رولا حمادة: «جذور» أعطانا أملا بمستقبل الدراما اللبنانية

نشر في 11-06-2013 | 00:02
آخر تحديث 11-06-2013 | 00:02
شكل دوراها المتناقضان في مسلسل «جذور») كتابة كلوديا مرشليان، وإخراج فيليب أسمر، وإنتاج مفيد الرفاعي) فرصة ذهبية لانطلاقتها القوية نحو العالم العربي الذي تعرّف عليها في دور هادئ وراقٍ من خلال شخصيتي ديانا، ودينا توأم الأولى التي تعاني خللا نفسياً، فأثبتت أنها ممثلة قادرة على مواجهة أي دور يُسند إليها، سواء كان عادياً أو مركباً وصعباً.
الممثلة اللبنانية رولا حمادة التي تحصد اليوم نجاحها في «جذور»، تحدثت إلى «الجريدة» عن دوريها ورؤيتها للدراما.
لماذا وافقت على المشاركة في «جذور»؟

لأن شخصياته مكتوبة بطريقة جميلة وناضجة، ولأنه لا يكتفي بقصة واحدة، إذ لكل شخصية كيانها المستقل، ثم أغرمت بشخصيّة دينا، لأنني أجسدها للمرة الأولى ولأنها لم تُطرح في أي عمل درامي لبناني من قبل. عندما يتسنى للممثل أداء دورين مختلفين في عمل واحد، ويرى نفسه بصورتين متناقضتين، لا بد من أن يقبل بهذه التجربة التي يتحدى فيها نفسه.

هل تتكلين على إحساسك الفني في خياراتك أم  تركزين على أدائك  وتتركين الحكم للجمهور؟

أتكل على إحساسي الفني الذي يرتكز على مدى تماسك النص ومهنية المخرج والكاست الجيد. يتمتع الممثلون اللبنانيون، في غالبيتهم، بكفاءة عالية، وعندما يجتمعون في مسلسل معين يتأثر الجمهور إيجاباً ويقدّر العمل أكثر، خصوصاً إذا كان منفذاً بطريقة جيدة.

هل أدى الكاستينغ دوراً إيجابياً في نجاح «جذور»؟

طبعاً، رغم هفوات بسيطة تقتصر على وضع ثلاثة ممثلين في مكان غير مناسب لهم، إلا أن كاستينغ «جذور» يبقى الأفضل بين المسلسلات لأن الممثلين كانوا رائعين في أدوارهم.

هل يحقق النجاح الذي كان متوقعاً له؟

يتابع الجمهور هذا المسلسل بقوة في مصر والدول العربية ولبنان، والدليل التعليقات التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي والأصداء التي نسمعها في الشارع، وكلها تعبّر عن الإعجاب بهذا العمل.

شخصيتا دينا وديانا متناقضتان، فهل فوجئ الجمهور بظهورك بشخصية جديدة بعد مرور 12 حلقة؟

نظراً إلى عرض المسلسل عبر قناتي «أبو ظبي» و{النهار» المصرية قبل بدء عرضه في لبنان، تلقيت ردود فعل على دفعتين. اللافت أن الجمهور العربي الذي لم يكن يعرفني، فوجئ بعدما اكتشف أن دينا وديانا تؤديهما الممثلة نفسها، فيما  أعجب الجمهور اللبناني بدور دينا.

شخصية دينا دقيقة وصعبة فكيف حضرتها؟

زرت جمعية «سيزوبيل» التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، وصوّرت حالات مماثلة لشخصية دينا، فتمرّنت على تصرفاتها وصوّرت أدائي مراراً حتى قررت في النهاية الحركات التي يجب  توظيفها في الدور.

 

هل تدخّل المخرج في أدائك؟

وصلت شخصية دينا إلى مكان التصوير جاهزة، فاقتصر تدخّل المخرج على الغاء بعض الحركات التي تمسّ بالعين أو تلك التي فيها مبالغة، وأدخل تعديلات بسيطة.

