البحث عن فضيحة!

نشر في 19-03-2013
آخر تحديث 19-03-2013 | 00:01
 حمد نايف العنزي مع ترقب الجميع لحكم المحكمة الدستورية فيما يخص مرسوم "الصوت الواحد"، وتنوع المشاعر بين تخوف لجماعة الموالاة من صدور الحكم ببطلانه مما يترتب عليه الدعوة إلى انتخابات جديدة وفق الأصوات الأربعة وعودة أعضاء المجلس المبطل بكامل طاقمهم من جديد ليبسطوا سيطرتهم على المجلس كما حدث في السابق، وهو ما تتمناه جماعة المعارضة أو المقاطعة، ويبنون عليه الآمال العريضة للعودة المظفرة رغم توقعات معظم الخبراء الدستوريين التي ترجح الحكم بصحة ذلك المرسوم وبقاء الحال على ما هو عليه حتى عام 2016، وعلى من تضرر الانتظار حتى ذلك العام، أو الدعاء مبتهلاً إلى الله بأن تستمر الحكومة ووزراؤها في إفساد شهر العسل مع المجلس الحالي وكسب العداوة معه، وهو أمر محتمل الحدوث بشكل كبير، فليس هناك من هو أبرع من حكومتنا في كسب العداوات حتى من أقرب الناس المتعاطفين معها والمناصرين لها!

مع ذلك، حتى لو حدث بالفعل أحد هذين الاحتمالين، أي حكم المحكمة ببطلان المرسوم أو تأزم العلاقة بين الحكومة والمجلس، فإنني أرى من المبالغة وعدم الواقعية التصور بأن الأمور ستعود كما كانت قبل عام مضى، حين اكتسحت المعارضة الانتخابات لتفرز لنا المجلس الوحيد من بين كل مجالس الأمة السابقة الذي لا تسيطر عليه أغلبية حكومية، وهو حدث استثنائي كان نتيجة لظروف استثنائية قد لا تتكرر أبداً بسبب الضجة التي أثيرت آنذاك عن "الإيداعات" و"التحويلات المليونية" التي أججت غضب الشارع على الحكومة السابقة، وكانت سبباً في سقوطها وإعفاء رئيسها، وحولت في الوقت ذاته كل من دندن على وتر الفساد ومحاربة لصوص المال العام- حتى إن لم يكن لديه دليل واحد على صحة اتهاماته- إلى بطل شعبي!

ولا أظن أن الظروف الحالية ستكون مشابهة لما جرى في تلك الأيام فيما لو تمت الدعوة إلى انتخابات جديدة، فالوضع قد اختلف كثيراً، وصورة المعارضة- أو جزء كبير منها- قد تشوه كثيراً بعد أحداث المسيرات التي تمت داخل المناطق السكنية وما نتج عنها من سلوكيات فوضوية رفضتها غالبية الشعب الكويتي وفقدت على إثرها المعارضة كثيراً من أنصارها ومؤيديها.

كما لعب التعاطي السياسي "الساذج" الذي يعتمد على الفعل ورد الفعل دون منهجية ورؤية واضحة لقيادات المعارضة مع التكتيكات الحكومية والتسرع والتشنج، دوراً بارزاً في اتخاذ قرار المقاطعة دون التفكير لحظة بحساب المكاسب والخسائر الناتجة عن ذلك القرار، وقد أفقدهم بلا شك الكثير من ثقة مناصريهم وألقى بظلال الشك على قدراتهم السياسية وحنكتهم في التعامل مع المناورات السياسية التي تقوم بها الحكومة، وهي قدرات سبق أن أشرنا إلى تواضعها في مقالات سابقة، فقناعتنا منذ البدء كانت بأن هذه المعارضة تحمل بين جنبيها قلباً صادقاً، لكنها تفتقد إلى عينين ترى فيهما الطريق بشكل صحيح!

وإحقاقاً للحق، فإن كثيراً من نواب المجلس المبطل لا يزال يحافظ على شعبيته رغم كل شيء وعودته إلى المجلس شبه مضمونة تقريباً، لكن بالتأكيد لا تنطبق الحال على الـ35 نائباً في ذلك المجلس، وإن كان من عودة لأولئك النواب، فلن يتجاوز العدد 20 إلى 25 منهم، وهو أمر كان يمكن له أن يحدث لهم حتى في انتخابات مرسوم "الصوت الواحد"، ولو أنهم شاركوا فيها لأراحوا أنفسهم والجميع شر الفوضوية التي شهدناها في الأشهر الماضية قبل أن يحل الهدوء أخيراً، فالنتيجة كانت ستكون واحدة في الحالين، لأن الظروف الاستثنائية قد انتهت وفورة الغضب قد خفت كثيراً، وإن أراد القوم أن يعود الوضع كما كان إبان انتخابات المجلس المبطل- في حال حكمت المحكمة بالبطلان- فعليهم البحث عن فضيحة جديدة بحجم "الإيداعات" و"التحويلات"، أو أكبر قليلاً... إن لزم الأمر!

back to top