستفيد بصورة ضخمة من سلسلة الامداد اذا كانت الصين جادة في مسألة تنقية معالمها، بحسب مراقبين.

   وتتعاون طوكيو وبكين عبر مبادلات تقنية في ادارة الفضلات والمياه. ولدى طوكيو، وهي أكبر مدينة في العالم وواحدة من أكثر التقنيات المتقدمة تقنياً في مجال أنظمة الصرف الصحي والتدوير في أي مكان من الأرض. وقد ساعدت تلك التقنية في اخراج طوكيو من أسفل لائحة الأمم المتحدة للمدن النظيفة لتصل الى مركز قريب من القمة.

وفي غضون ذلك تريد المدينة الثانية في اليابان – اوساكا – عرض أجهزتها العائمة المنقية للهواء التي تعمل بالطاقة الشمسية والتي تستطيع كل واحدة منها تنقية 2400 لير يوميا.

وعلى الرغم من أن سجل اليابان البيئي الحديث ليس من دون شوائب أو عيوب فإن التكنوقراط فيها يرون أنها قد تثير اهتمام الصين في تقنيات خضراء اخرى مثل المدن الذكية التي قامت بتطويرها في الآونة الأخيرة، والتي تساعد على تحسين التخطيط والتنمية المستدامة. وحتى كاواساكي وهي انتاج اليابان من النمو الصناعي البارز وغير المنظم تفاخر اليوم بمعرض «ايكو» الذي يحسن تقنياتها البيئية المحلية في العالم وهي تضم الآن أضخم مصنع للطاقة الشمسية في اليابان.

التغير في الصين قد لا يتم بسهولة تامة. وقد تتمكن صناعة التقنية الخضراء اليابانية من حشد الصين الرسمية الى جانبها، غير أن المؤسسات المملوكة للدولة والشركات المحلية قد تكون أقل رصداً من اليابان الصناعية التي تعود الى ثمانينيات القرن الماضي. وبعد كفاح طويل تعثرت الصناعة اليابانية في نهاية المطاف متأثرة بقانون الهواء النظيف في اليابان الذي صدر في سبعينيات القرن الماضي – على الرغم من التكلفة – نتيجة استمرار الضغوط الاجتماعية. وقد يثبت اقناع الصين القذرة والمربحة بقبول تقنيات اليابان الجديدة والباهظة لمقاومة التلوث أنه هدف آخر بشكل تام.  

* (مجلة فورتشن)

back to top