هل تشاركك شخصياتك الدرامية تفاصيل حياتك اليومية؟

من الطبيعي أن أفصل بين شخصياتي الدرامية وحياتي اليومية، فلا يمكن حملها معي من مكان التصوير إلى منزلي. نادراً ما تسكنني إحدى الشخصيات فترة معينة إلا أنها تتركني تدريجاً.

نُقل اسمك إلى آخر جنريك المسلسل، ما السبب؟

طلبت من المنتج مفيد الرفاعي ذلك، لأن  المهم، برأيي، ليس مكان ورود الاسم بل عملي كممثلة وأدائي.

يؤدي الممثلون اللبنانيون أدوار البطولة في أعمال عربية مشتركة، فما انعكاس ذلك على الدراما اللبنانية؟

فتحت هذه الأدوار باباً جميلا أمام الدراما اللبنانية، نتمنى أن تستفيد منه، خصوصاً أن «جذور» حقق نسبة مشاهدة مرتفعة في مصر والدول العربية،  لذلك نحن أمام فرصة لإظهار تراثنا وطاقاتنا الدرامية، علنا نتفاءل قليلا بعدما باتت السوق اللبنانية مقفلة وغير قادرة على تحمّل أكثر مما يعرض عليها.

يتضمن «جذور» قصصاً مختلفة وشخصيات محورية، فهل يشكل  ذلك نقطة قوة للمسلسل أو يشتت اهتمام المشاهد؟

لا شك في أنه يشكل نقطة قوة. شخصياً لا أشارك في دور ما لم يتمتع بكيانه الخاص وقصته المستقلة، وهذه أمور غير متوافرة عادة في المسلسلات، إذ تُطرح قصة أو اثنتان، ويسير الممثلون في هذين الخطين كمساندين فيقتصر دورهم على دعم  تحركات الشخصيات الأساسية، بينما في «جذور» يعيش الممثلون قصتهم الخاصة، فلا ينحصر دورهم في التفاعل خدمة للغير بل  ثمة من يدعم قصتهم أيضاً.

 

هل يشجع ذلك الممثلين القديرين على المشاركة معاً في عمل واحد؟

طبعاً، لأن الدور المحوري هو الذي يجذب الممثل إليه.

شخصية ديانا ربما الأكثر تعبيراً عن عنوان المسلسل، لأنها تهجرت من عائلتها ووطنها بسبب الحرب، فما أهمية تعلق الإنسان بجذوره؟

صحيح، إنما ديانا تصالحت مع ذاتها في المسلسل أيضاً، وعندما يتصالح الإنسان مع نفسه يتصالح مع أرضه وعائلته ومحيطه. كل  شخص في «جذور» سيتصالح مع نفسه أي مع جذوره، في نهاية المطاف.

هل يمكن أن تطغى وفرة الإنتاجات العربية المشتركة على الإنتاج المحلي لتحلّ مكانه؟

أتمنى ذلك، عندها، لن يستخفّ القيمون على الإنتاج المحلي بمستوى الأعمال المحلية، وتضطر القنوات اللبنانية إلى تمويل الحلقة الدرامية اللبنانية، لأن سوقها اتسع وتحظى بنسبة مشاهدة مرتفعة.

يعيش الممثل اللبناني يوماً له ويوماً عليه، وها هي الممثلة آماليا ابي صالح تعاني المرض ولا يمكنها تأمين الاستشفاء، فأي مستقبل للممثلين اللبنانيين؟

الممثل اللبناني يدفع الضرائب من دون الحصول على ضمان الشيخوخة أو ضمان اجتماعي أو استشفاء، ويجب أن نسأل النقابات أين أصبح المشروع الذي أحيل إلى البرلمان اللبناني.

مثلت دوراً كوميدياً خفيفاً في «فارس الأحلام» فهل من مشروع في هذا الإطار؟

أعشق الكوميديا لكن الذين حاولوا كتابتها فشلوا ووجدوا أن الكتابة الدرامية أسهل، لذا من الصعب توافر نص كوميدي جميل أو مشروع في هذا الإطار.

هل انتقلنا من المواضيع الدرامية الضيقة الخاصة بمجتمع معيّن إلى المواضيع التي تهم المجتمع العربي؟

تتشارك المجتمعات العربية الثقافة نفسها تقريباً، والفارق ضئيل بين خصوصية مجتمع عربي وآخر لتوافر مواضيع متشابهة، مثل معاناة المتخلفين عقلياً والمهاجرين الذين تركوا وطنهم لسبب ما، والأشخاص الذين يقومون بأي أمر لمواجهة الفقر، فيبقى على الكتّاب اختيار الشخصيات والحبكات التي تشبه أكبر قدر ممكن المجتمعات العربية.

هل تتابعين الدراما الخليجية؟

عندما يتسنى لي الوقت، وهي في تطور مستمر على أمل أن تتقدم أكثر فأكثر.

نشهد ثنائية جديدة مؤلفة من كلوديا مرشليان وفيليب أسمر، فكيف تقيّمين العمل معهما؟

كلوديا صديقتي وزميلتي في التمثيل قبل أن تصبح كاتبة، وقد شكل دورا دينا وديانا باكورة تعاوننا وهما بمثابة هدية منها إليّ. بالنسبة إلى فيليب، فقد تابعت أعماله السابقة من دون أن نتعاون، بصراحة أعتبره نقطة اندفاع إضافية للمشاركة في المسلسل، لأنه مخرج متميز ويعيش أثناء التصوير في عالم خاص به، لذلك استغربت في البداية طريقته في العمل لكننا سرعان ما اندمجنا، فانعكس هذا الأمر إيجاباً، خصوصاً أنه يهتم  بالممثلين، فضلا عن أنني لمست تطوراً في عمله في «جذور» يختلف عن أعماله السابقة.

رغم اختلاف أسلوبي منى طايع وكلوديا مرشليان، هل ترين تميزّاً معيناً في كتابة شخصية المرأة عندهما؟

بصراحة نعم. انطلاقاً من النصوص اللبنانية التي قرأتها يمكنني القول إن الأدوار النسائية تختلف في تركيبتها عندما تكتب بقلم امرأة. تتصاعد شخصية المرأة بقلمي منى وكلوديا مع تطور الحلقات وتتجه حيث يجب أن تكون وتقول ما يجب قوله، وتتفاعل مع الأحداث، وهذا الأمر ينطبق على قلم الكاتب شكري أنيس فاخوري وحده  من دون سائر الكتّاب الرجال، لأنه الوحيد الذي يكتب أدواراً نسائية بإحساس المرأة، بينما المرأة في نصوص الكتّاب الآخرين تقف في مكانها وإن كانت بطلة المسلسل، ولا تتطور مع سياق الأحداث.

ماذا تحضرين بعد «جذور»؟

أصور مسلسل «واشرقت الشمس» للكاتبة منى طايع وإخراج شارل شلالا. لن أفصح عن تفاصيل دوري فيه لأنني فرحة بنجاح دورَيْ في «جذور» وأريد أن تبقى الأضواء مسلطة عليهما حتى انطلاقة المسلسل الجديد، لكني أقول إن هذا الأخير سيضاهي مستوى «جذور».

هل  جدد «جذور» طاقتك التمثيلية وإعاد اليك التفاؤل بالدراما اللبنانية؟

بالطبع، كنا نشعر بأننا في قمقم وفي مكان ضيق فيما نقف راهناً أمام طاقة صغيرة، أتمنى أن تتسع أكثر حتى تصبح باباً مفتوحاً أمامنا للانطلاق، في ظل وجود ممثلين رائعين ما زالوا مغمورين.

back to top